كشفت دراسة أمريكية حديثة عن جهود أمريكية بذلت خلال السنوات الماضية ولا تزال لدعم جناح معتدل داخل حزب التجمع اليمني للإصلاح (الاخوان المسلمين في اليمن ) على حساب الاجنحة التي وصفتها الدراسة بالمتشددة داخل الحزب –مشائخ وفقهاء الإصلاح - وذلك من خلال دمج الجناح المعتدل بالمعهد الوطني الديمقراطي في اليمن ودعم هذا الجناح لاحداث "انقلاب "تسيطر به على مقاليد الحزب لاسيما بعد عودة الجناح العقائدي المتطرف للسيطرة على مقاليد الحزب مؤخرا . والدراسة التي قامت بها الباحثة الأمريكية مني يعقوبيان، إحدى المتخصصين في متابعة ملف الحركات الإسلامية "المعتدلة" في الشرق الأوسط، ونشرها معهد السلام الأمريكي، USIP وهو معهد مرموق يحظي بتأثير مهم في صياغة مواقف الكونجرس والبيت الأبيض تجاه العديد من القضايا.تحمل عنواناً جذاباً هو "دمج الإسلاميين وتعزيز الديمقراطية . تقييم أولي" Engaging Islamists and Promoting Democracy; Preliminary Assessment . وكما هو واضح من عنوان الدراسة فهي عبارة عن محاولة أولية لتقييم الجهود الأمريكية المبذولة في إطار تعزيز ودعم الديمقراطية في البلدان العربية. وتقرر الدراسة ابتداء أن معركة الولاياتالمتحدة مع تيارات العنف والتطرف لابد وأن تتم من خلال دعم وتقوية عمليات التحول الديمقراطي في العالم العربي، حتي وإن أدي ذلك إلي صعود الإسلاميين "المعتدلين"، بل تؤكد الدراسة علي ضرورة دعم هؤلاء الإسلاميين باعتبارهم حائط الدفاع الأول في مواجهة المتطرفين والمتشددين في أحزابهم وفي الأحزاب الإسلامية الأخرى . لذلك تطالب الدراسة بضرورة استمرار الولاياتالمتحدة في دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط، وتعزيز دمج الإسلاميين في الحياة السياسية العربية. وتشير الدراسة إلي ان(التجمع اليمني للإصلاح) الذي جاء امتدادا لحركة الإخوان المسلمين في اليمن خليط من الإخوان المسلمين، وبعض شيوخ القبائل، بالإضافة إلي نفر من الإسلاميين المحافظين والمتشددين. وبينت الدراسة انه وبالرغم من منهج الحزب الاخواني في توجية الاتهامات للحكومة ورفع شعارات لدغدغة عواطف الناخبين كالفساد والمستوى المعيشي للعديد من السكان , الا انه وفي انتخابات 2003 لم يحصد أي تجمع الاصلاح الاسلامي سوى 46 مقعداً من إجمالي 301 مقعداً وحصل حزب المؤتمر الشعبي الحاكم علي 225 مقعداً. أما بالنسبة للجهود الأمريكية في دمج التجمع اليمني للإصلاح، فتشير الدراسة إلي أن التعاون الذي حدث بين التجمع والمعهد الوطني الديمقراطي، والذي أثمر عن زيادة التعاون بين التجمع والفرقاء السياسيين والعلمانيين في اشارة لتكتل المشترك (اللحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الناصري ) . وتري الدراسة بأن زيادة دعم الولاياتالمتحدةالامريكية للتجمع اليمني للإصلاح مشروطة بزيادة تأثير الجناح المعتدل للانقلاب على الأجنحة المتشددة داخل الحزب. وكان الجناح المتأمرك داخل حزب الإصلاح قد استطاع ان يسيطر على مقاليد الحزب منذ الانتخابات 2003 وحتى مطلع العام الجاري غير ان الجناح المتشدد والمتطرف داخل الحزب قد احدث موجة انقلاب واسع اطاح فيها بالقيادات المتأمركة والتي انتهجت خطا واسع بالعلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث أعاد الجناح العقائدي القديم المتطرف في حزب الإصلاح الإسلامي السيطرة على مقاليد الحزب في مؤتمره العام الرابع المنعقد مؤخرا فأعاد معظم «القيادات الإصلاحية التقليدية والمتشددة - والتي انتهجت العمل المسلح والانقلابي منذ سبعينيات القرن الماضي وواجهت المد الشيوعي في تلك الفترة - ووضعها على رأس هيئاته القيادية.. في خرق فاضح للوائحه التنظيمية. وعزى كثير من المراقبين في اليمن ذلك الانقلاب بعد ثبوت تورط بعض القيادات في الجناح المتأمرك داخل الحزب بإيصال معلومات لدوائر استخبارا تيه أمريكية معنية بشئون الإرهاب حول عدد من القيادات الدينية المتشددة داخل الحزب كالشيخ عبد المجيد الزنداني والشيخ محمد المؤيد المسجون حاليا في الولاياتالمتحدةالأمريكية بتهم دعم الإرهاب بعد ان تم استدراجه للإيقاع به. وفي حالة الأردن تقرر الدراسة أن التعاطي والتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، يبدو أكثر صعوبة من حالات عربية اخرى . فقد بدأ الانفتاح السياسي في الأردن عام 1989 حين بدأت إصلاحات سياسية محدودة كتوسيع نطاق الحريات المدنية، والسماح بقيام أحزاب سياسية، وإقامة انتخابات تعددية. وفيما يخص الإسلاميين، فقد أنشأ حزب "جبهة العمل الإسلامي" عام 1992 كذراع سياسية لحركة الإخوان المسلمين في الأردن. وقد امتلك الحزب برنامجاً واضحاً، يقوم علي الشفافية ويحظي بتأييد قطاعات مؤثرة من المجتمع الأردني. وعلي الرغم من قدم العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والقصر الملكي، والتي تعود لأيام الملك حسين، إلا أن الحكومة الأردنية كثيراً ما رأت في الجماعة خطراً وتهديداً يجب مراعاته. وقد كان تصريح رئيس حزب "جبهة العمل الإسلامي" الذي جاء علي خلفية الفوز الكبير الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أجريت في 2006، ناقوس خطر بالنسبة للحكومة، حيث قال" إن الإسلاميين في الأردن باتوا جاهزين للحصول علي السلطة في الأردن". وكثيراً ما يزعم زعماء الحزب أن بمقدورهم الحصول علي ما يتراوح بين 40 إلي 50 بالمائة في أية انتخابات حرة ونزيهة قد يتم إجراءها. وبشكل يفوق نظيرتها في المغرب، فإن "جبهة العمل الإسلامي" تطالب بتطبيق كامل للشريعة الإسلامية في الأردن، ويطالبون بفصل التلاميذ في المدارس، وتغطية الرأس إجباريا، وإغلاق الملاهي الليلية، وحظر شرب الخمور والكحوليات، بل ويعارضون تخصيص حصة (كوتة) للنساء من مقاعد البرلمان بواقع 20 بالمائة، فهو بالنسبة لهم أمراً غير دستورياً، كما أنهم لا ينسجم مع طبيعة المرأة. لذا تشير الدراسة إلي أن حزب "جبهة العمل الإسلامي" ليست الممثل الوحيد للإسلاميين في الأردن، فهناك حزب "الوسط" الإسلامي المعتدل، الذي تأسس عام 2001، بعد انشقاق بعض زعماءه عن حركة الإخوان المسلمين. وحسب الدراسة فإن عضوية الحزب تصل إلي ما يقرب من 400 شخص من الإسلاميين المستقلين، فضلاً عن بعض النساء. وتقرر الدراسة أن الحزب، مقارنة بالجبهة، لا يحظي بأرضية كبيرة، وتأثيره محدود، كما أنه لا يحتفظ بأي مقعد في البرلمان، ويأمل الحزب بالحصول علي بعض المقاعد في الانتخابات التي من المزمع إجراءها في نوفمبر 2007. أما فيما يخص الجهود الأمريكية لدعم الديمقراطية في الأردن فتشير الدارسة إلي أن ثمة صعوبات كثيرة واجهة كلاً من المعهد الوطني الديمقراطي، والمعهد الجمهوري الدولي في التواصل مع حركة الإخوان المسلمين، والتي توجه انتقادات حادة للسياسة الأمريكية، وترفض المشاركة في أية فعاليات سياسية قد تنظمها مؤسسات الدعم الأمريكية، وذلك علي عكس الوضع مع حزب "الوسط" الإسلامي، الذي استفاد كثيراً من الجهود التي تقوم بها هذه المؤسسات في مجال تنمية الوعي السياسي، وتدريب أعضاء الحزب علي الممارسة الديمقراطية. وتخلص الدراسة إلي أنه، وعلي عكس حالة المغرب، لم تثمر الجهود الأمريكية حتي الآن في دعم عملية التحول الديمقراطي في الأردن نظراً لعوامل عديدة، منها تأثر الحياة السياسية في الأردن بالبيئة الإقليمية وعوامل عدم الاستقرار بها، ومنها ضعف الإصلاحات السياسية في الأردن، وأخيراً، صعوبة تحرير ولبرلة النظام السياسي في الأردن، فالبرلمان ضعيف، والأحزاب مشخصنة وغير فاعلة، باستثناء حزب "جبهة العمل الإسلامي"، وإن كان يعاني من أمراض أخري، وفق الدراسة في مقدمتها انغلاقه علي أعضائه وعدم انفتاحه علي بقية التيارات السياسية. وتختتم الدراسة بوضع توصيات لصانع القرار الأمريكي تتمثل أهمها في ضرورة توفير أدوات بحثية واستقصائية لقياس درجة تطور الإسلاميين ومقدار تحولهم نحو الاعتدال، والتعرف علي توجهاتهم الفكرية والسياسية وضرورة مد مجالات دمج الإسلاميين كي تشمل الجوانب الاجتماعية ودعم شبكة العمل الخيري في النقابات والجمعيات الأهلية.