عامان وقطاع غزة يتعرض لعدوان صهيو-أمريكي متغطرس جبان، وقهر وحرمان.. يقابله عامان من الثبات والصمود والصبر العظيم لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً بكل صدق وإيمان. عامان والكيان الغاصب يرتكبُ بكل وحشيةٍ أبشع الجرائم والمذابح والمجازر والقتل والتنكيل والتجويع والتعطيش والحصار الخانق والإبادة الجماعية بالجور والطغيان.. يقابله عامان من الصمت المطبق والخنوع المقلق والذل المخيف لأمة الملياري مسلم بكل هوان. عامان من التواطؤ العربي والإسلامي، وتآمر ملوك النفط والحكام، وكأنهم للمحتل الصهيوني أشقاء وإخوان.. ويقابله إسناد ودعم يمن الحكمة والإيمان، جهادًا في سبيل الله، واثقين بالله، متوكلين عليه، يلتمسون بذلك من ربهم النصر والفوز والرضوان. عامان وكيان العدو يطبق على قطاع غزة حصارًا جائرًا بمشاركة الإخوة الجيران.. ويقابله حصار بحري مطبق بالمثل يفرضه على كيان العدو يمن الحكمة والإيمان. عامان من القصف والتدمير، واستهداف العدو الغاصب للبنية التحتية لغزة بكل إمعان.. يقابله قصف يمني متواصل بالصواريخ والمسيرات، يستهدف أهدافًا حيوية وحساسة في عمق الكيان. عامان كانتا كفيلتين باستنهاض الضمير العربي والإسلامي، وصناعة وعي وصحوة تشعل ثورات شعبية عربية وإسلامية، انتصاراً لمظلومية غزة العادلة في كل ساحة وميدان، حتى إسقاط الطواغيت والحكام. ولو أنهم استجابوا لقول الله ربهم: ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ [النمل: آية 79]، إيماناً بوعود الله لعباده بالنصر وحتمية زوال الكيان، ما تركوا غزة والضفة وسوريا ولبنان وإخوتهم في العروبة والإسلام. ولكن لا حياة لأولئك الذين قال الله فيهم: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [النمل: آية 80-81]. وبينما الأمة في سبات، وضميرها بات في عداد الأموات، واضمحلت قيمها الأخلاقية والإنسانية والدينية، جحودًا بآيات القرآن. هنالك تحرك الضمير الإنساني الذي استنهضته جرائم كيان الاحتلال، فنهض أحرار العالم بمسؤوليتهم الإنسانية والأخلاقية، انتصارًا لكرامة الإنسان. فإذا بالرئيس الكولومبي يعلن فتح باب القتال انتصاراً لمظلومية غزة، فضلاً عن قطع كل العلاقات مع الكيان الغاصب، غير آبه بقوى الجبت والطاغوت ومحور الشيطان. ناهيك عن المظاهرات المتواصلة في الكثير من العواصم الغربية ومختلف البلدان. وفي الوقت الذي يذهب نفط الأمة ومليارات الدولارات دعماً وإسناداً للعدو الصهيوني من ممالك وإمارات نفط لا أخلاق لحكامها ولا دين، ولا خوف من الله الواحد الديان. فإن التحرك الفاعل للجنة الدولية لكسر الحصار على غزة بكل عزم وإصرار، يعد الرسالة الأكثر أثراً في نفسيات المستضعفين في غزة، وتمنحهم الأمل والثقة بأن الله سبحانه وتعالى سيستبدل الأمة الخانعة بأحرار ينتصروا لهم، وهو الناصر لهم والمعين لهم والرحيم الرحمن. وقد أسهم قيام قطعان الكيان المحتل بالاعتداء عليهم واحتجازهم وتوجيه الإهانات لهم، ووصف عملهم الإنساني بالإرهاب، والسيطرة على عشرات السفن التي تحمل المساعدات ومصادرتها، وآخرها أسطول الصمود، في فضح وتعرية الوحشية الأمريكية وتنمر الكيان أمام العالم، مما يصنع تحولات في الوعي والرأي العالمي اتجاه العدو ومن ورائه الشيطان الأكبر بلا ريب. وحينئذ سيجد المتخاذلون أنفسهم في الهامش، منبوذين ملعونين من الله ومن عباده أجمعين. وهل جاءت خطة ترامب الكافر إلا استباقاً لظهور نهضة وعي عالمي يفشل كل مؤامراتهم وإحكام هيمنتهم على الأمة وفلسطين، فينقلبوا خاسئين؟ ولهذا خرج المجرم ترامب اليوم أمام العالم يهدد ويتوعد، وكأنه يدعي الربوبية للعالم تأسياً بالفرعون، وهو إنما بذلك يفصح عن خوفه وقلقه من المآلات المخيبة لآماله بالتأكيد. ومما لا شك فيه أن أحرار العالم اليوم ينظرون إلى دعم وإسناد يمن الحكمة والإيمان المنقطع النظير بانبهار وإكبار وإجلال، وهو ماضٍ في إسناده بعزم لا يلين. إن يمن الإيمان والحكمة بقيادته الربانية وقواته المسلحة وشعبه العظيم، سيظل ثابتاً على موقفه المبدئي تجاه قضايا أمته، ولا سيما القضية الفلسطينية العادلة، بكل ثبات وإيمان، مهما بلغ حجم التضحيات. فما دامت في عين الله، غير آبه بمؤامرات المتآمرين وكيد الكائدين والطغاة المتجبرين. ذلك أن اليمن استجاب لله في معركة الجهاد المقدس والفتح الموعود، مصدقاً لوعود الله بالنصر والفتح المبين.