قال أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور طه الفسيل ان " دور القطاع الخاص اليمني محدود في عملية التنمية وهو في الكثير من الحالات أحد عوائق تدني إقبال الاستثمارات الخارجية , لأن أغلب القطاع الخاص ما يزال يفكر بالعقلية القديمة وما تزال لديه الرغبة في البقاء مسيطراً على السوق اليمنية" . وأضاف أن القطاع الخاص اليمني غير قادر على المنافسة وأن دخول المستثمر الأجنبي سيكشف مدى هشاشة القطاع الخاص اليمني . وقال الفسيل في حديث لوكالة الأنباء اليمنية سبأ " لو أن هذا القطاع جاداً في المساهمة في جذب الاستثمارات الاجنبية لكان قد عقد شراكات وتحالفات معهم , لكن للأسف مايزال يعيش في حالة من الخوف من القادم و الخارج والتصارع فيما بينة البين". وطالب الدكتور الفسيل القطاع الخاص بتحديد رؤية مستقبلية له يعمل على ضوئها .. وقال " أذا ما أستمر القطاع الخاص على وضعه القائم فإنه لن يحقق شيئ في الوقت الذي غالباً ما يبحث فيه المستثمر الاجنبي عن شريك له في البلد الذي ينوي الإستثمار فيه" . منوهاً أن بعض الشركات الأجنبية المشاركة في مؤتمر فرص الاستثمار في اليمن المقرر انعقاده يومي 22-23 ابريل الجاري في العاصمة صنعاء ستبحث لها عن شركاء محليين للدخول معهم في تعاون مشترك وإن لم تجد ذلك الشريك فمن المؤكد أن نتائج المؤتمر ستكون محدودة . فيما اعتبر الفسيل ان مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار سوفي ينجح بسبب توافر مقومات النجاح .. واوضح ان هذه المقومات هي توفر الإرادة من قبل القيادة السياسية في اليمن وقادة مجلس التعاون الخليجي في تأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج ضمن اقتصاديات مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، بالاضافة الى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتحسين بيئة الاستثمار , و التي كان من أهمها إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد واللجنة المستقلة للمناقصات . وقال أن تلك الإجراءات سوف تعزز من ثقة المستثمرين بالأوضاع الاقتصادية في اليمن، فضلاً عن الفترة الزمنية الطويلة للتحضير للمؤتمر وموافقة مجلس الوزراء في شهر يناير2006م على أجندة الاصلاحات الوطنية التي تم الانتهاء من جزء كبير منها , والعمل الجاد من قبل الحكومة لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية , الذي يتضمن العديد من القضايا التي من شأنها تحسين المناخ الاستثماري في اليمن كما ان نجاح مؤتمر المانحين الذي عقد نهاية العام الماضي بلندن قد وفر جز لابأس بة من التمويل. واضاف " كما ان هناك عوامل اخرى هامة توفرت لنجاح المؤتمر منها القبول التدريجي لليمن في بعض مؤسسات دول مجلس التعاون الخيلجي الذي كان لة الاثر الواضح في عمل الحكومة على تطوير بعض الجوانب التشريعية والقانونية وتحسين اداء الكثير من الأجهزة الإدارية والمالية بما يتوائم مع مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي. قال "ان قانون الاستثمار اليمني يمنح العديد من المزايا والتسهيلات للمستثمرين سواء ضريبية اوجمركية او غيرها لكن المشكلة في اليمن لا تكمن في القانون بل في تطبيقه , ويتضح ذلك في ان القانون منذ تم اعداده سنة1992م طراء علية العديد من تعديلات في عام 1995م و1997م و2002م , ولكن ذلك لم يساهم حتى بالحد الادنى من جذب الاستثمارات كما كان متوقعاً منه , والسبب في ذلك هو عدم تطبيق نصوص القانون وغياب البيئة الاستثمارية بالمفهوم المتكامل سواء من حيث الاطار التنظيمي او التشريعي او القانوني اوالاداري". وأردف قائلاً " ولكن ذلك لا يعني ضعف المناخ الإستثماري هنا لأن الحكومة اليمنية اتخذت العديد من الإجراءات الهادفة إلى جذب رؤؤس الأموال المستثمرة من خلال تحسينها لبيئة الإستثمار بإنشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد ولجنة مستقلة للمناقصات،فضلاً عن إقرارها لمصفوفة تحسين بيئة الاستثمار التي إذا ما نفذت باكامل فإنها دون شك ستسهم في القضاء على المعوقات التي يتخوف المستثمر من مواجهتها" . وحول قدرة اليمن على المنافسة في جذب الإستثمارات الخارجية قال الدكتور طة الفسيل استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء " لابد ان يدرك الجميع ان المنافسة في جذب الإستثمارات تقوم على امرين اساسيين هما الميزات النسبية، والميزات التنافسية. وأضاف اليمن تمتلك من الميزات النسبية الكثير كونها تتمتع بموقع الاستراتيجي كما هو الحال بالنسبة للعديد من مناطق اليمن كالمنطقة الحرة بعدن التي تتفوق على مثيلاتها في المنطقة بشكل كبير من حيث قربها من خطوط الملاحى البحرية او من حيث امكانية تشغيلها على مدار24 ساعة طوال ايام السنة لعدم وجود عواصف بحرية او من حيث اتساعها الذي يمنحها قدرة إستقبال سفن كبيرة، اضافة الى المنطقة الخلفية لها والتي تمتلك مساحات واسعة. وقال"لكن للأسف بالرغم من كل هذه الميزات النسبية للمنطقة الحرة إلا اننا لم نستطيع ان نستفيد من تشغيلها بطريقة تمكنها من منافسة المناطق الحرة في المجاورة نتيجة للغياب التنظيم والادارة والتدخلات الحاصلة من قبل الكثير من الجهات، في الوقت الذي لا تملك فيه دول كثيرة مثل هذه الميزة النسبية ومع ذلك استطاعت خلق ميزات نسبية لها كما هو الحال في ميناء جبل علي بأمارة ابوظبي الذي حول الأمارات العربية إلى أشبة بمنطقة حرة ككل" . وتابع " والأمر الثاني فهو الميزات التنافسية المتمثلة في الاستقرار الاقتصادي والنظام الادراي والمالي والقوانيين والتشريعات والبيئة الاستثمارية وقد قطعت اليمن في هذا الجانب شوطاً لا بأس يمكن القول بأنها تمكن من جذب الاستثمارات الخارجية" . وعن المعالجات التي يجب على الحكومة اتخاذها لتحسين البيئة الاستثمارية , أوضح الفسيل أن من أهم المعالجات الآنية هو حل الاشكاليات التي تواجه الاستثمار من خلال الإسراع في تطبيق مصفوفة تحسين البيئة الإستثمارية كونها اعتمدت على دراسات مستفيضة عن واقع الاستثمار في اليمن، ولأنها كفيلة بتوفير البيئة الاستثمارية الملائمة، وجذب الإستثمارات الخارجية التي تسهم مباشرة في تحقيق الإنتعاش والإستقرار اقتصادي وهو ما يعني القضاء على معدلات التضخم ووقف اي تغيرات كبيرة في السياسات الاقتصادية والحد من عجز الموازنة العامة وتكوين سياسات واضحة في المجال التشريعي والتنظيمي والاداري والامني. وقال " وفي حال تحقيق ماسبق سيأتي المستثمرين الى اليمن لأن المستثمر بطبيعة الحال ينظر إلى المستقبل، و قبل ان يقوم بالاستثمار في اي دولة فإنه يدرس الوضع الاقتصادي جيدا فيها ليتأكد من ان الاستقرار الاقتصادي سيكون متوفرا في المستقبل ولكي يضمن عدم تعرض استثماره للخسارة" . وفيما يتعلق بالبنية التحتية و اعتبارها من اكبر العوائق التي تعيق جذب الإستثمارات الخارجية.. أشار أستاذ الإقتصاد بجامعة صنعاء إلى أن ضعف البنية التحتية أو عدم توفرها لا يعد عائق امام جذب أو قدوم الاستثمارات بل العكس من ذلك، لإن عدم توفرها يشكل حافز للقطاع الخاص للأستثمار فيها سواء بنظام الاستثمار الفردي او بالشراكة مع القطاع الخاص" . وقال " فمثلا مشكلة الطاقة الكهربائية يمكن حلها بنفس الطريقة التي تم تطبيقها في جمهورية مصر التي استطاعت ان تغطي عجز كبير من الطاقة الكهربائية بتعاقدها مع إحدى الشركات الفرنسية لإنشاء محطات كهربائية بنظام شراكة يعرف ب(Boot) الذي يقوم على اقامة مشروع معين بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص حيث يتولى القطاع الخاص تشغيل المشروع لفترة زمنية معينة يتفق عليها الطرفان وبعد ذلك يتحول المشروع بالكامل الى ملكية الحكومة ولذا فإن اليمن هي الاخرى تستطيع ان تحل الكثير من مشاكل البنية التحتية سواء الكهرباء او الاتصالات او المياة اوغيرها بالشراكة مع القطاع الخاص". وشدد أستاذ الإقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور طه الفسيل على أهمية تركيز الحملة الترويجية للمؤتمر في أيامها الأخيرة على دول الخليج التي يوجد بها الكثير من المستثمرين الذين تتوفر لديهم الرغبة في الاستثمار في اليمن وكما أن علينا خلق الثقة بأقتصادنا واستقرار اوضاعنا لان التجارب اثبتت ان كسب ثقة المستثمر تحتاج الى فترة طويلة وأي إشكالية بسيطة يمكن ان تقضي على هذه الثقة ونحتاج بعدها الى فترة طويلة لإعادة بنائها. سبأنت