ما إن انسحب جيش العدو الصهيوني من بعض مناطق قطاع غزة، وخفتت أصوات نيرانه، حتى أوكلت المهمة لعناصر محلية، جندت لخدمة أهدافه، ولتحقيق الغاية من ذلك، وإخفاء هدفها، جعلها تتحدث باسم السلام والاعتدال الذي لا يعرف معناه الصهاينة، وهو استنطاق بلسان مألوف في مناطق أخرى من المنطقة، وقفت حجرة عثرة أمام مشروع الكيان. وأشار إلى تصريحات مثيرة أطلقها قائد ميليشيا موالية للعدو الصهيوني في خان يونس يدعى حسام الأسطل، وذلك في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرنوت الصهيونية، أعلن فيها أنه على اتصال وثيق مع الولاياتالمتحدة وكيان العدو، متعهدا بفتح غزة أمام الصهاينة، وداعيا إلى التخلص من المقاومة، حيث وتصريحاته لم تكن زلة لسان، بل بيان وظيفة وتكشف وجها قديما جديدا من أساليب تغذية الصراعات التي يتفنن العدو في إشعالها، سواء داخل قطاع غزة أو خارجها، حيث تقدم عناصر معروفة ارتباطها بالعدو، ويتم تصليحها وتشكيل عصابات محلية على أنها بدائل مدنية لحكم غزة، بينما يصفها مراقبون بأنها أدوات جديدة بوجه محلي لأجندة صهيونية، الهدف منها إعادة رسم المشهد الداخلي الفلسطيني بعد الحرب بما يتلاءم مع أهداف الكيان. في مشهد يبدو كنسخة مكررة من تجارب شهدتها اليمن خلال السنوات الماضية، حين تحولت جماعات محلية مسلحة إلى أدوات بيد قوى إقليمية ترفع شعار إعادة الشرعية، بينما تعمل على إعادة اليمن إلى مربع الوصاية والارتهان والتبعية. ما يحدث في غزة، كما يرى المراقبون، ليس جديدا، إنها سياسة الوكلاء حين تعجز التحالفات والجيوش، جماعة لا ترفع راية السلام إلا مع الكيان، وتخفي تحتها دعوة للاستسلام، تروج لخطاب يحمل المقاومة وزر ما يفعله العدو، وتبيع الوهم بأن الحل في التعايش مع من لا يرى في الآخر إلا كائنا دون البشر. هكذا، إذن، حين يعجز العدو في الحرب المباشرة، يستخدم ورقة الداخل من غزة إلى لبنان إلى اليمن تتشابه اللغة والغاية، وتنبري أطراف محلية الانتماء صهيونية الولاء، لا غاية لها ولا هدف سوى مواجهة من صمد، وكان له موقف مشرف، ومن اختار أن يبقى واقفا خارج حضيرة الخانعين.