مما لا شك فيه أن اليمن اليوم لا يقف متفرجًا، بل يتقدم الصفوف بثقة المؤمنين، حاملًا بشائر النصر، وهو يعلن أن القادم أعظم، وأن المعركة لم تنتهِ بعد، وأن مفاجآت اليمن لم تُكشف كلها، وأنه مازال يحمل في جعبته الكثير مما سيُذهل الصديق قبل العدوّ. فالقيادة اليمنية بتوكلها على الله وبحكمتها القرآنية تعلن للعالم أجمع أن القادم يحمل في طياته مفاجآت عسكرية كبرى تمثلت في الدفاعات الجوية اليمنية التي صارت شوكة في حلق الطغاة، تتجهز لإسقاط أحدث الطائرات الشبحية المتطورة التي يتباهى بها العدوّ، الصواريخ الفرط صوتية متعددة الرؤوس والتي كشفت عنها وزارة الدفاع هي الأُخرى تدخل الخدمة لتكونَ سيفاً مسلطاً على أعداء الله، ورسالة واضحة أن اليمن بلد يفرض إرادته ويُعيد صياغة المعادلات. فساحة الصراع العربي–الإسرائيلي تشهد تحولاً لافتاً مع تصاعد وتيرة الهجمات الصاروخية التي تطلقها القوات المسلحة اليمنية باتجاه العمق الإسرائيلي، والتي باتت تمثّل تطورا نوعيا في إطار معادلة الردع التي تفرضها أطراف محور المقاومة من أكثر من جبهة، فقد أعلنت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ هجوم بصاروخين باليستي وفرط صوتي من طراز "فلسطين 2" استهدف مطار "اللد" قرب يافا المحتلة "تل أبيب"، وهو ما وصفته القوات اليمنية بأنه رد مباشر على جريمة التجويع في غزة والعدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت. ولم يكن هذا الهجوم استعراضا رمزيا، بل أدى فعليا إلى تعميق شل حركة الملاحة الجوية، ودفع ملايين الصهاينة للهروب من باحات المسجد الأقصى واللجوء إلى الملاجئ، ولكن الضربة اليمنية لم تقف عند حدود البعد العسكري، بل حملت أبعاداً نفسية ودعائية بالغة التأثير، حيث تزامنت مع مشاهد ذعر واسع في القدسالمحتلة عقب تفعيل صفارات الإنذار، ما أدى إلى فرار المستوطنين من باحات المسجد الأقصى، واعتبرها كثيرون رسالة مباشرة بأن القدس ليست بعيدة عن مدى الردع الجديد. وترافقت هذه التطورات مع حالة استنفار داخل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي، عقب رصد صاروخ آخر انطلق من الأراضي اليمنية، ما يؤكد توسيع رقعة الاشتباك وزيادة الضغط العسكري على المؤسسة الأمنية للكيان الإسرائيلي، في وقت تخوض فيه قوات الاحتلال حرب استنزاف مستمرة في قطاع غزة، واعتداءات سافرة في ضاحية جنوب العاصمة اللبنانية. رسائل اليمن لا تستهدف فقط الردع العسكري، بل تسعى أيضا لإعادة توجيه بوصلة الصراع، وتثبيت أن المعركة مع الاحتلال هي معركة أمة لا فصيل، كما تسهم في تقويض الرواية الصهيونية عن السيطرة الأمنية على العمق، وإذا كانت الضربات اليمنية حتى الآن محكومة بقواعد اشتباك مرنة، فإن تطورها إلى صواريخ فرط صوتية، وتكرار عمليات الإطلاق في توقيت حساس، يعني بالضرورة أن اليمن بات لاعبا فاعلاً في معادلة الردع الإقليمية. وهو يضع الجيش الإسرائيلي أمام تحديات لوجستية واستراتيجية غير مسبوقة، خاصة في ضوء اعتراف صريح من قيادات عسكرية سابقة بعجز الآلة الحربية الإسرائيلية عن إيجاد حلول ناجعة لهذا التهديد المستجد، مما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات سياسية ودبلوماسية كخيارات بديلة في المدى القريب.