باستثناء فترة حكم الملك فيصل، لم نلمس عداوة بين «السعودية» والدولة«الصهيويهودية» اللتين تتقاسمان الولاء ل«أمريكا» والاعتراف بالفضل في الإنشاء ل«بريطانيا»، ولئن كانت السعودية -بسبب رمزية موقعها الدينية لدى أمة الإسلام- قد أرجأت إشهار اتفاق «أبراهام»، فقد كان تطبيع علاقتها مع «الكيان» -بفعل سياسة «ابن سلمان»- قيد الإعلان، لولا اندلاع معركة «الطوفان». لعل تلقائية التعاطف الذي يوليه «محمد بن سلمان» ولي عهد السعودية «الدولة الصهيويهودية» -نتيجة ترعرعه بين يدي مربية يهودية- تقف وراء استئناسه للحديث عن قرب تطبيع علاقة بلاده مع الصهاينة، ووراء نفيه -بحسب ما تداولت معظم وسائل الإعلام في سبتمبر 2023- صحة تقارير تفيد بإيقافه محادثات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتأكيده أنَّ الكيانين يقتربان مع مرور كل يوم من إعلان «التطبيع»، وفي ذلك دلالة على ارتباط البلدين بعلاقات سرية يرجع عمرها إلى عشرات السنين ومرتكزها تضييق الخناق على المقاومين الفلسطينيين الذين يقلقون البلدين، ولولا إمساك سلطات «الدولة العبرية» على سلطات «السعودية» تعهدات سرية بالوقوف وراءها بكل ما تملكه من ثقل، حتى تتخلص من خصومها أولًا بأول، لما أقدم بعض المسؤولين الصهاينة على مخاطبة «السعودية» بنبرةٍ تهديدية. ربط وقف العدوان الفظيع بالتطبيع منذ إعلان «عبدالله بن عبدالعزيز» عام 2002 -حين كان ولي عهد المملكة- عن المبادرة العربية {الأرض مقابل السلام} تتصنع السلطات السعودية -بهدف دغدغة مشاعر الجماهير العربية والإسلامية- ربط تطبيع علاقتها مع السلطات الصهيونية بقيام الدولة الفلسطينية، بيد أنَّ اندلاع «طوفان الأقصى» الذي كشف -بإفشاله إجراءات تطبيع علاقات السلطات السعودية بسلطات الكيان بعد إذْ كان وشيك الإعلان- عن زيف ذلك التصنع غير المقنع، قد حمل الرياض على التسويف في عقد القمم مانحةً «نتنياهو» أطول فرصة ممكنة للقضاء على حركة «حماس» المتهمة -من قبل سلطات «آل سعود» ومن «صهاينة اليهود»- بالإرهاب، لكن ذلك الهدف لم يتحقق بالرغم من كثرة ما تعرض له «القطاع» من خراب. وحتى يخرج الصهاينة المتعثرين عن الحسم بماء الوجه، ربط «إسحاق هرتسوغ» رئيس «دولة الكيان» إيقاف الحرب الإبادية بتطبيع العلاقات مع السعودية، وهذا ما يؤكده استهلال موقع «ميدل إست أونلاين» تقريره المعنون [الرئيس الإسرائيلي يروّج للتطبيع مع السعودية كمفتاح لوقف الحرب] الذي نشره الخميس الموافق 2024/1/18 بما يلي: (قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ اليوم الخميس إن "تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية، هو مفتاح الخروج من الحرب"، محمِّلًا -في الوقت ذاته- حركة حماس -بهجومها على إسرائيل- مسؤولية إفشال توقيع اتفاق سلام مع الرياض كان في لمساته الأخيرة). اقتراح «دولة فلسطينية» في السعودية وفي مقابل عودة السلطات السعودية -وكأنها لم تعِ ذهاب «ترامب» في بداية فبراير الماضي إلى أنَّ مساحة «دولة الكيان» صغيرة جدًّا على الخارطة- إلى تصنع دور المتحفظ عن تطبيع علاقاتها مع السلطات الصهيونية قبل إقامة دولة فلسطينية، لم يتردد «نتنياهو» عن المشورة على السلطات السعودية -بسخرية لاذعة- بإقامة تلك الدولة الفلسطينية على جزء من أراضيها الشاسعة، وقد أشير إلى هذا المعنى في مستهل الخبر الصحفي المعنون [نتنياهو يقترح إقامة دولة فلسطينية في السعودية ومطالب بموقف عربي ضد السياسة الاستعمارية] الذي نشرته الصحفية «سوزان عاطف» في موقع «المصري اليوم» مساء السبت ال8 من فبراير الماضي على النحو التالي: (قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»: إنَّ المملكة العربية السعودية «لديها ما يكفي من الأراضي لإقامة دولة للفلسطينيين فيها». وأوضح نتنياهو في مقابلة مع القناة ال14 العبرية: «يُمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في المملكة العربية السعودية، فلديهم الكثير من الأراضي هناك»، وعندما سُئل عن الدولة الفلسطينية كشرط للتطبيع، أضاف أنه «لن يتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يعرض دولة إسرائيل للخطر»). مطالبتها بثمن التطبيع وحربي غزةوإيران لقد أكدت ردود الفعل التي قوبل بها «طوفان الأقصى» أنَّ «دولة الكيان» هي الوجه الآخر -أو على الأقل- الذراع المتقدمة ل«أمريكا»، وفي ضوء هذه الحقيقة المرة تتباهى هذه الدولة المارقة في اعتداءاتها المتكررة وتعتبر نفسها مركز الإقليم -إن لم نقل العالم- بأكمله، وذلك ما جعل «سموتريتش» وزير مالية «الكيان» يحذر الجميع من التخلف عن قطار التطبيع، ويطالب السعودية -بنبرة تهديدية- بالمسارعة إلى التطبيع وإلى دفع ثمن ذلك التطبيع، بالإضافة إلى ثمن الحرب على «حماس» والهجوم على «إيران» على اعتبار انهما مهددان ل«لمملكة» بقدر تهديدهما ل«الكيان»، وذلك ما يُفهم من استهلال الصحفية «داليا بطرس» تغطيتها الإخبارية المعنونة [وزير إسرائيلي يطالب السعودية ب"دفع تكاليف الحرب مع ايران"] الذي نشره موقع ««أخبار مصر الآن» في ال29 من يونيو الماضي بما يلي: ( قال وزير المالية الإسرائيلي «سموتريتش» -يوم السبت-: خلال اتفاقيات أبراهام يمكن بناء شرق أوسط جديد، تكون فيه إسرائيل محورًا رئيسيًّا يربط بين إفريقيا وآسيا وأوروبا. وأضاف: من مصلحة دول مثل السعودية الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، وينبغي أن تكون السعودية هي من "تدفع" ثمن السلام مع إسرائيل. وتابع قائلا: "لقد بذلنا بالفعل جهدًا شاقًّا في مواجهة «إيران» و«حماس» اللتين تهددانها بقدر ما تهدداننا).