عاد الموساد الاسرائيلي (الاستخبارات الخارجية) الي الواجهة بعد ان قام عميل سري سابق في هذا الجهاز، وهو مسيحي كندي اعتنق اليهودية، بنشر كتاب جديد عن هذا الجهاز، يكشف فيه الاسرار التي يحاول المسؤولون الامنيون في اسرائيل التستر عليها. ولكن خلافا لكتاب فيكتور اوستروفسكي، الذي نشر قبل اكثر من عقد من الزمان، فان الكتاب الجديد لمؤلفه مايكل روس، لا يكن العداء للموساد، ولا يقوم بعملية تصفية حسابات معه ومع قيادته، كما فعل اوستروفسكي، الذي فضح الاسرار والاسماء علي حد سواء. الموساد من ناحيته، كما افاد المحلل الامني في صحيفة هآرتس الاسرائيلية يوسي ميلمان، رفض التعقيب علي ما ورد في الكتاب الجديد، زاعما انه ليس من عادته الرد علي نشر اخبار وكتب تتعلق بعمله في الدول العربية والاسلامية. الكتاب الجديد الذي صدر مؤخرا في كندا يحمل اسم المتطوع: الحياة السرية لكندي في الموساد، وهو يسرد تجربة العميل الكندي في الموساد، والمهام التي قام بها في ايران ولبنان خلال عمله، الا ان الاجهزة الامنية الاسرائيلية، كما اكد الصحافي ميلمان في تقريره تشكك في الروايات التي اوردها الكاتب في كتابه الجديد، وتزعم ان الكتاب مليء بالامور غير الصحيحة وغير الدقيقة، بمعني اخر، فان القيادة تعمل بكل ما اوتيت من قوة لشيطنة الكاتب وتحويله الي كذاب، لدرء الخطر الذي يحمله بين طياته. اللافت ان اوستروفسكي كان كنديا، وروس هو كندي، وعملاء الموساد الذين اعتقلوا في الاردن بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الدائرة السياسية في حماس، خالد مشعل، كانوا يحملون جوازات سفر كندية. وهكذا للمرة الثانية خلال سنوات، أقدم مواطن كندي، يدعي مايكل روس، علي إصدار كتاب يبين فيه الأدوار التي لعبها في التجسس لمصلحة الموساد في إيران والعديد من الدول العربية. وكان الموساد تعرض لواحدة من أكبر فضائحه، اثر كشف عميل سابق لجأ الي كندا، يدعي أوستروفسكي، عن بنية هذه المنظمة السرية والكثير من نشاطاتها. ففي العام 1990اهتزت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية اثر قيام أوستروفسكي بنشر كتاب عن حياته كضابط كبير في الموساد. ويتشابه أوستروفسكي كثيرا مع مايكل روس، في كونهما ولدا في كندا ويحملان جنسيتها، وفي الأدوار التي لعباها في التجسس في الدول العربية لمصلحة الموساد. ولكن بموازاة ذلك، قال مفكرون عرب ان كتاب اوستروفسكي نشر لارهاب العرب وتعظيم الموساد وقدراته علي اختراق المؤسستين الامنية والسياسية في الدول العربية والاسلامية. وقال الصحافي ميلمان، المعروف بصلاته الوطيدة مع المؤسسة الامنية الاسرائيلية، والذي قام باصدار العديد من الكتب كشف فيها عن اسرار وخبايا العمل الاستخباراتي الاسرائيلي، في هآرتس امس ان العمليات التي ذكرت في الكتاب كانت جريئة للغاية، وان اساليب عمل الموساد كما وردت في الكتاب تبدو متطابقة جدا للعمل النمطي للموساد خلف اراضي العدو، علي حد تعبيره. وكشف مؤلف الكتاب بتوسع النقاب عن أوجه تعاون الموساد مع أجهزة الاستخبارات الأخري، وخصوصا الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه)، وعن عمليات مشتركة ضد رجال من حزب الله حتي داخل الأراضي الأمريكية. ومن اهم القصص التي يكشف عنها الكاتب، الذي وصل الي اسرائيل وعاش فيها وخدم في جيشها وتزوج من اسرائيلية، هي قصة نجاح الموساد في ادخال عميلين في العام 1993 الي ايران، في مهمات تجسس، تحت غطاء رجال اعمال، وصلا الي العاصمة الايرانية بهدف ابرام صفقة تجارية مع رجال اعمال ايرانيين، وخلال تواجدهما في طهران، تلقيا امرا مشفرا من القيادة في تل ابيب بالافتراق، حيث قام كل واحد منهما بتنفيذ المهمة الملقاة علي عاتقه، ويقول مؤلف الكتاب انه وصل الي مدينة نانتز الايرانية، تحت غطاء سياحي، وعند وصوله اخذ عينة من التربة في المكان واخفاها في حذائه، وبعد انتهاء المهمة، عاد الاثنان الي اوروبا، ومن ثم الي مركز قيادة الموساد في تل ابيب. ويكثر كتاب روس من الحديث عن استخدام أجهزة الراديو العاملة علي الموجات القصيرة لاستقبال الرسائل المشفرة. ويوضح روس في الكتاب أن بين العمليات التي شارك فيها مراقبة شحنات صواريخ من طراز سكاد الي سورية في العام 1991، ويشير الي عملية أخري ضد الإيرانيين في جنوب أفريقيا تمثلت في ترويع وكلاء مشتريات يعملون لمصلحة الحرس الثوري كانوا يسعون لشراء أسلحة متقدمة. ويروي أنه تم إرساله من جانب الموساد الي أوروبا لتأسيس شخصيته الجديدة كرجل أعمال يعمل في شركة تجارية سويسرية، وأنه في إطار عمله وصل الي العديد من الدول العربية، بينها المغرب والسودان. القدس العربي