تكتسب المنطقة الحرة بعدن أهمية استراتيجية كبيرة في تعزيز النمو الاقتصادي لليمن وجذب الاستثمارات العالمية كما تعد أحد أهم بوابات الانفتاح الاقتصادي اليمني على العالم الخارجي، نظراً لما تتميز به من مزايا طبيعية وموقع جغرافي استراتيجي بجنوب الجزيرة العربية والتي تطل على البحرين العربي والأحمر ووجودها على الخط الملاحي الدولي. وأكدت دراسة اقتصادية حديثة : أن أبرز عوامل نجاح المناطق الحرة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمناخ المطلوب للاستثمار وبكافة الظروف المحيطة بالعملية الاقتصادية في الدولة عموماً وتحديداً في المناطق الحرة.. مشيرة إلى أن ذلك المناخ يترتب عليه تأثيرات إيجابية أو سلبية في مدى نجاح المشروعات الاستثمارية في الدول المضيفة، وبالتالي التأثير على عملية جذب الاستثمارات وتشجيعها إلى تلك الدول. وأضافت الدراسة التي أعدها الأخ محمد علي عوض الحرازي وجاءت تحت عنوان "الدور الاقتصادي للمناطق الحرة في جذب الاستثمارات دراسة مقارنة" أن المناخ الاستثماري ينصرف إلى مجمل الظروف العامة التي تمر بها الدولة سواء السياسية والاقتصادية والأمنية أو الاجتماعية والقانونية والإدارية، منوهاً بأن الخصائص الجغرافية والديمغرافية تلعب هي الأخرى دوراً استراتيجياً في عملية جذب الاستثمارات. ولفت الحرازي في دراسته إلى أن العديد من دول العالم إن لم نقل جميعها تسابق لجذب الاستثمارات الأجنبية إليها، نظراً لما لها من دور كبير وبارز في حفز النمو الاقتصادي في أي دولة ولذلك تعمل هذه الدول في إطار منظومة اقتصادية لجذب الاستثمارات الأجنبية وإحدى هذه الوسائل المناطق الحرة والتي يهيئ لإقامتها مناخاً استثمارياً متكاملاً تنصرف أهم عناصره إلى تحسين مجمل الأوضاع والظروف المحيطة بالعمليات الاستثمارية لما تمثله تلك العناصر من أهمية وتأثيرها البالغ على مدى نجاح المشروعات الاستثمارية وبالتالي الحكم من خلالها على مدى توفر المقومات المطلوبة لإنشاء وتطوير المناطق الحرة. وحددت الدراسة مجموعة من النقاط الأساسية والعوامل المؤثرة في نجاح المناطق الحرة في عملية جذب الاستثمارات أبرزها الموقع الجغرافي المتميز للمنطقة الحرة بحيث تكون في ملتقى خطط المواصلات العالمية جوية - بحرية - وبرية والقرب من الأسواق الكبرى المنتجة للمواد الخام الأولية والمستهلكة في نفس الوقت إضافة إلى وجود درجة عالية من الحرية الاقتصادية ودرجة منخفضة من الأعباء المالية التي قد تتعرض لها المشروعات الاستثمارية. مؤكداً على ضرورة توفر بنية تحتية كافية ومتطورة تستطيع تلبية متطلبات الحركة الاستثمارية ووجود مستثمرين محليين يمثلون شراكة قادرة على استقطاب المستثمرين الأجانب وتشجيعهم لتوطين استثماراتهم في المناطق الحرة وبخاصة الاستثمار في المشروعات الصناعية المعتمدة على المواد الخام الأولية المتوفرة في الدولة. ولفت إلى أهمية انفتاح الدولة المضيفة على دول العالم الأخرى مما يمكن الاستثمارات الأجنبية في المناطق الحرة من إقامة علاقات اقتصادية متعددة مع مختلف دول العالم دون أي عوائق وأن تتمتع الدولة أو المدينة التي تقام فيها المنطقة الحرة بمكانة تاريخية وخبرات تراكمية في مجال التجارة الدولية وتتمتع أيضاً بقدر من التحضر وحسن استقبال وتعامل مواطنيها مع المستثمرين والعمال الأجانب بغض النظر عن العرق أو الجنس أو اختلاف الدين أو اللغة أو العادات والتقاليد وتوفر أيدي عاملة متنوعة المهارات منخفضة الأجور مقارنة بالدول المتقدمة وإعفاء المشروعات الاستثمارية العاملة في المناطق الحرة ومعداتها اللازمة للإنتاج وأرباحها وتحويلاتها ورؤوس أموالها وكذا منتجاتها التي يتم تصديرها إلى خارج الدولة من الإجراءات والضرائب والرسوم الجمركية وضرورة توفر قدر كبير من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في الدولة المضيفة وأن تتمتع هذه الدولة بقدر كبير من الشفافية في تعاملاتها مع المستثمرين الأجانب والمحليين من خلال اتباعها عدداً من القواعد الموضوعية لنمط التعامل مع المشروعات الاستثمارية في المناطق الحرة بما يطمئن المستثمرين المحليين والأجانب بعدم تعرض استثماراتهم للتأميم أو المصادرة أو الاستيلاء عليها مع تحري أن تكون مضامين التشريعات القانونية المتعلقة بالاستثمار لا تحتمل أي تأويل أو تفسيرات متعددة ومراعاة أن تتضمن تلك التشريعات النص على جواز اللجوء إلى التحكيم الداخلي أو الدولي في حال نشوب نزاع يتعلق بالاستثمار وأهمية إنشاء وحدة بحوث خاصة في المناطق الحرة تتولى إجراء الدراسات المختلفة الهادفة لتطوير المنطقة الحرة في شتى الجوانب بما يترتب عليه تحقيق أهداف هذه المنطقة ومواكبة التطورات الاقتصادية الدولية المتعلقة بالمناطق الحرة وتوفير المعلومات الاستثمارية المختلفة وتسهيل عملية الحصول عليها من قبل المستثمرين الأجانب والمحليين على السواء والعمل على تسويق الاستثمارات في المناطق الحرة من خلال وحدات متخصصة يتم تزويدها بالإمكانيات الكافية وتهيئة الظروف المناسبة لها للتواصل مع المستثمرين في أي مكان في العالم وفقاً لتوجهاتها الاقتصادية. وشددت الدراسة على ضرورة وجود قضاء عادل متخصص ومستقل يتم من خلاله إنجاز وفعل القضايا المتعلقة بالاستثمار وبما يضمن عدم مجاملة المستثمر المحلي على حساب المستثمر الأجنبي والسعي للحصول على شهادة الجودة الشاملة للايزو (9002) التي يمكن من خلالها تقييم مدى كفاءة المنطقة الحرة وزرع الثقة لدى المستثمرين فيها، يضاف لذلك أن تعمل سلطة المنطقة الحرة على تشجيع الشركات العاملة فيها للحصول على إحدى شهادات الجودة العالمية التي أصبحت تسهم في تسهيل دخول الشركات إلى الأسواق العالمية على بساط من الكفاءة والجودة. وقد حوت الدراسة بنسب متفاوتة حسب الأهمية كل تلك العوامل سالفة الذكر التي تم وضعها في جداول توضيحية ووضع جملة من المقارنات في عدد من المناطق الحرة وتحديد في بعض الدول العربية المشهورة بتقدمها في مجال إدارة المناطق الحرة ووجود مناطق حرة فيها ناجحة. وأشار كذلك إلى أنواع المناطق الحرة والفرق بينها وبين غيرها من النظم المشابهة، كما تطرق في فصل مستقل إلى التشريعات المالية والاقتصادية المنظمة للاستثمار في المناطق الحرة وغيرها.