سون يعلن الرحيل عن توتنهام    وفاة وإصابة 470 مواطنا جراء حوادث سير متفرقة خلال يوليو المنصرم    تسجيل هزات أرضية من البحر الأحمر    أمن العاصمة عدن: جاهزون لدعم جهود ضبط الأسعار    سعر الريال السعودي في عدن وحضرموت اليوم السبت 2 أغسطس 2025    محمد العولقي... النبيل الأخير في زمن السقوط    لابورتا: برشلونة منفتح على «دورية أمريكا»    ماريت تفاجئ مولي.. وكيت تنتزع ذهبية 200    طفل هندي في الثانية من عمره يعض كوبرا حتى الموت ... ويُبصر العالم بحالة نادرة    بتهمة الاغتصاب.. حكيمي أمام المحكمة الجنائية    وفاة امرأة وأضرار مادية جراء انهيارات صخرية بذمار    "يأكلون مما نأكل".. القسام تبث مشاهد أسير إسرائيلي بجسد هزيل    حماس: ندعو لجعل الأحد يوما عالميا لنصرة غزة    اليوم بدء حملة الضبط الميداني للدراجات النارية المخالفة    الجنوب هو الحل    بيان حلف قبائل حضرموت.. تهديد جديد مستفز صادر من حبريش    الخلفية السياسية في التحسن القياسي لسعر الريال اليمني بالمناطق المحررة.    هل فقدنا العزم برحيل أبو اليمامة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردًا على روسيا    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    وعاد الجوع… وعاد الزمان… وضاع الوطن    صوت المواطن في قلب نيويورك    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    تنفيذية انتقالي عدن توجّه بحملات ميدانية لضبط أسعار السلع الأساسية    الطليعة يفوز على الصحة بثلاثية نظيفة في بطولة بيسان    تعافي العملة الوطنية مستمر لليوم الرابع.. الريال السعودي ب500 ريال يمني    عدن.. غرق 7 شباب في ساحل جولدمور بالتواهي    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    الأرصاد تحذر من أمطار غزيرة ورياح شديدة في معظم المحافظات    استقبال رسمي وشعبي وقبلي للشيخ محمد الزايدي بصنعاء    عدن.. شركة النفط تعتمد تسعيرة جديدة للوقود تزامناً مع استمرار تحسن الريال    نيابة الأموال العامة بذمار تستعيد أكثر من 18 مليون ريال    ترامب يفرض رسوما جمركية على عشرات الدول لإعادة تشكيل التجارة العالمية    استمرار النشاط الزلزالي في البحر الأحمر    فضيحة على الهواء.. قناة برشلونة تسخر من أحد أساطير ريال مدريد    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    مدارس فيوتشر كيدز تكرم معلميها وأوائل طلابها وتحتفي بتخرج الدفعة الثالثة للثانوية العامة    صنعاء.. حكم عسكري بإعدام النجل الاكبر للرئيس السابق صالح ومصادرة ممتلكاته    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    وزارة التجارة توجه مكاتبها بتكثيف حملات التفتيش لضبط الأسعار تماشيًا مع تحسن الريال    الأمور مش طيبة    وداعاً زياد الرحباني    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    تحذير طبي: وضع الثلج على الرقبة في الحر قد يكون قاتلاً    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    المحرّمي يبحث مع وزير الأوقاف تعزيز نشر الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السويداء في قلب العاصفة.. جريمة التغيير الديمغرافي بين مخالب الجولاني وغارات نتنياهو
نشر في 26 سبتمبر يوم 15 - 07 - 2025

عبدالقوي السباعي: في بلدٍ ابتُلِيَ بحربٍ مفتوحة على الجغرافيا والهوية، لا تزال سوريا تكتشف شيئًا فشيئًا عمق الكارثة التي أُلقيت في حجرها.
ما تم كشفه حدَّ الآن ليس إلا رأس جبل الجليد، أمّا ما بقي متواريًا في زوايا الخراب والنسيان؛ فبعضه ينتظر تبدل الظروف، وبعضه طُمِسَ عمدًا بيد من تحولوا إلى "سادة الميدان".
ومن بين أبشع الجرائم التي لم تنل بعد حقها في الكشف والتوثيق، تطلّ جريمة "التغيير الديمغرافي"، كخنجرٍ في خاصرة سوريا، وكجريمةٍ تعكس مخططًا دمويًّا ممنهجًا له أذرعه العسكرية، وغطاؤه السياسي، وامتداداته الخارجية.
فصول التغيير.. جغرافيا ضحية وهوية مستهدفة:
التغيير الديمغرافي ليس حادثًا طائفيًا كما يحلو للبعض اختزاله؛ بل هو مشروع سياسي عسكري متكامل، هدفه إعادة رسم الخريطة السكانية على أسس تخدم مصالح المحتل والمهيمن.
ملامح هذا المشروع قد بدأت منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، وشملت موجاته كل السوريين دون استثناء؛ عربًا وأكرادًا، دروزًا وأرمن، سُنةً وعلويّين، مسلمين ومسيحيين.
لكن ما يميز الجريمة ليس فقط اتساع رقعتها، بل أن من يقف وراءها هم ذاتهم الذين ادّعوا الثورة والحرية، بينما هم أدوات استخبارية إقليمية ودولية في يد المشروع الصهيوني الأمريكي الغربي.
حيث تقف في صدارة هذا المخطط، ما يسمى هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع، المكنى ب"الجولاني"، رأس حربة أمريكية–إسرائيلية تركية بامتياز، مدعومة إعلاميًا وسياسيًا وأمنيًا.
إذ لم تكتف هذه الجماعات بتلويث المشهد بالدم، بل جعلت من التهجير القسري واستبدال السكان سياسة يومية؛ مدن مثل "درعا وداريا ومرورًا بوادي بردى والقلمون والساحل السوري الغربي" كانت جميعها ساحات لتجريب هذا النموذج القذر، وسهّلتها أدوات الخيانة وتسهيلات الممولين في الخليج وتركيا.
السويداء.. الطعنة الجديدة في خاصرة الوحدة:
اليوم تتكرر الحكاية، لكن بمشهدٍ أكثر خطورة؛ السويداء، المحافظة ذات الخصوصية الطائفية والجغرافية، باتت مسرحًا جديدًا لصراع متعدد الرؤوس، ففي الوقت الذي أعلنت فيه رئاسة الجولاني عن إجراءات قانونية صارمة ضد التجاوزات، واستعادت السيطرة على قلب المدينة، كانت قواته تتسلل كالأفعى، وتحاول إشعال نيران الفتنة.
ولم يقتصر الأمر على الداخل؛ فطيران الاحتلال الإسرائيلي دخل على خط المعركة، وفي مشهدٍ درامي مفضوح -تنقصه الحبكة- قصف مواقع الجيش السوري دعمًا للدروز، في مشهدٍ يفضح ارتباطات طالما أنكرها الإعلام الصهيوني والمتصهين.
وفي تطورٍ لافت، شهدت منطقة الجولان المحتل محاولات تسلل من قبل شبان دروز قادمين من الجليل، في مشهد عبّر عن حالة الغليان الشعبي ضد ما يحدث في السويداء، أو جاء ضمن المخطط المثار.
لكن -وبحسب وسائل إعلام عبرية- جيش الاحتلال أعادهم قسرًا، وهو ما عزز المخاوف من أن المخطط القادم قد يتضمن إنشاء كيان درزي مستقل على الخط الفاصل، يُدار من (تل أبيب)، ويمثل حاجزًا جغرافيًا وطائفيًا يعمّق تقسيم سوريا، ويأمن الكيان من أية مخاوف مستقبلية.
وكشفت وسائل إعلام عبرية أن جيش العدوّ الإسرائيلي عقد سلسلة مشاورات أمنية وعسكرية، وأجرى غارات ب"قنابل غير مسبوقة" ضد أهداف سورية، في مؤشرٍ واضح على أنه لم يعد يكتفي بالمراقبة، بل غاص في الميدان حتى الركبتين.
نتنياهو يفضح نفسه: لن نسمح بلبنان جديد في الجنوب السوري
وفي تصريح يكشف عمق التدخل، قال المجرم نتنياهو صراحةً: إن (إسرائيل) "لن تسمح بظهور لبنان ثانٍ في الجنوب السوري"، وهو ما يعني أن وجود مقاومة في تلك المنطقة يُعدّ خطًا أحمر.
وهو ما يفسر الهجمات الأخيرة على مواقع الجيش السوري وثكنات يعتقد في ولائها للنظام السابق، وهي -بحسب مراقبين- محاولة خلخلة الحاضنة الشعبية في السويداء، وإشعال فتن داخلية تمهد لتفتيت ما بقي من روح مقاومة.
ما يجري اليوم ليس أزمة أمنية مؤقتة في السويداء، ولا صراعًا على النفوذ المحلي؛ بل هو فصل جديد من فصول المشروع الاستعماري الحديث، الهادف لتقسيم سوريا إلى كيانات طائفية ومذهبية، وفق خريطة صهيونية قديمة، أعيد إحياؤها بعد فشل الحرب الشاملة.
وما قاله الشيخ "حكمت الهجري" أحد زعماء الدروز: "نتعرض لحرب إبادة ممنهجة، ومن حقنا الدفاع عن أنفسنا"، ليس فقط تعبيرًا عن رفض؛ بل تحذير من أن استمرار هذا المشروع سيدفع إلى مواجهة شاملة، لن تكون في مصلحة أي من المتآمرين.
وبات واضحًا أن ما يجري في الجنوب السوري، من السويداء إلى القنيطرة، ليس سوى محاولة لتفكيك آخر الحصون الوطنية، وتحويل سوريا إلى أرضٍ بلا هوية.
لكن كما أفشل السوريون من قبل موجات العدوان؛ فإن يقظة الوعي، وتكاتف الوطنيين من كل الطوائف والمناطق، هو ما سيفشل هذا المشروع مجددًا.
وإننا إذ نكتب، نرصد أيضًا كيف أن كل رصاصة تُطلق على سوريا هي في الحقيقة موجهة إلى قلب الأمة، وأن أمن سوريا هو أمن لفلسطين ولبنان وكل المنطقة، ومن لا يرى هذه الحقيقة، فهو أعمى البصيرة وإن فتح عينيه على الخراب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.