في كثير من الحالات القبلية كان العقاب يُفرض في صورة مبلغ ثابت متعارف عليه؛ ففي معظم فروع بكيل بلغ هذا المبلغ 110 قطع فضية (ريالات)، بينما استقر في حاشد عند 88 ريالًا، وغالبًا ما كان يُضاف إليه ثور. كما شاع الاكتفاء بنصف العقاب أو ربعه، أي دفع نصف المبلغ أو جزء منه، وربما إرفاقه بشاتين بدلًا من ثور. وإلى جانب ذلك وُجدت عقوبات أخف، كما كان الحال في سفيان قبل جيل، حيث يُلزَم من يصادر خنجر رجل أثناء خصومة بدفع خمس قطع فضية تعويضًا للمتضرر. غير أن الشكل الأكثر شيوعًا للعقاب عند وقوع ضرر مادي في ظرف يُعدّ مُهينًا أو مُشينًا هو دفع تعويض عن العار أو الخزي يعادل قيمة الضرر نفسه. ويُعبَّر عن هذا المبدأ بقولهم: الظلم مُثلَّث الظلم أو العقاب مُثلَّث النِّقصة، أي إن التعويض عن الضرر المادي أو الجرح يُضاعف ليصبح ثلاثة أضعافه. وفي الجرائم الأشد خطورة قد يرتفع التعويض إلى أربعة أضعاف (بالمرْبوع)، أو حتى إلى أحد عشر ضعفًا (بالمُحَدَّش). ومن حيث المبدأ النظري يمكن أن يُطبَّق هذا المنطق أيضًا في حالات الثأر من ظلم جسيم. فلو قُتلت امرأة رجل عمدًا، أو قُتل ضيفه، فقد لا يُرفع العار – بحسب بعض التصورات القبلية – إلا بقتل أربعة رجال من قبيلة الجاني أو فصيلته. ويُعدّ هذا النوع من الثأر المتعدد موضع استنكار شديد لدى الفقهاء المسلمين، كما أنه مصدر لحكايات قبلية ملتبسة نادرًا ما تحمل عبرة أخلاقية واضحة. ومن الأمثلة المتداولة قصة رجل من آل صلاح كان يرافق رجلًا من يام في أرض ذي محمد، فقُتل اليامي على يد جماعة من أقارب مرافقه، وهم أيضًا من آل صلاح. فقام المرافق بقتل ستة رجال ظنّهم مسؤولين عن الجريمة، وبعد زمن طويل، وبملاحظة عابرة، أدرك أن خاله كان ضمن القتلة فقتله هو الآخر. امتنانًا لذلك أقام اليامي شاهد قبر أبيض بارز لقتيلهم، ويُقال إنه لا يزال قائمًا. صحيح أن المرافق بيّض وجهه بقتل سبعة مقابل واحد، لكنه في المقابل فجّر نزاعًا مستعصيًا مع أقاربه وجيرانه، فاضطر إلى الهرب نحو اليمن الأسفل، حيث أصبح – كما تروي الحكاية – شيخًا ثريًا. وتُظهر هذه القصة أن السعي وراء الحق، سواء أكان شخصيًا أم نظريًا، قد يؤدي إلى تفكيك الروابط المحلية الضيقة، مما يجعل التسوية بالتعويض النقدي أو العيني خيارًا أكثر عقلانية على المستوى العملي. وفي بعض الحالات كان يُجمع بين الثأر والدفع النقدي؛ فإذا قُتل أحد المانوع على يد غريب خارج سياق الحرب، قيل إن ذي محمد قد يطالبون بالثأر إضافة إلى بضائع أو نقود تعادل ثلاثة أضعاف الدية. وفي الكفالة السوقية يصعب تفسير مصطلح الثأر الرباعي على أنه مطالبة دائمة بأربعة قتلى مقابل كل قتيل، أو أربع جروح مقابل كل جرح، إذ إن اعتبار الدم أو الدفع بمثابة غفران كان يعتمد على مسار النزاع وتطوره. أما التعويضات المرتبطة بالجروح أو الأضرار المادية فكانت تُناقَش بوصفها مضاعفات للتعويض الأصلي، كالدية التي تُحسب في الأساس نقدًا..ولا تُظهر الوثائق المتاحة معدلًا ثابتًا متعارفًا عليه للدية الكاملة، وتشير روايات القرن التاسع عشر إلى أن المبلغ الاسمي كان يُخفَّض تعسفًا في الممارسة القبلية. ومع ذلك يبدو أن التقدير المعقول للدية كان يتراوح بين 770 و800 قطعة فضية، ويعزّز هذا الاستنتاج ما يرد في بعض النصوص من أن غرامة إطلاق النار على رجل دون سبب وجيه تبلغ 110 قطع فضية، بينما ترتفع في حالة الهدنة – وهي جريمة أشد – إلى ربع الدية تقريبًا، أي ما بين 192 و220 ريالًا. ويشير هذا إلى أن الدية الكاملة كانت تقارب 800 ريال في القرن الثامن عشر، كما بقيت كذلك في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. غير أن وضع جدول تعويضات دقيق يظل أمرًا إشكاليًا، لأن المصطلحات – رغم اتساقها الظاهري – كانت تحتمل تفسيرات مختلفة؛ فأربعة أضعاف قد تعني أربعة أضعاف الدية، أو أربعة أضعاف العيب المتعارف عليه، وهو فرق شاسع في القيمة. وفي إحدى الحالات تبيّن أن أحد عشر ضعفًا لم تكن تعني مبلغًا نقديًا، بل خمسة ثيران وستة رؤوس من الأغنام ذُبحت كتعويض رمزي عن انتهاك سلام السوق. كما أن توزيع التعويض لم يكن محددًا دائمًا، إذ يختلف تحديد المتضرر قانونيًا من حالة إلى أخرى. وتبرز الإشكالية في عدد من المواضع، حيث يصعب الجزم بما إذا كان التعويض يُدفع مرة واحدة أم مرتين أم أربعة أضعاف. ويعود هذا الالتباس جزئيًا إلى افتراضات ضمنية تتعلق بمسار المطالبة، فضلًا عن عدم الوضوح بشأن الجهة التي تستحق مقدار التعويض. فالتعويض المضاعف أربع مرات، على سبيل المثال، إذا بادر ضامنو السوق إلى تعويض الخسارة فورًا، تعيّن على المدعي التنازل عن مطالبته بالتعويضات المتعددة. أما إذا تأخروا في ذلك، فسيكون من المتوقع أن يطالب المدعي بمبلغ يفوق ما يحصلون عليه من المتسبب في الضرر، بل قد يرفع دعوى مستقلة ضد الضامنين للمطالبة بتعويضات مضاعفة. وفي حال بذل الضامنون جهدًا كبيرًا في ملاحقة الجاني، وربما خاضوا نزاعًا شاقًا لاسترداد الحقوق، فمن المنتظر أن يتحملوا – بوصفهم المتضررين الأساسيين – ما لا يقل عن ثلاثة أرباع قيمة التعويض الكامل. وينسحب هذا المنطق ذاته حتى على التعويض عن الخسائر أو الأضرار المادية؛ إذ إن العرض السريع والواضح للتعويض ينبغي أن يؤدي إلى تنازل جزئي، في حين يُعدّ التأخير بمثابة إساءة إضافية.