في زمنٍ تتداعى فيه الأمم أمام تحديات المصير، ينهض رجالٌ يحملون راية العزّة، ويخطون بدمائهم مسيرة الكرامة. منهم المجاهد عزيز أحمد قايد قايد المطري "أبو أحمد"، أحد منتسبي اللواء السابع احتياط في محافظة تعز، الذي جسّد بمواقفه روح الجهاد والتضحية، وانطلق في ميادين القتال دافعاً عن أرضه وعقيدته، مُعلناً أن طريق القدس يبدأ من هنا. من طلائع المجاهدين ينحدر أبو أحمد من قبائل بني مطر وعاش وترعرع بمديرية الوحدة بالأمانة العاصمة، حيث نشأ في بيئةٍ تربّت على حب الجهاد، والدفاع عن المقدسات. لم يكن مجرد مقاتلٍ عابر، بل كان نموذجاً للمجاهد الصلب الذي يُشار إليه بالبنان، يجمع بين إيمانٍ عميق، وشجاعةٍ نادرة، وتواضعٍ يلامس قلوب رفاقه. شارك في معارك الدفاع عن تعز، التي تُعتبر أحد أشرس الجبهات في السنوات الأخيرة، وكان دائماً في الصفوف الأولى، حاملاً سلاحه وإرادته كسيفٍ مُصلّتٍ في وجه العدوان، يقول أحد رفاقه: "كان أبو أحمد يُشعل الحماس فينا بكلماته قبل رصاصه، يذكرنا دائماً بأن الجهاد ليس قتالاً فحسب، بل إيماناً وثباتاً على المبدأ." شخصية جهادية نادرة تميّز أبو أحمد بالزهد في الدنيا رغم صعوبة الظروف، والتفاني في خدمة رفاقه، حتى في أحلك اللحظات كان يعتبر أن النصر هبة من الله، لكن الأجر الحقيقي هو الاستشهاد في سبيله. كما عُرف عنه حبه لقراءة القرآن وسط زخم المعارك، وكان يحث زملاءه بأن يكون سلاحهم الأول "اليقين بالله"، هذه الروح جعلته قدوة ليس فقط في القتال، بل في الأخلاق والثبات على الحق. حماسٌ لا يخبو لم تكن كلمة "حماس" مجرد شعارٍ يرفعه أبو أحمد، بل كانت منهج حياة، فكما يقول رفاقه، كان يردد دائماً: "إذا كان أعداؤنا يعتقدون أننا سنملّ أو نضعف، فليعلموا أن في صدورنا ما هو أعتى من الرصاص، إيمانٌ يحرق اليأس" . لقد حمل أبو أحمد نفس روح المقاومة التي تجسّدها المجاهدون في فلسطين، مؤمناً أن المعركة واحدة، وأن دماء المجاهدين في تعزوفلسطين تسيل من أجل غايةٍ واحدة: تحرير القدس والأرض والإنسان. إرثٌ يتجدّد اليوم، وبعد أن انتقل المجاهد عزيز المطري إلى -رحمة الله- تبقى سيرته شمعة تُضيء درب الأجيال القادمة. ففي وقتٍ يتسابق الكثيرون إلى الدنيا، يذكّرنا أمثاله بأن بعض الرجال يولدون ليكونوا أساطير تحكيها الأيام.