إن مناسبة المولد النبوي الشريف محطة عظيمة نتزود منها كل معاني الرحمة والهداية والحياة، فهي ذكرى خالدة ومدرسة معطاءة نستقي منها الدروس والعبر في مختلف المجالات والميادين، وفي مواجهة التحديات والأخطار. وإن إحياءنا لهذه المناسبة العزيزة إنما يدل على عمق العلاقة والارتباط الوثيق بمحمد "صلوات الله عليه وعلى آله"، فعندما نشيد بذكرى مولده، فإنما نريد أن نجعل منها رسالة واضحة لكل الأعداء أننا لا زلنا أمة محمد "صلوات الله عليه وعلى آله"، نعي أهمية الارتباط به، ونتأثر به، وإيماننا يلزمنا أن نستلهم منه كل الدروس والعبر. لقد كانت الاستجابة لله ولرسوله "صلوات الله عليه وعلى آله" هي التي جعلت آباءنا وأجدادنا الأنصار في صدر الإسلام يقارعون ويقوضون أعظم إمبراطوريتين آنذاك، فكانوا نموذجًا حيًّا للمحبة الصادقة لله ولرسوله. واليوم نحن أحفاد الأنصار، ندرك أن تقديم النموذج المحب لله ولرسوله قادر على تقويض جاهلية العصر التي تقودها أمريكا وإسرائيل. إن ذكرى مولده المبارك "صلوات الله عليه وعلى آله" مدرسة نتعلم منها الصبر والثبات في مواجهة التحديات مهما كان حجم التضحية، وأن نكون رجالاً في مواجهة أعدائنا، أعزاء بعزة الله العزيز الحكيم، نأبى الخنوع والاستسلام والذل. وهذا هو الإيمان الواعي الذي أمرنا الله به رحمةً بنا، فهو الذي يصنع في النفوس عزّة فوق كل جبروت، ويجعلنا أكثر ثباتًا ومبدئية وتماسكًا في المراحل الصعبة. وليس غريبًا على يمن الإيمان والحكمة وأحفاد الأنصار أن يحتفلوا بالمولد النبوي الشريف، فهم من جيل إلى جيل توارثوا هذا الإيمان، وتمسكوا بمبادئ الحق، وتحلّوا بالأخلاق الكريمة، وحملوا الأرواح الطيبة والمحبة والإجلال لرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله". ومن خلال الاحتفال بهذه المناسبة يعبر الشعب اليمني عن ولائه الصادق الواعي، ويعزز صدق الانتماء والولاء، ويرسخ ارتباطه بالله ورسوله. إن تاريخ اليمنيين هو تاريخ عزة وإباء وكفاح وجهاد وشموخ، لم يعرفوا الاستكانة، ولم يرضخوا للذل، ولم يقبلوا بالهون منذ فجر التاريخ، ولا زالوا إلى اليوم ثابتين صامدين. ودماء الحرية والإباء والعزة والكرامة التي حملها هذا الشعب منذ صدر الإسلام إلى اليوم ما تزال تفور فيهم بالعزة والكرامة والحرية، وتجعل خيارهم الصمود والثبات والبذل والعطاء والتضحية. ويحق لنا أن نعتز ونفتخر بما قاله رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله": "الإيمان يمان والحكمة يمانية"، فإيماننا يفرض علينا أن نكون أعزاء، والإيمان يترافق معه العزة والكرامة. ومن هنا فإن احتفالنا بالمولد الشريف هو تقدير لأكبر وأعظم نعمة من الله لنا، نعمة الهداية بالرسول والرسالة، وردٌّ عمليٌّ على كل المحاولات الشيطانية التي يسعى من خلالها الأعداء إلى استنقاص مكانته في نفوسنا وإبعاده عن قلوبنا. إن ثقافة القرآن التي حملها رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" هي أقوى من كل بطش الأعداء، وهي التي تصنع في النفوس عزّة الإيمان التي لا تنكسر أمام طغيانهم ولا أمام بطشهم. ولذلك، فإن احتفالنا بهذه المناسبة هو محطة تعبوية وإيمانية عظيمة، نستمد منها الصمود والثبات، ونستلهم منها المنهج القويم لمواجهة التحديات والمؤامرات، ونترجم ذلك التمسك والولاء ثباتًا وصمودًا وتضحيات عظيمة. ومن على كل منصات الفعاليات والأنشطة التثقيفية والاحتفالات، نرفع عهدنا لرسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله": أننا ماضون في دربه ونهجه والعمل بما أبلغ مهما كانت النتائج والتحديات، وأننا أحفاد أنصاره وأشياع آل بيته، ولك منا العهد يا رسول الله أنه كلما أرجف العدو وأزبد وأرعد، سنزداد عزماً وثباتاً وصبراً وإرادةً وقوة حتى النصر الحتمي. ودائمًا سيبقى شعارنا يصدح من بين الدماء والدمار والحصار والتضحيات: لبيك يا رسول الله، لبيك يا رسول الله، لبيك يا رسول الله.