مع اشتداد الطوق الأميركي المفروض على مدينة النجف استعدادا لهجوم تصفه القيادة الأميركية بالنهائي، تواصل الأطراف العراقية متمثلة بالحكومة العراقية المؤقتة بزعامة إياد علاوي والمؤتمر الوطني العراقي المباحثات لنزع فتيل الأزمة بعد فشل المفاوضات التي قادها مستشار الأمن الوطني موفق الربيعي. وكان أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قالوا إن الحكومة المؤقتة هي التي تراجعت وانسحبت من المفاوضات من غير مقدمات بعد أن اتفق مفاوضوها مع أتباع الصدر على معظم بنود اتفاق إنهاء المواجهات في النجف. واتهم أنصار الصدر علاوي بإفشال المفاوضات قائلين إن اتصالا هاتفيا منه إلى الربيعي الذي كان يقود المفاوضات أنهى كل شيء.المبادرة الأخرى لحل الأزمة جاءت من قبل حسين الصدر الذي ينتمي إلى ذات العائلة التي ينتمي لها مقتدى بالإضافة إلى كونه رئيس لجنة المصالحة في المؤتمر الوطني العراقي، وأقرها المؤتمر الذي أوصى بنقلها إلى السيد مقتدى الصدر للموافقة عليها.إلا أن أتباع الصدر انتهزوا فرصة تأجيل المؤتمر الوطني طرح مبادرته إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية في النجف، ليطلبوا من جديد عودة موفق الربيعي للمدينة لاستكمال المفاوضات معهم، لاسيما أنه سبق وأعلن أنه مستعد للعودة لاستكمال المفاوضات في الوقت الذي يطلب منه ذلك. وقدم أحد مساعدي الصدر وهو الشيخ أحمد الشيباني بين يدي دعوة الربيعي موافقة على تحويل جيش المهدي إلى منظمة سياسية فاعلة في المجتمع العراقي محاولا أن يرمي بذلك الكرة في ملعب الحكومة العراقية. وبين دعوات التهدئة والهدنة ونزع فتيل الأزمة المحتدمة تبقى قعقعة السلاح هي الأعلى صوتا في أزمة المدينة المقدسة.فمن جانبهم يؤكد أتباع الصدر مواصلة الدفاع عن المدينة معتبرين العمل الذي يقومون به جهادا لكبح جماح الكفار، في حين يستمر الأميركيون في حشد قواتهم العسكرية قرب المدينة القديمة بعد طرد الصحفيين في مؤشر يدل على احتمال حدوث أحداث دامية كتلك التي شهدتها الفلوجة غرب بغداد قبل أشهر قليلة. ويقول المحلل السياسي وليد الزبيدي للجزيرة نت إن أحداث النجف الأخيرة جعلت الحكومة العراقية على المحك، وإن عليها أن تعيد النظر وتراجع حساباتها التي تؤدي إلى قتل العراقيين في مدينة النجف والكوت بل في معظم المدن العراقية بأيد أميركية.وأضاف الزبيدي أن القوات الأميركية بضربها العراقيين في النجف بعد الفلوجة تبرهن على وجود معارضين كثر لها لا يريدون بقاءها ويرغبون في جلائها عن العراق في أقرب وقت وأنهم ليسوا حالة معزولة بل هي مقاومة عراقية وطنية تتوزع في معظم أنحاء العراق. ومع خروج المراجع الأربعة الأهم في النجف وعلى رأسهم السيستاني من المدينة قبل اندلاع الأزمة الكبرى بأيام، ومع إغلاق مكتب الجزيرة في بغداد قبل الأزمة كذلك بالإضافة إلى المنع الأخير للصحفيين من الاقتراب من المكان الذي يقول عنه أهالي النجف إنه سيكون محرقة على الجانبين، تبقى الساعات العصيبة القادمة على مدينة النجف هي الأشد عليها منذ ولوج الاحتلال أرض العراق.