يعجز الإنسان إن يصف حال الأمة اليوم وما وصلت إليه من ضعف واستكانة وانبطاح، واقع كله ذل وصغار ومهانة حتى كاد العربي يشعر بالدونية ،وبالصغار وبعدم الثقة ويكاد أن يستحي أن يقول بين الأمم إنه عربي مسلم نظراً لحالة الهوان التي هو فيها ولحالات الميوعة والسيولة في المواقف من كافة التحديات التي تعترضه. وهذا الواقع ينطبق على كل الأقطار العربية دون استثناء الكل في وضع مزرٍ ومخجلٍ، العرب في المشرق أو في المغرب تائهون سلموا غزة للغطرسة الإسرائيلية، وظلوا يراوحون في موقف متبلد وراضخ إنه واقع مؤلم واقع تنزف له القلوب وتهتز له المشاعر ،وتنفر منه الغرائز الإنسانية السوية، وتذرف له العيون لهذا الواقع الذي تعيش فيه الأمة العربية هذه الأمة التي شرفها الله بالقرآن الكريم وشرفها الله بسيد المرسلين النبي الخاتم نبي الرحمة المهداة للثقلين والعالمين الذي خصه الله برسالة الإسلام التي هي ناسخة لكل الديانات وهي دين كل الأنبياء والدين الذي لا يقبل الله سواه (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ). هذه الأمة هي امة الخير والوسطية التي لا شطط فيها، ولا ترهل يقول الله سبحانه وتعالى :(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) ملة الإسلام جعلها أمةً من خير الأمم لغتهم العربية لغة أهل الجنة وهم خير أمة أخرجت للناس لماذا يا الله تخص ملة الإسلام بهذه الميزة والكرامة؟ قال سبحانه في سورة آل عمران : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). إنها الأمة الوحيدة من بين الأمم والملل التي صدقت وآمنت بكل الأنبياء والرُسل من آدم أبو البشر حتى محمد النبي الخاتم بشهادة القرآن الكريم يقول جل جلاله : (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) أمة الإسلام حباها الله بدينه القويم دين أنبياء الله جميعاً، والذي ليس قبله ولا بعده دين يُقبل عند الله يقول سبحانه (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ) ورغم المكانة العظيمة التي خص بها الله أمة الإسلام إلا ان قياداتها تلوثت بالمخاوف والمطامع والخنوع والرضوخ للأعداء والمتآمرين، وتحولوا إلى سماسرة وإلى أذيال منبطحين لسواهم حفاظاً على الكراسي والعروش والمطامع الدنيوية الزائلة، ولهذا نراها في أوضاع متردية، وفي مخازٍ ومواقف لا تشرف من الفرقة والانقسام، والضياع هذا الواقع الذي تعيشه الأمة لا يشرفها أن تنتسب إلى دين وضح لها منهجاً وديناً بين لها كيف تتعامل مع واقعها، كيف تتعامل مع أعدائها كيف تتعامل مع مستجدات حياتها، كيف تتعامل عندما تتكالب عليها الأمم لا يشرف هذه الأمة ان تظهر بهذه الصورة المزرية المؤلمة والانهزامية المنفلتة، وهي تلك الأمة التي رفعت راية الجهاد، ونفرت لأرض الله فاتحة ومربية ومعلمة ومخرجة الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، لا يشرف الأمة هذا الواقع الذي تعيشه لقد كانت أمة شامخة أمة لها مكانتها ولها عزتها ولها كرامتها ولها صوتها المرفوع ولها مكانها المرموق بين أمم الدنيا في ظل واقعنا المأزوم، لا يشرف هذا الواقع هذه الأمة التي يجب ان تنظر إلى حالها وأن تفكر في واقعها وأن تراجع حسابها، وتراجع إيمانها، وأين هي من ربها، وان تسارع الى إعادة مراجعة كاملة شاملة لكل ما مر بها أو التي تعيشه في هذه المرحلة من الضياع ومن فقدان الوزن والحضور بل لقد أصبحنا من الهوان "كغثاء السيل" .. عدونا يواجهنا بعقيدة تلموديه محرفة ونحن نخاف أن نواجهه بعقيدتنا وبقرآننا المحفوظ لن تقوم لنا قائمة ولن تعود لنا كرامة ولا سيادة إلا إذا توحدنا تحت راية الدين والجهاد المقدس إننا نعيش في هذا الأيام وأمريكا وأعداؤنا بالأمس واليوم يعربدون في بلاد العرب ، وفي بلاد الإسلام وأمة الإسلام خانعة مشلولة صامتة وهم يرون ويشاهدون حرب الإبادة في غزة ويشاهدون مقدساتهم تدنس وكرامتهم تُنتهك وشعب مسلم شقيق أحتلت أرضه ويضطهد فيها منذ 77عاماً ان صوت العقل يرتفع اليوم ويناديكم أيها العرب المنبطحون طال نومكم يا أمة القرآن شعب فلسطين يُباد ويهدم وأرضها تشهد مجازر، ومذابح وتطهير عرقي يقتل بوسائل الشر والدمار وأحدث ما توصلت إليه مصانع الأسلحة من وسائل الموت يحظر عليه دخول الأقوات وتمنع عنه تدفق الماء والعلاج ووسائل الحياة بغية تهجيره من أرضه أرض الاباء والاجداد هذا ما يواجه المواطن في أرض الإسلام أرض الرباط في غزة والضفة من بلاد فلسطين المنكوبة بكل المحن واصناف المعاناة من الطغاة الصهاينة وحكومة اليمين المتطرف بقيادة النازي نتنياهو مجرم الحرب والمغرور بالعظمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا ما يقاسيه إخواننا من أصناف المعاناة والويلات وكل أنواع العذاب والأمة في سبات عميق طال وقته ،وكأن ذلك الشعب ليس جزءاً من هذه الأمة ،وليس عربياً مسلماً و ليس جزءاً من هذا الكيان الكبير، وكأننا لم نسمع بقول رسولنا عليه الصلاة وأفضل التسليم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " .. وما نشهده اليوم ونراه رأي العين تباد غزة وينكل بالشعب الفلسطيني فيما العرب على الهامش يشاهدون هذه المعاناة بلا مبالاة.. مع أن إبادة غزة والسطو عليها ليس هو الهدف الوحيد للصهيونية، ولكنه هدف من جملة أهداف كثيرة في جعبة السياسة الصهيونية بغية الهيمنة على مقدرات الأمة والاستعلاء والتوسع على حساب جغرافية العالم العربي والإسلامي (الشرق الأوسط)، كما يحلو لهم تسميته بقصد تسمية الأسماء بغير مسمياتها لأهداف ومخططات الصهيونية العالمية ومن ورائها الغرب الصليبي الحاقد للانتقام من الأمة الإسلامية شعوباً وارضاً ومقدرات هذه الأهداف بدأت بقضم فلسطين ثم تفكيك وتدمير قوة العراق، وجاء الدور على ليبيا ثم تبع ذلك الخريف العربي بثورته الخلاقة وصولاً إلى عملية طوفان الأقصى فكانت حرب الإبادة في غزة ولبنان، وسوريا .. ولم تقف عند حد إذ بقيت الأمة على حالها، وهو الحال الذي لا يشرفها ولا يمكن ان يرفع عنها ظلم ولا يمكن ان يرد عنها جور، ولا يمكن ان تقف في ميدان المواجهة وهي مفككة الأوصال متباعدة الرؤى متنافرة الإمكانيات لا يمكن لهذه الأمة ان تحقق وقفة جادة لمواجهة عدوها الحقيقي، ولا تدخل معه في معركة الثأر، وتحرير الأرض مع قادة تربوا على العمالة، وتشبعوا وتأثروا بقشور ثقافة عدو الأمة الأزلي وتحللوا من دينهم، وأمة تابعة تخلت عن مبادئ دينها، لا يمكن ان تُحدث نهضة أو تتعزز مقاومة جادة في ظل جيل نهل من ثقافة الغرب، وانبهر بحضارتها وأخذ منها الجانب السلبي حتى اعتبر ما لدينا من قيم نبيلة وروابط ، ووشائج ودين كلها سلوكيات رجعية غير صالحة للعصر .. وما ذاك إلا لأنهم تعرضوا لغسيل أدمغتهم وانخلعوا من كل القيم والأعراف، بل تخلوا عن دينهم.