العميد الركن دكتور حسن حسين الرصابي/ ماهي خيارات إيران لتجاوز التهديدات الأمريكية الإسرائيلية؟ وهل أعادت تعويض خسائرها من الملاكات والأسلحة والرادارات ووسائل الدفاع الجوي المدمرة وسد الثغرات التي بانت وظهرت أثناء تصديها للعدوان الغادر طوال 12يوما والتي انتهت بدخول أمريكا في الحرب بشكل مباشر. واليوم وبعد مرور شهرين من وقف الحرب لاتزال إيران تواجه تهديدات أمريكية إٍسرائيلية متعددة الأوجه وتعتمد في مواجهتها على مجموعة من الخيارات الاستراتيجية التي تهدف إلى الردع والحفاظ على نفوذها الإقليمي، وتجنب المواجهة الشاملة المباشرة قدر الإمكان يمكن تلخيص هذه الخيارات فيما يلي 1. إعادة تعزيز محور المقاومة وتعويض الخسائر والاعتماد عليهم في تهديد العدو وخاصة حزب الله بحكم القرب الجغرافي مع الكيان الصهيوني.. القوة الرادعة بالوكالة الذي تشكلهما قوة محور المقاومة وحلفائها في المنطقة وإن أمكن إيجاد تفاهمات تفضي إلى فتح خط لوجستي من العراق مرورا عبر سوريا وصولا إلى حزب الله في لبنان وإعادة تنظيم وتسليح فصائل المقاومة كأدوات ضغط غير مباشرة كتلك الفرضيات والطرق التي مارستها إيران سابقا عبر عقود من الزمن مع ملاحظه تغيير الاساليب والألية والتكتيك القتالي.. مما يسمح لإيران بتوجيه ضربات أو إحداث توتر دون الحاجة إلى التدخل العسكري المباشر الذي قد يؤدي إلى تصعيد أكبر.. الردود غير المتماثلة التي تعتمد على القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة التي بحوزة حلفائها لاستهداف مصالح أمريكية أو إسرائيلية في المنطقة بهدف إرباك الخصوم وتشتيت جهودهم. 2- تطوير البرنامج النووي بوتيرة عالية مع الاخذ بالاعتبار الجانب الأمني والاستخباري وتحصين المجتمع من الاختراقات والمحافظة على العلماء والكفاءات النووية والتنسيق مع الحلفاء لاستعواض القطع التي تأثرت بالعدوان من( روسياوالصين وكوريا الشمالية..). والمناورة بالورقة التفاوضية حيث يعتبر البرنامج النووي الإيراني ورقة مساومة استراتيجية مهمة لطهران، تستخدمها لفرض نفسها على طاولة المفاوضا1ت مع القوى الغربية وخاصة أمريكا. الردع الحقيقي : تسعى إيران إلى امتلاك قدرة نووية (سواء بامتلاك السلاح أو القدرة على إنتاجه بسرعة) كشكل من أشكال الردع ضد أي هجوم عسكري واسع النطاق عليها. 3- توظيف واستغلال الانقسامات في المعسكر الغربي والمواقف الإقليمية المناورة الدبلوماسية.. تحاول إيران استغلال أي تصدعات في الموقف الغربي، وخاصة بين الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية فيما يتعلق بالتعامل معهما. بناء تحالفات إقليمية : تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة غير المتحالفة مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل بالإضافة إلى تعميق العلاقات مع روسيا والصين لكسر العزلة الدولية وعقد صفقات تسلح حديثة لسد الفجوة وتعويض المعطوب منها في الحرب الأخيرة .. لاتزال إيران تمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز القادرة على الوصول إلى اهداف في المنطقة بما في ذلك إسرائيل والقواعد الأمريكية في المنطقة وتعتبر هذه الصواريخ جزءاً اساسياً من قدراتها الردعية. الدفاع الجوي: تعمل على تعزيز قدراتها من وسائل الدفاع الجوي والرادارات لمواجهة أي هجمات جوية جديدة محتملة. السيطرة على الممرات الملاحية: تلوح إيران بورقة التهديد بإغلاق الممرات الملاحية الحيوية مثل مضيق هرمز ومضيق باب المندب بالتعاون مع حلفائها في محور المقاومة في اليمن وهو ما يمكن أن يؤثر بشكل كبير على إمدادات النفط العالمية ويخلق ضغطاً اقتصادياً على القوى الكبرى. المناورات العسكرية والاستعداد للتصعيد واستعراض القوة للإنتقام من عدوان شهر يونيو تقوم إيران بتجميع العتاد الحربي والاسلحة وإجراء مناورات عسكرية بشكل جيد لا استعراض قدراتها العسكرية، وإظهار استعدادها لأي تصعيد وكسب المهارات بهدف ردع أي هجوم محتمل. الردع المحسوب في حال تعرضت لضربات غادرة ومفاجئة كتلك التي وجهتا إسرائيل في مطلع يونيو من الشهر قبل الماضي وهذا الرد المحسوب يجنبها الدخول في حرب شاملة ولكن في نفس الوقت يرسل رسالة بأن لديها القدرة على الرد والأمثلة كثيرة أخرها قاعدة العديل في قطر . تهدف هذه الاستراتيجيات في مجملها إلى الحفاظ على أمن النظام الإيراني، وتقوية نفوذه الإقليمي، والضغط على خصومه لتقديم تنازلات دون الانزلاق إلى مواجهة عسكرية جديدة شاملة قد تكون مدمرة. هل إيران قادرة على مواجهة أمريكا وإسرائيل معاً ؟ نعم قد تضطر إيران لموا جهتما معاً ولكن كيف؟ قدرة إيران على مواجهة الولاياتالمتحدة وإسرائيل بمفردها هي مسألة معقدة ولها أبعاد عسكرية واستراتيجية وجيوسياسية من الصعب تحديد الإجابة بشكل قاطع، ولكن يمكن تحليلها من عدة جوانب: 1- القدرات العسكرية: إيران تمتلك إيران جيشاً كبيراً وأحد أكبر الجيوش في الشرق الأوسط من حيث عدد الأفراد، لديها ترسانة كبيرة ومتنوعة من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة، والتي تعتبر وسيلة مهمة للردع وتوجيه الضربات كما أن لديها قدرات دفاع جوي متطور الى حد ما.. الولاياتالمتحدة وإسرائيل: تتمتع كلتا الدولتين بقدرات عسكرية متفوقة تكنولوجياً وبشرياً تمتلك الولاياتالمتحدة أحدث الطائرات الاستراتيجية القاذفة و المقاتلة مثل (اف 35)، واساطيل بحرية قوية وقدرات استخباراتية ولوجستية هائلة، وإسرائيل أيضا لديها قوات محترفة وترسانة حديثة من الطائرات والصواريخ إلى امتلاكها أسلحة نووية حسب (تقارير استخباراتية) كما أن الدفاعات الجوية الاسرائيلية يتم تعزيزها بشكل مباشر من الدعم الأمريكي. 2- التحالفات والدعم الإقليمي والدولي: إيران تعتمد إيران بشكل كبير على حلفائها ووكلائها في المنطقة (مثل حزب الله الذي تعرض لضربات موجعة وبقية القوى في محور المقاومة) كجزء من استراتيجية الردع والمواجهة يمكن لهؤلاء الحلفاء الدخول على خط المواجهة مما يزيد من تعقيد أي صراع. الولاياتالمتحدة وإسرائيل تستفيد إسرائيل من دعم أمريكي كبير في مجالات الدفاع والتسليح والاستخبارات في أي صراع واسع النطاق من المرجح أن تقدم الولاياتالمتحدة دعماً عسكرياً مباشراً لإسرائيل بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي متقدمة إضافية. 3- طبيعة الصراع : إذا كان الصراع محدوداً فقد تتمكن إيران من توجيه ضربات مؤلمة لكن مواجهة مباشرة وشاملة مع القوتين العظميين قد تكون صعبة للغاية ومكلفة ما يستدعي إيران تلجأ إلى استراتيجية "حرب هجينة " ، والصراعات غير المتكافئة حيث يمكنها استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة والهجمات السيبرانية لإلحاق الضرر بالخصوم. 4- حصانة وتحصين مصانع الصواريخ الإيرانية : لقد سعت إيران وتنبهت إلى تحصين منشأتها النووية والصاروخية من خلال بنائها تحت الأرض وفي بطون الجبال وفي مناطق عميقة بهدف جعلها محصنة ضد الضربات الجوية التقليدية، ومع ذلك استهدفتها إسرائيل بداية العدوان الغادر مستغله المفاجأة والمباغتة بداية حرب 12يوما ثم تبعتها أمريكا نهاية العدوان وقبل الهدنة حيث تمتلك الولاياتالمتحدة قنابل " خارقة للتحصينات (مثل 57ج ب يو) القادرة على اختراق حتى عمق 70متر من الخرسانة المسلحة والصخور حسب زعمهم والايرانيون أدرى بحقيقة فاعلية هذه القنابل وقد ذكرت تقارير إخبارية عن استخدام الولاياتالمتحدة هذه القنابل ضد منشآت إيرانية عميقة في الهجمات السابقة ولم تحقق النجاح .. بالإضافة إلى ضربات صواريخ كروز التي أطلقت من الغواصات أو من السفن فلم تحقق النتيجة المرجوة.. والحقيقة لا توجد منشآت محصنة بنسبة 100%100 ضد جميع أنواع الهجمات والقدرة على تدمير ها تعتمد على التكنولوجيا المتاحة للخصم ومدى الدقة الاستخباراتية حول موقعها وطرق حمايتها. الخلاصة: بشكل عام من الصعب على إيران أن تواجه الولاياتالمتحدة وإسرائيل "لوحدها " في صراع شامل ومباشر دون تكبد خسائر فادحة نظراً للتفوق التكنلوجي والعسكري للولايات المتحدة ودعمها القوي لإسرائيل يشكلان تحدياً كبيراً لأي قوة إقليمية ومع ذلك تمتلك إيران قدرات ردع مهمة (خاصة في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة) وحلفاء في المنطقة مما يجعل أي صراع محتملاً مكلفاً ومعقداً لجميع الأطراف أما مصانع الصواريخ الإيرانية فرغم تحصينها إلا إنها ليست " غير قابلة للتدمير" في مواجهة الأسلحة المتقدمة التي تمتلكها الولاياتالمتحدةالأمريكية.وقدرتها على إستخدام الحرب السيبرانية يمكن أن تشل أنظمتها بشكل كامل .