محافظ حضرموت: الأحداث في المحافظات المحتلة تجسّد حالة الفوضى وحِدّة الصراع بين المليشيات المسلحة    العليمي يتحدث عن انتهاكات في وادي حضرموت وإجراءات أحادية وخلق واقع موازٍ في المحافظات الشرقية    قوة عسكرية تتجه من المكلا صوب وادي حضرموت    حضرموت.. على صفيح ساخن    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "24"    مجلس إدارة هيئة الاستثمار برئاسة العلامة مفتاح يوافق على مشروع اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار 2025م    في بيان مشترك لقطاعات الطيران والصحة وحقوق الإنسان.. وفاة 125 ألف مريض وعرقلة سفر 250 ألف آخرين بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي    الخطوط الجوية اليمنية تتجه لتعزيز أسطولها بطائرة جديدة    تصدي (إلهان عمر) لسباب (ترامب)    حركة الجهاد تكرم إذاعتي صنعاء وسام إف إم بدرعي طوفان الأقصى    سياسي مغربي : الدعم اليمني لغزة أجبر الاحتلال على وقف العدوان    اطلّع على نشاط نادي أهلي صنعاء.. العلامة مفتاح: النشاط الشبابي والرياضي والثقافي جبهة من جبهات الصمود    أكد أن اليمن خسر شخصية وطنية ورجلًا مخلصًا لدينه ووطنه.. الرئيس المشاط يعزّي في وفاة المجاهد محمد محسن العياني    خلال شهر نوفمبر.. 57 انتهاكا واعتداء صهيونيًّا بحق الصحافيين الفلسطينيين    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    مرض الفشل الكلوي (31)    الصلاحي: حكّام اليمن لا يفهمون جغرافيتها وتاريخها ومواردها، ويريدون أن يكونوا مجرّد وكلاء للخارج    العصر الثاني في هذا العصر    قوات الانتقالي تتسلم حقل نفطي في محافظة شبوة    ثلاث عادات صباحية تجهد البنكرياس وتزيد خطر الإصابة بالسكري    ارتفاع مفاجئ لأسعار الغاز المنزلي في عدن    عملية المستقبل الواعد.. لحظة تاريخية فارقة لتحرير وادي حضرموت والمهرة من الهيمنة العسكرية لجماعات الإخوان الإرهابية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي وانتقالي لحج يؤدون واجب العزاء لأسرة الشهيد عبد الوكيل الحوشبي    الرئيس الزُبيدي يستقبل وفدًا من أبناء المهرة ويجدد دعمه لتمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم    المنتخب الأولمبي يخسر أمام الإمارات في بطولة كأس الخليج    اليمن يطلق نداء عاجلاً لرفع الحصار عن مطار صنعاء    بدء الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التقيظ الدوائي في شركات الأدوية    انعقاد اللقاء الوطني الثاني للتعاون في مجال الأمن البحري    المحرّمي يبحث تسريع وتيرة الإصلاحات الحكومية وبرامج خدمة المواطنين    في ذكرى ميلاد الزهراء.. "النفط والمعادن" تحيي اليوم العالمي للمرأة المسلمة وتكرم الموظفات    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة المجاهد محمد محسن العياني    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    الأرصاد: صقيع على أجزاء من المرتفعات والحرارة الصغرى تلامس الصفر المئوي    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب الدوري الأمريكي    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شركة وثلاث منشآت صرافة    أقدم توراة يمنية مؤكدة بالكربون المشع تُعرض للبيع في مزاد ب"نيويورك"    ركود حاد وهلع.. عام قاس يهز عرش العملات المشفرة    من لم يشرب نخب انتصاره سيتجرع كأس الهزيمة.    بمشاركة الكثيري: مكتب تنفيذي الوادي يؤكد مباشرة العمل تحت راية علم الجنوب    عاجل: وزير ومستشار لرشاد العليمي يدعو لتشكيل حكومة يمنية مصغرة في مأرب    سقوط أرسنال وفوز السيتي وتعادل تشلسي وليفربول بالبريميرليغ    نواميس النمل    عاجل: القوات الجنوبية تحكم قبضتها على سيحوت وقشن وتدفع بتعزيزات كبيرة نحو حصوين في المهرة    مانديلا يصرخ باليمنيين من قبره: هذا هو الطريق أيها التائهون!    حاشد المقاوم الجسور والصلب الذي لا يتزحزح    أثناء خروجهن من المدرسة.. وفاة فتاتين وإصابة ثالثة عقب سقوط مواد بناء في إب    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    اتحاد كرة القدم يؤجل انطلاق دوري الدرجة الثانية إلى 18 ديسمبر    خطوة في الفراغ    أقدم توراة يمنية معروضة للبيع في نيويورك    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    قرعة كأس العالم 2026: الافتتاح بين المكسيك وجنوب أفريقيا،    حضرموت وشبوة.. قلب الجنوب القديم الذي هزم ممالك اليمن عبر العصور    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التدخل السعودي في اليمن
نشر في 26 سبتمبر يوم 08 - 12 - 2025

نعتقد أن تجربة ستة عقود من تدخل النظام السعودي في الشأن اليمني الداخلي، وتجنيده للعملاء والمرتزقة لإحداث البلبلة وعدم الاستقرار داخل اليمن، كافية جدًّا لتجعل اليمنيين يضعون حدًّا لهذا التدخل، ويطلبون من السعودية الكف عن أذاها والتعامل مع الشعب اليمني باحترام وبندية تكفل تبادل المصالح المتكافئة بين البلدين، انطلاقًا من حقوق الجوار التي وردت في القرآن الكريم، والابتعاد عن المراوغة وقلب الحقائق.
وقد أشرنا في مقال سابق – بشكل مقتضب – إلى مماطلة النظام السعودي حول الوفاء بالتعهدات وعدم تنفيذ اتفاقاته مع الآخرين، وإن كانت هذه الحالة قد غدت طبيعة متأصلة في هذا النظام، لا سيما ما يتعلق بتعامله مع اليمن قديمًا وحديثًا، حيث ما يقوله يخالف أفعاله، وهو سلوك انفرد به اليهود بشهادة ما ورد في كتاب الله: «كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ»، فلا عهد لهم ولا ميثاق.
وإن كنا لا نستبعد أن هذه المماطلة والتنصل من الاتفاقيات قد يعودان إلى ما اعتادت عليه السعودية من القيادات اليمنية خلال العقود السابقة من الخضوع لإرادتها والقبول بشروطها، عملًا بالمثل الشائع: الطبع يغلب التطبع. وفي الوقت نفسه تعبر عن سلوكها المعادي لجارها الشعب اليمني، الذي أثبتت أنها لا تحب الخير له، فلا هي تريد وحدة لليمن أرضًا وإنسانًا، ولا تريد انفصالًا، وإنما تريد إبقاءه ضعيفًا ومجزأً ليسهل لها – بمساعدة عملائها – التدخل وتحريض البعض على البعض الآخر، كما حدث مؤخرًا في حضرموت، الذي ترعاه السعودية والإمارات، وتعملان على نقل هذا السيناريو إلى محافظات أخرى.
وعليه، نود أن نلفت نظر قيادات النظام السعودي إلى أن الوضع في اليمن قد تغير بعد قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014م، وأن تحالفًا وطنيًّا يتصدره مكون أنصار الله تشكّل عقب قيامها، وأنهى إلى الأبد عهد التبعية والإملاءات، ولا يمكن أن يقبل التعامل مع أي دولة أخرى إلا من خلال الند للند، وبما يكفل حقوق ومصلحة اليمن العليا.
وهو الأمر الذي لم يرق لآل سعود رغم ما لقنه لهم الشعب اليمني من دروس منذ أكثر من عشرة أعوام خلال مواجهته – ممثلًا بقواته المسلحة المدعومة شعبيًا – لأقوى دول العالم عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا، بل وتخصصًا في الحرب النفسية وحبك الشائعات التي تحطم إرادة الشعوب. ومع كل ذلك، لم تهتز له شعرة واحدة، بل قاوم وتصدى للعدوان بشجاعة وبسالة شهد له بهما أعداؤه قبل أصدقائه، حيث استطاع أن يغير استراتيجيات الحروب ويقلبها رأسًا على عقب، فوضع مراكز البحوث العسكرية العالمية في ذهول، وجعلها تعيد نظرتها في تقديراتها، خاصة بعد تصدي اليمن بشكل مباشر لأمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وإجبارها على الاعتراف بهزيمتها في كل المعارك التي خاضتها معه برًّا وبحرًا وجوًّا، وقد بدأت تتكشف حقائقها على لسان قادة وخبراء أمريكيين وبريطانيين وإسرائيليين.
لكن لأن الغرور قد ركب رؤوس بني سعود، فإنهم يكابرون ويغطون على الحقائق بأموال شعب نجد والحجاز التي تُبعثر هنا وهناك بهدف شراء الضمائر الميتة والنفوس الضعيفة على مستوى العالم كله، غير مدركين أن الشعب اليمني بعظمته قادر على تغيير المعادلة لصالحه بتوكله على الله، وبقدراته المتواضعة قياسًا بما يمتلكه تحالف العدوان من قدرات عسكرية ومادية وإعلامية لا يستوعبها عقل.
لقد أخطأ النظام السعودي في تقديره حين ظل يتعامل مع الشعب اليمني على أساس أنه أولئك النفر من العملاء والمرتزقة الموجودة أسماؤهم في كشوفات اللجنة الخاصة، التي تدفع لهم موازنات شهرية وفصلية وسنوية من أجل تنفيذ أجندته في اليمن لعرقلة بناء الدولة الوطنية الحديثة القوية والعادلة. وهي أجندة رسمها النظام السعودي قبل أكثر من خمسة عقود، وتحديدًا حينما وضع يده على الملف اليمني الذي استلمه الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في أكتوبر 1967م بالعاصمة السودانية الخرطوم، وتحت إشراف رئيس وزراء السودان حينها الراحل محمد أحمد محجوب.
وحين سقط أولئك النفر عندما قامت الثورة الشعبية يوم 21 سبتمبر 2014م، وتبين للنظام السعودي أنه كان ينفق أمواله على أناس ورطوه أكثر مما أفادوه، عاد ليتعامل مع الشعب اليمني من الصفر، غير مستوعب أن هذه المرحلة الجديدة قد أرست – ولأول مرة في الجزيرة العربية – نظام الشراكة الوطنية، وطالبت برفع الوصاية الخارجية عن القرار السياسي اليمني، وهي خيارات وطنية من حق أي شعب حر أن يتبناها حفاظًا على سيادته واستقلاله. لقد عرّت النظام السعودي وأحرجته أمام شعبه المغلوب على أمره، الذي يخشى من تأثير التجربة الديمقراطية والتطور الحضاري في اليمن المجاور لنظامه، ولذلك لم يكن أمامه خيار – في محاولة منه لإجهاضها – سوى التدخل المباشر من خلال شن عدوان بربري وظالم، معتقدًا أنه بذلك سيعيد اليمن إلى بيت الطاعة. لكنه بعد عشرة أعوام من تجربته المريرة بدأ يشعر بخيبته، وأصبح على يقين تام بأنه سيهزم – بإذن الله – لا محالة، وذلك لسبب بسيط يتمثل في أن إرادة الشعوب المظلومة هي المنتصرة دائمًا لأنها مستمدة أساسًا من إرادة الله الواحد القهار.
وكم هو مؤسف أن يستأسد النظام السعودي الوهابي على جيرانه في اليمن، وهو العاجز أصلًا عن الدفاع عن نفسه، حيث إنه في وقت الشدائد يستعين بمرتزقة يستقدمهم من العديد من الدول ليدافعوا عنه ويقاتلوا بالنيابة عن جيشه الضعيف، رغم مليارات الدولارات التي تُنفق عليه من حيث التسليح والتدريب. لكنه أثناء المواجهة أهون من خيط العنكبوت، فيتساقط رجاله في الجبهات أمام رجال الرجال، وهم يتبولون على أنفسهم، وقد حدث ذلك في أكثر من جبهة عندما حاولوا مواجهة أبناء القوات المسلحة اليمنية.
إضافة إلى ذلك، فإن السعودية تسارع للاحتماء بسيدتها أمريكا ولا تستغني عنها، فهناك وثائق سرية تؤكد أنه منذ نهاية الأربعينيات من القرن الماضي وأمريكا متكفلة بحماية السعودية والدفاع عنها بموجب معاهدات وقعها الجانب الأمريكي مع أول ملك للسعودية، الطاغية عبد العزيز، الذي كان يقتل خصومه ويتوضأ بدمائهم ثم يصلي بأنصاره إمامًا لإرهابهم.
وطبقًا لما جاء في بعض الوثائق، فإن أول خطوة راسخة لمساندة وضمانات الرئيس الأمريكي ترومان الأمنية للعربية السعودية كانت عندما اجتمع جورج مَتفي، مساعد وزير الخارجية الأمريكي، مع الملك عبد العزيز لبحث الدفاع عن مملكته، بما في ذلك مطار الظهران الذي كان في ذلك الوقت مؤجّرًا للولايات المتحدة لفترة غير قصيرة. وقد بدأ سلاح الهندسة التابع للجيش الأمريكي العمل في السعودية عام 1951م، وصمم في نهاية المطاف سبعة مراكز عسكرية كبرى، منها مدينة عسكرية كبيرة تكفي لإيواء خمسمائة ألف من القوات العسكرية لصد أي هجوم محتمل من جيران السعودية العرب. وتلك المدينة – وهي الظهران – أصبحت قاعدة لعمليات قوات التحالف أثناء عملية عاصفة الصحراء ضد العراق، وكذلك ضد اليمن اليوم.
وقد واصل خلفاء الرئيس ترومان من الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين الوفاء بالتعهدات طبقًا لما تم الاتفاق عليه مع الملك عبد العزيز، ولا تمر مناسبة تشعر السعودية فيها بالحرج أو الخطر إلا وتلجأ لسيدتها أمريكا لتحميها وتدافع عنها. وها هي اليوم، الإدارة الأمريكية تشكل رأس حربة في العدوان البربري على اليمن، الذي مضى عليه أكثر من عشرة أعوام ويزداد تصعيدًا يومًا بعد يوم. ولكن رجال الرجال من أبناء القوات المسلحة اليمنية لهم بالمرصاد، معتمدين على الله، ومتوكلين عليه، وعلى الباغي تدور الدوائر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.