على مدى عشر سنوات من العدوان المتعدّد الوجوه الذي يقوده التّحالف (العبريّ) بقيادة النّظام السّعودي الذي لم يحسم المعركة في (عاصفة الحزم) ولم يحقّق آمال محمد بن سلمان وحلفائه في (عمليّة إعادة الأمل) بل لم يجنِ سوى هزيمة نكراء ممهورة بالعار الذي وشم به هو وتحالفه، ليخرج اليمن منتصراً على أعتى تحالف عدوانيّ في هذا العصر، هو انتصارٌ عزّز من قدرات اليمن الذي بات يشكّل قوّةً أساسيّةً ومؤثّرة في محور المقاومة. ذلك اليمن الأبي الذي ما كاد ينفض غبار الحرب عنه حتّى كان أوّل دولةٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ تعلن مشاركتها في معركة إسناد غزّة باستهدافه للسّفن المتعدّدة الجنسيّات ومنها الأمريكيّة الدّاعمة للكيان الصّهيونيّ في البحر الأحمر وصولاً إلى استهداف العمق الصّهيوني بالصّواريخ البالستيّة والمسيّرات، دون أن تثنيه الغارات الأمريكيّة والإسرائيليّة عن نصرة الشّعب الفلسطينيّ على المستويات السّياسيّة والعسكريّة والشّعبيّة، ومع استمرار القوّات المسلّحة اليمنيّة باستهداف السّفن العابرة إلى الكيان عبر البحر الأحمر وارتفاع وتيرة عمليّات استهداف الكيان الصّهيوني كمّاً ونوعاً وهذا يعني باعتراف الأمريكيّين والصّهاينة كالآتي: 1 –إنّ اليمن بات يشكّل قوّةً إقليميّةً وأساسيّةً تشكّل تهديداً للمصالح الأمريكية والإسرائيليّة والغربيّة الحليفة لكيان العدوّ وأنظمة التّطبيع في المنطقة. 2 –قدرة صنعاء على فرض معادلات ردعٍ جديدةٍ في الصّراع مع العدوّ الاسرائيليّ وحلفائه في المنطقة. 3 –تضاعف القدرة العسكريّة والاستراتيجيّة اليمنيّة واعتبارها قوّة ردعٍ كبيرةٍ في مواجهة العدوّ الاسرائيليّ بالرّغم من تباعد الحدود وتحطيم حلم نتنياهو (إسرائيل الكبرى). 4 – دور اليمن وتأثيره الكبير في معركة نزع سلاح حزب الله الحليف الأوّل والأساسي في لبنان من خلال تهديد السّعوديّة وعليه فإنّ اليمن بات قوّةً إقليميّةً يحسب حسابها في الدّوائر الامريكيّة والصّهيونية بل إنّه بات يشكّل قوّة توازن كبرى في محور المقاومة، وفي هذا الصّدد كتب الصّحفي الصّهيوني دان أوريلي في صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) تحت عنوان أسلحة حزب الله والتّوازن الإقليميّ مشيراً إلى العلاقة بين قوّة حزب الله (وأنصار الله) وانعكاسها على الوضع الإقليميّ معتبراً أنّ أيّة محاولة لنزع سلاح حزب الله ستواجهها صعوبات كبرى خاصة وإنّ العمليّات العسكريّة "للحوثيّين" ضدّ السّعودية وإسرائيل تخلق معادلة ردعٍ إقليميّةٍ تقلّل من قدرة السّعوديّة والدّول الغربيّة على فرض نزع سلاح حزب الله في لبنان، وبالتّالي فإنّ قوّة"الحوثيّين" باتت تشكّل ورقة ضغطٍ استراتيجيّةٍ على المستوى الإقليميّ بما في ذلك لبنان، ممّا يعزّز موقف حزب الله داخليّاً وعلى مستوى المفاوضات، وهذا يعني أنّ محور المقاومة لا زال حاضراً بقوّته الممتدّة من اليمن إلى لبنان بالرّغم من سقوط سوريا فإنّ اتساع المواجهة مع محور المقاومة والتمدّد الإقليميّ سيزيد من تكلفة أيّ هجومٍ أو ضغطٍ على حزب الله ويمنحه هامش مناورة أكبر على الصّعيدين السّياسيّ والعسكريّ وإنّ أيّة محاولة لنزع سلاح حزب الله تواجه تحديات كبيرة بسبب قوّة (الحوثيّين) وامتداد محور المقاومة وفقاً لوزير الحرب السّابق في كيان العدوّ الاسرائيلّ أفيغدور ليبرمان الذي صرّح إلى أنّ قوّة (الحوثيّين) تشكّل عامل ضغطٍ يمنع إسرائيل من ممارسة ضغطٍ فعّالٍ على حزب الله، ويجعل أيّة محاولة لنزع السّلاح صعبة التّنفيذ، وفي قراءة للمواقف الأمريكيّة حول دور (الحوثيّين) في معركة نزع سلاح حزب الله لم تختلف المواقف الاسرائيليّة السّياسيّة والإعلاميّة في تقديراتها عن المواقف (الاسرائيليّة) وفي هذا الصّدد أكّد المتحدّث باسم وزارة الدّفاع الأميركيّة سابقًا جون كيربي أنّ تصاعد العمليّات الحوثيّة في اليمن يعرقل أيّة محاولةٍ أميركيّةٍ لنزع سلاح حزب الله مضيفاً إنّ القوّة الصّاروخيّة والمسيّرات الحوثيّة تمنح حزب الله حجّة للبقاء مسلحًا وتزيد من تكلفة أيّة مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مشيراً إلى أنّ التّوازن الإقليميّ يجب أخذه بالحسبان قبل أيّة خطوةٍ، وأنّ اليمن عنصرٌ أساسيٌّ في هذا التّوازن. هي قراءة أمريكيّة إسرائيليّة سعوديّة للتّوازنات في المنطقة ولتأثير محور المقاومة الذي بات يشكّل اليمن أحد ركائزه الكبرى، فالخوف السّعودي الامريكيّ الاسرائيليّ النّابع من تنامي قدرات اليمن لا يكاد يغيب من تصريحاتهم ولا من وسائل إعلامهم وفي هذا الإطار كان التّقدير الأهمّ للسّفير الأميركي السابق في كيان العدو الاسرائيليّ مارتن أنديك الذي أوضح أنّ استمرار الحوثيّين في اليمن يعزّز موقف حزب الله داخليًا ويصعّب أي ضغوطٍ دوليّةٍ لنزع سلاحه واصفاً الحوثيّين كعامل ردعٍ إقليميٍّ يضيف تعقيدًا لأيّة استراتيجيّةٍ أميركيّةٍ أو إسرائيليّةٍ على لبنان، واستكمالاً لم يختلف موقف نظام آل سعود و تقديراتهم عن التّقديرات الأمريكيّة الإسرائيلية خاصّة وأنّهم يقرأون بعيونٍ صهيونيّةٍ، وفي هذا الصّدد أكّد وزير خارجيّة نظام آل سعود الأمير فيصل بن فرحان أنّ الأنشطة العسكريّة الحوثيّة في اليمن تشكّل عاملاً معقدًا لأيّ جهود لنزع سلاح حزب الله مشيراً إلى أنّ استمرار تنامي القدرات الصّاروخيّة والمسيّرات للحوثيّين يمنح حزب الله قدرةً على المناورة والرّدع الإقليميّ مشدّداً على ضرورة تعامل المجتمع الدّولي مع الملفّ اليمنيّ كجزءٍ من استراتيجيّةٍ شاملةٍ للحدّ من تهديد محور المقاومة. على قدر ما يرعب الدّور اليمنيّ قوى الاستكبار الشّيطانيّة على قدر ما يعوّل عليه في معركة الرّدع الحاسمة التي ستكون (معركة الشّرق الأوسط الجديد) كما قال رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو لكنّها لن تكون معركة الشّرق الأوسط الامريكيّ والاسرائيليّ ولن تكون معركة (إسرائيل الكبرى) بل ستكون معركة (الشّرق الأوسط المقاوم) الذي سيغيّر وجه المنطقة ويزلزل عروش طغاة العصر وأنظمة التّطبيع المتصهينة.