على الرغم ممَّا كان بين الاقتصادين الأمريكي والسوفيتي من فجوة كبيرة في ضوء بلوغ الناتج المحلي الأمريكي عام 1989م حوالي 4862 مليار دولار مقابل ناتج محلي سوفيتي قدر ب2500 مليار دولار فقط، وبلوغ دخل الفرد الأمريكي 19800 دولار مقابل 8700 دولار للفرد السوفيتي، فقد كان الاتحاد السوفيتي -بفعل تفوقه العسكري- مظلة تستظل بها الدول الاشتراكية من أية اعتداءات أمريكية. وبعد تفكك «الاتحاد السوفيتي» -على خلفية تفكك حلف «وارسو»- أخذت أمريكا تتغول تغولًا نجم عنه غزو عدة دول، أما في عهد المعتوه «ترامب» فقد صارت تمارس ضد الدول التي ترفض التماهي مع سياستها القائمة على الهيمنة والاستلاب «شريعة الغاب» بكل ما يترتب عليها من انتهاك مدان لسيادة البلدان على غرار الانتهاك الترامبي الوشيك لسيادة «جمهورية فنزويلا»، لمجرد إصرارها على الاستقلال بقرارها ليس إلَّا. إدانة أممية للاعتداء وللقتل خارج القضاء مع أنَّ معظم بلدان العالم محجمة -لأسباب تتعلق بما تتعرض له من إرهاب «ترامب»- عن إدانة تحضيرات «أمريكا» لمهاجمة «فنزويلا»، فيكفي دلالة على أنَّ ما يمارس من صلف «ترامبي» في «البحر الكاريبي» إرهاب دولة إعلان «لندن» أقرب حلفاء «واشنطن» -بحسب ما ورد في سياق دراسة «شهد محمود» الباحثة في «مركز رع للدراسات الاستراتيجية» التحليلية التساؤلية المعنونة [تعزيز النفوذ: لماذا تصعد إدارة ترامب "حرب المخدرات" ضد فنزويلا؟] التي نشرت في ال18 من نوفمبر- (تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية معها). ويكفي إدانة لما بدأ يشنه «ترامب» على «فنزويلا» من حرب أن تعتبر «منظمة الأممالمتحدة» -بالرغم من كونها واقعة تحت طائلة تهديده- سلسلة الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت -خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة- عدة قوارب قبالة السواحل الفنزويلية وأودت بحياة أكثر من 70 شخصًا من الصيادين الفنزويليين الأبرياء اعتداء وانتهاكًا غير قانوني لسيادة «فنزويلا» وقتلًا خارج القضاء، وذلك ما يُفهم من استهلال دراسة الباحثة «شهد محمود» التي سلفت الإشارة إليها بالتالي: (من جانبها وصفت الأممالمتحدة العمليات العسكرية الأمريكية ضد «جمهورية فنزويلا» بأنها إعدامات خارج نطاق القانون وقتلًا خارج أحكام القضاء). تضامن «الصين»و«روسيا» مع «فنزويلا» وعلى اعتبار أنَّ «فنزويلا» واحدة من القلاع الاشتراكية التي ما تزال تتحدى الهيمنة الأمريكية في النصف الغربي من الكرة الأرضية، فتتعرض -بسبب موقفها الرافض التبعية ل«أمريكا»- لما يُوشك أن يطالها من اعتداء عسكري أمريكي تهدف «واشنطن» من خلاله إلى احتلالها احتلالًا يمكنها من اقتلاع النظام الوطني وفرض نظامٍ موالٍ لها، فقد كان الموقف الروسي الصيني -إزاء ما قد تتعرض له «فنزويلا» من هجومٍ أمريكيٍّ عدواني- ذا طابع تضامني عبرت عنه «موسكو» -بحسب ما ورد في مستهل الخبر الصحفي التفصيلي المعنون [ريابكوف: تحركات الولاياتالمتحدة قرب فنزويلا تثير التوتر] الذي نشره موقع «روسيا اليوم» في ال5 من نوفمبر الحالي على النحو التالي: (قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: "إن تحركات الولاياتالمتحدة بالقرب من فنزويلا تزيد من التوترات في المنطقة". وأضاف في إفادة صحفية: "نحن متضامنون مع فنزويلا، ونرى أن تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الجزء الجنوبي من حوض الكاريبي، وغير ذلك من التحركات، أمر غير مبرر ويؤدي إلى خلق حالة من التوتر الشديد، ولا يمكن لوم أي طرف في ذلك سوى الولاياتالمتحدة نفسها"). أما «بكين» فقد عبرت عن موقفها التضامني مع «كاراكاس» في إطار مواقفها الداعمة لمجمل الإجراءات الأمريكية اللاتينية في مستهل الخبر المختصر المعنون [الصين: نرفض التدخل في شؤون فنزويلا تحت أي مبرر] الذي نشره موقع «اليوم» السعودي في ال15 من أكتوبر الماضي بما يلي: (أكدت الصين رفضها القاطع لأيِّ تدخل خارجي في شؤون فنزويلا "تحت أي ذريعة"، مجددة تمسكها بمبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان: "إن بلاده تدعم إعلان أمريكا اللاتينية والكاريبي منطقة سلام، وتعارض أي تحركات قد تهدد أمنها واستقرارها"). مهاجمة «فنزويلا» مدانة حتى في «أمريكا» ولأنَّ ما ينوي المغرور «ترامب» تنفيذه من اعتداء على «فنزويلا» مرفوض جملةً وتفصيلا، فقد قوبل بإدانة واسعة حتى في الأوساط المجتمعية الأمريكية، إذ تشير البيانات -بحسب دراسة الباحثة «شهد محمود»- (إلى أنَّ 29% فقط من الشعب الأمريكي أبدوا دعمهم لاستخدام القوة العسكرية ضد المشتبه بهم في تهريب المخدرات دون اللجوء إلى محاكمة، في حين عارض 51% من الأمريكيين هذه السياسات بشكل صريح. كما لم يتوافر إجماع كامل على هذه الإجراءات حتى داخل الحزب الجمهوري «حزب الرئيس نفسه»؛ إذ أظهر الاستطلاع أنَّ 27% من الجمهوريين كانوا ضد استخدام القوة العسكرية بهذه الطريقة. وانتقد السناتور الجمهوري «راند بول» تلك الضربات واصفًا إياها ب"إعدامات خارج نطاق القضاء"). بل لقد اعتبر قادة رأي أمريكيون هذه الضربات التي لا يُستند في تنفيذها إلى أي قانون انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وللقانون الأمريكي على حدٍّ سواء.