نواصل معكم سلسلة المقالات التي أكتبها عن مرض الفشل الكلوي، وفي هذا الحيز سوف أتحدث عن المعاناة الكبيرة التي يعانيها مريض الفشل.. فذات يوم بينما أنا بمكتبي جاءني أحد مرضى الفشل الكلوي قادماً من محافظة بعيدة ووضع أوراقه أمامي ورأيت في عينيه قصة تحكي معاناته مع الفشل الكلوي.. سألته عن حاله وقلت له ما لي أراك حزيناً إلى هذا الحد، فقال: أعاني من الفشل الكلوي منذ ثلاث سنوات ولم أشعر بهذا الضيق إلا اليوم.. وبدأ يسرد معاناته، وقال المرأة التي كنت قد عقدت زواجي بها واتفقنا على إقامة حفل العرس بعد العقد بعشرة أيام طلب مني أهلها أن اطلقها بسبب أصابتي بمرض الفشل الكلوي.. ومع ذلك انتظرت الفتاة كل هذه السنوات على أمل أن يكتب الله لي الشفاء وأرجع لها.. واليوم للأسف علمت بزفافها من شخص أخر فزاد حزني وألمي.. هذه إحدى صور المعاناة التي يعانيها مرضى الفشل الكلوي. ولعل من أهم المعاناة التي يعانيها مريض الفشل الكلوي: 1- عدم التشخيص السليم, حيث يظل المريض متنقلاً بين المراكز والمستشفيات ومن طبيب إلى آخر فترة زمنية طويلة حتى يحصل على التشخيص السليم لحالته المرضية فتتطور حالة المريض إلى الفشل الكلوي المزمن الذي لا يتم معالجته إلا بالغسيل الكلوي مع إنه كان بالإمكان تلافي تدهور وظائف الكلى بالوقت المبكر لها. 2 - الإنتقال من الريف إلى المدينة, عندما يدخل المريض مرحلة الغسيل الكلوي يضطر إلى السكن بالمدينة بالقرب من مراكز الغسيل الكلوي وقد ينتقل معه أحد أفراد أسرته لمرافقته أثناء جلسات الغسيل الكلوي أو تنتقل الأسرة كاملة معه إلى المدينة وهنا تتضاعف معاناته من إيجار السكن ومصروفات الأسرة. 3- معاناة جلسات الغسيل الكلوي التي تستغرق من 3_4 ساعات في الجلسة الواحدة ويحتاج المريض من مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع الواحد و يعد انخفاض ضغط الدم أثناء الغسيل الكلوي أو بعده بفترة وجيزة المعاناة الأكثر شيوعاً للمرضى. 4 - ارتفاع تكاليف قيمة جلسات الغسيل الكلوي، حيث أن المريض بداية مرضه قد يحتاج إلى غسيل كلوي بصورة مستعجلة مما يضطره إلى اللجوء إلى المستشفيات الخاصة و تقدر قيمة الجلسة الواحدة من 30 _ 35 ألف ريال يمني. 5- معاناة ارتفاع تكاليف الفحوصات والأدوية الضرورية لهم, فيحتاج مريض الفشل الكلوي إلى فحوصات دورية وطارئة قد تكون مرة أو مرتين بالشهر الواحد وكذلك يحتاج إلى أدوية للمحافظة على العظام وغيرها من وظائف الجسم بميزانية شهرية عالية. 6 _ معاناة نفسية واجتماعية، حيث يصبح لدى مرضى الفشل الكلوي اكتئاب وقلق وقد يخسر وظيفته والبعض منهم اذا تقدم لطلب فتاة من أهلها للزواج قد يتم رفض طلبه بحجة عدم قدرته على توفير سبل العيش لها وللأولاد إذا أنجبوا بعد الزواج. لذا ينصح بعمل وحدات خاصة بالرعاية النفسية لمرضى الفشل الكلوي داخل كل مركز غسيل كلوي سواء حكومي أو خاص.. ودمتم برعاية الله وحفظه. *مدير الخدمات الصحيحة بمؤسسة الشفقة لرعاية مرضى الفشل الكلوي والسرطان