مع انتشار ثقافة اللحوم «النيّئة» أو نصف المطهوة — من الكباب الشعبي إلى شرائح اللحم rare — أصبح الاستمتاع باللحم الوردي ظاهرة شائعة وعصرية. لكن هذه الموضة الغذائية تثير سؤالاً طبياً مهماً: هل يمكن أن يؤدي تناول اللحم غير الناضج إلى الإصابة بالسرطان، خصوصاً سرطان المعدة؟ بحسب تقرير نشرته India Times، فإن التحذيرات القديمة كانت تركز على مخاطر التسمّم الغذائي، لكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن الخطر قد يكون أعمق، ومرتبطاً بالالتهاب المزمن والتعرّض للميكروبات، وبعض المركّبات المرتبطة بطريقة الطهو قد تلعب أيضاً دوراً في مخاطر معدية طويلة الأمد. دراسة موسّعة تربط بين اللحوم غير الناضجة وسرطان المعدة استعرض تحليل حديث نُشر في مجلة Cancer Epidemiology, Biomarkers & Prevention نتائج عدة دراسات عالمية، وخلص إلى أن ارتفاع استهلاك اللحوم الحمراء يرتبط بزيادة خطر سرطان المعدة. ورغم اختلاف النتائج تبعاً لدرجة النضج وطريقة الطهو، لاحظت الدراسة أن اللحم المطهو أكثر من اللازم واللحم غير المطهو جيداً قد يشتركان في زيادة الخطر، لكن عبر مسارات بيولوجية مختلفة. «السر» في اللحم غير الناضج: العدوى والالتهاب يشير تقرير India Times إلى أن المشكلة الأساسية في اللحم غير الناضج ليست المواد الكيميائية، بل الميكروبات. فاللحوم التي لا تصل إلى درجة حرارة آمنة قد تحتوي على: * Helicobacter pylori * Campylobacter* * Salmonella* * طفيليات أخرى وتُعد جرثومة H. pylori أحد أبرز مسببات التهاب المعدة المزمن، وهو العامل الأهم في تطوّر سرطان المعدة على المدى الطويل. حتى التهيّج البسيط لكن المتكرر في بطانة المعدة يزيد الخطر لاحقاً. كيف تنشأ سلسلة الخطر داخل المعدة؟ يوضح التقرير أن البكتيريا التي تنجو من الطهو غير الكافي يمكنها: * استعمار المعدة أو الأمعاء * إحداث التهاب مزمن * رفع حموضة المعدة * إضعاف حاجزها المخاطي ومع مرور الوقت، قد تتطور هذه الالتهابات إلى تغيّرات خلوية (Dysplasia) تُعد خطوة أولى نحو سرطان المعدة. أما المصابون أساساً بجرثومة H. pylori، فإن تناول اللحوم غير الناضجة يزيد الالتهاب لديهم بشكل كبير. لماذا تلعب درجة الحرارة الدور الحاسم؟ اللحوم النيّئة أو «الريير» غالباً لا تصل إلى درجة الحرارة الداخلية القادرة على قتل الميكروبات اللحوم النيّئة أو «الريير» غالباً لا تصل إلى درجة الحرارة الداخلية القادرة على قتل الميكروبات يشير الخبراء إلى أن اللحوم النيّئة أو «الريير» غالباً لا تصل إلى درجة الحرارة الداخلية القادرة على قتل الميكروبات (63–75°C). وتُعد طرق الطهي التي تترك الوسط وردياً، مثل الشوي السريع أو قلي القطع السميكة، من الأكثر خطراً. ماذا تقول الأبحاث حول العلاقة؟ تكشف الدراسات في المناطق ذات الاستهلاك العالي للحوم ومعدلات مرتفعة من عدوى H. pylori عن رابط أوضح بين اللحم غير الناضج وسرطان المعدة. وهنا، يكون العامل الأساسي هو الالتهاب المزمن وليس المركبات المسرطنة الناتجة من الاحتراق. من هم الأكثر عرضة للخطر؟ بحسب India Times، يزداد الخطر لدى: * المصابين بعدوى H. pylori غير المعالجة * من يعانون من التهابات مزمنة أو قرحات المعدة * أصحاب المناعة الضعيفة * سكان المناطق ذات معايير السلامة الغذائية الضعيفة * الأشخاص الذين يستهلكون اللحوم النيّئة أو القليلة النضج باستمرار العامل الأبرز هنا ليس العدوى فقط، بل ضعف قدرة المعدة على التعافي. كيف نخفّض خطر السرطان عند تناول اللحم؟ التعديلات الصغيرة في أسلوب الطهو تُقلّل بشكل كبير من التعرّض للميكروبات التعديلات الصغيرة في أسلوب الطهو تُقلّل بشكل كبير من التعرّض للميكروبات يقدّم التقرير مجموعة خطوات بسيطة لكنها فعّالة: * طهو اللحم حتى يختفي اللون الوردي تماماً * استخدام ميزان حرارة داخلي للقطع السميكة * تجنب اختلاط عصارة اللحم النيء بالمواد الغذائية الأخرى * حفظ اللحوم بالطرق الصحيحة * معالجة H. pylori فور اكتشافها * تناول أطعمة غنية بمضادات الأكسدة حتى التعديلات الصغيرة في أسلوب الطهو تُقلّل بشكل كبير من التعرّض للميكروبات. خلاصة: الخطر غير مباشر... لكنه حقيقي يختتم التقرير بأن اللحم غير الناضج لا ينتج مواد مسرطنة كما يفعل اللحم المحروق، لكنه يزيد خطر السرطان بشكل غير مباشر عبر تمكين العدوى والالتهاب المعدي المزمن. هذه السلسلة من التهيّج والتعرّض الميكروبي قد ترفع احتمال سرطان المعدة مع الوقت، لا سيما لدى الفئات الأكثر عرضة. اللحم النيء قد يكون خياراً ذواقاً... لكنه ليس دائماً آمناً. ومن أجل صحة معدية طويلة الأمد، يبقى الطهو الجيد والنظافة السليمة أساس الوقاية.