كشف رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني, عن رصد 15 مليون دولار لتنفيذ مشروع تنمية المدن التاريخية بمدينة زبيد، الذي يقوم بتنفيذه الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة بدعم من الدول المانحة . وأكد رئيس مجلس الشورى في كلمته التي ألقاها في حفل افتتاح الندوة الخاصة بدور المجتمعات المحلية في الحفاظ على المدن التاريخية التي عقدت اليوم الخميس بمدينة زبيد, حرص القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية على إبقاء مدينة زبيد حاضرةً وحيةً، إلى جانب المدن التاريخية الخالدة لليمن، صنعاء القديمة، وشبام حضرموت، لتكون حافزاً لإضافة مدن ومواقع أخرى إلى سجل التراث العالمي . وقال عبدالغني :أن هذا الاهتمام يأخذ أبعاده العملية الميدانية، ويهدف في غاياته النهائية إلى استعادة هذه المدينة لألقها وقيمتها التاريخية، وصون طابعها العمراني المميز والحفاظ على قيمتها الاستثنائية. واضاف " بفضل كل هذه المزايا، استحقت هذه المدينة أن تكون ضمن قائمة المدن الأكثر أهمية في سجل التراث العالمي والإنساني", لافتا إلى ان اهتمام الدولة بمدينة زبيد وصل ذروته في الوقت الراهن . ووصف رئيس مجلس الشورى مدينة زبيد التاريخية بأنها كانت وستظل، من حواضر اليمن العظيمة، ومستودع الخير، التي تفخر بأن جامع أبي موسى الأشعري الذي تحتضنه، هو ثالث أقدم مسجد في اليمن، وخامس أقدم مسجد في العالم... معتبر ا المدينة استثنائية في أدوارها الحضارية والإنسانية، حيث كانت واحدة من أشهر مدن الجامعات في التاريخ الإسلامي، وكانت مركزا لنشاط اقتصادي زراعي وصناعي مزدهر على مستوى البلاد والمنطقة. وتابع عبدالغني تميزت زبيد عن سائر مدن الجامعات، فيما سخرته من إمكانيات لخدمة جامعتها الإسلامية الشهيرة، والعناية بالعلم والعلماء، وهو ما مثل حافزاً للمئات من طلاب العلم والعلماء والباحثين من كل الأمصار للقدوم إلى زبيد، حيث تأسست بيئة علمية مزدهرة، وأُلِّفتْ ذخائرُ المصنَّفاتِ في شتى مجالات المعرفة، لعل أشهرها تاج العروس. وشدد رئيس مجلس الشورى على الدور الواعي والمسئول لسكان المدينة الذين هم أولى الناس بتقدير أهمية مدينتهم، والفخر بما بلغته من مكانة عالمية, داعيا الوجهاء في مدينة زبيد من علماء وأعيان ومسؤولين محليين ومثقفين إلى الوعي بالأهمية الاستثنائية لهذه المدينة التاريخية، والمساعدة في إنجاح خطط الدولة، التي تصب باتجاه تأهيل المدينة وصيانتها واستعادة ملامحها، وتهدف كذلك،إلى الإيفاء باستحقاقات ومتطلبات ومعايير إبقائها مدينةَ تراثٍ عالمي. ونوه بمكانة زبيد التاريخية والحضارية، ووجودها على قائمة التراث العالمي، كان وسيظل مفخرة وطنية، إلى جانب أنه سيجعل من المدينة مقصداً سياحياً هاماً على مستوى البلاد والمنطقة، ومن شأن ذلك أن يولد فرص اقتصادية ومعيشية لا حصر لها. واكد إن الشراكة فيما يتعلق بالحفاظ على مدينة زبيد، تقتضي التزام سكان المدينة بمعايير ومتطلبات البناء والترميم التي تقتضيها مدينة تاريخية كهذه, موضحا انه لم يعد من الممكن استمرار المخالفات كالترميم العشوائي أو استحداث مباني جديدة في الساحات العامة المحمية وغيرها من مناطق الحمى، في ظل وجود خيارات وبدائل ومعالجات تكفل مصالح السكان، وتحقق أهداف الحفاظ على المدينة". وخلص الى القول أن زبيدوصنعاء القديمة وشبام حضرموت ستكون محل عناية مجلس الشورى في اجتماع يعقده خلال الفترة المقبلة لاستعراض ومناقشة واقع هذه المدن. وكان رئيس مجلس الشورى قد قام اليوم بزيارة لمدينة زبيد التاريخية بدأها بزيارة باب النخل والمكتبة العامة التي تقع في أحد مكونات ومنشآت هذا الباب، حيث عبر عن إعجابه بالجهود التي بُذلت من أجل إيجاد هذا المرفق الثقافي الذي يعبر عن روح مدينة زبيد مدينة العلم والجامعة الإسلامية الكبيرة. كما زار رئيس مجلس الشورى الجامع الكبير بمدينة زبيد الذي يعد واحداً من أكبر الجوامع في اليمن، وأحد أهم المنشآت الدينية التاريخية بمدينة زبيد، والذي يعود تاريخه إلى عهد الدولة الزيادية في القرن الثالث الهجري. وعقب ذلك توجه إلى حي الغصينية شمال المدينة القديمة , حيث اطلع على أعمال الرصف في أجزاء من ذلك الحي في إطار مخطط يهدف إلى أن تشمل أعمال الرصف شوارع وساحات أحياء المدينة التاريخية, قبل ان يزور باب القُرتب وهو أحد الأبواب الثلاثة التي خضعت لأعمال ترميم لمكوناته ومنشآته المختلفة. في حين زار المشغل النسوي الذي يحتل العنابر الملحقة بالباب، حيث استمع إلى شرح من القائمات على المشغل، الذي يتكون من قسمين: قسم عرض المنتجات من ملابس وأدوات ومشغولات مختلفة، وقسم للحلاجة والخياطة والذي يأتي في إطار مشروع تمنية المرأة بمدينة زبيد. بالاضافة الى زيارته لباب سهام ودار الناصر ومتحف قلعة زبيد، الذي يضم لُقىً أثرية من نتاج الحفريات الأثرية التي أجرتها البعثة الكندية في منتصف الثمانينات بمنطقة الدُّمن الواقعة إلى الغرب من مدينة زبيد, الى جانب عدد من القطع الأثرية والتاريخية التي تعود إلى فترات مختلفة من تاريخ زبيد. وسجل رئيس مجلس الشورى كلمة في سجل زياراته عبر فيها عن سعادته بزيارة المتحف الذي قال إنه يضم ذخيرة زبيد الحُصيب، من الإرث الأثري والتاريخي، مما يعكس حضور هذه المنطقة في منظومة الحضارة والتاريخ اليمنيين العريقين. وألقى نائب رئيس مجلس النواب أكرم عبد الله عطية كلمة عبر فيها عن الامتنان للاهتمام الذي توليه الدولة بقيادة فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية، وثمن الزيارة التي قام بها رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني لمدينة زبيد ورعايته للندوة التي تتناول موضوع الحفاظ على هذه المدينة. مشيرا إلي أن هذه الزيارة سيكون لها ما بعدها من توجيه لكامل العناية بمدينة زبيد وتأهيلها وتطويرها كواحدة من المدن التاريخية في اليمن . وأكد عطية أهمية التعاون مع قضية الحفاظ على مدينة زبيد التاريخية في إطار منظومة متكاملة تشمل تراث المدينة الثقافي من الفلكلور والموروث الشعبي . وأعاد مجمل الإستحداثات والتشوهات التي لحقت بمساكن المدينة إلي ضعف الإمكانيات للسكان.. معربا عن تفاؤله بشان إمكانية تحسين المدينة وإعادة تأهيلها لتحتل موقعها ضمن المدن التاريخية الهامة في البلاد من جانبه اعتبر وزير الثقافة الدكتور محمد ابو بكر المفلحي في كلمة له بالمناسبة أن وجود مدينة زبيد في قائمة التراث العالمي دليل اعتراف من المجتمع الدولي بأهمية هذه المدينة ودورها البارز. وقال تقع علينا مسئولية الحفاظ على هذه المدينة وعلى مورثوها الثقافي الهام، مشدداً على أولوية تفعيل المهام المسندة إلى الجهات المعنية في الحكومة وغيرها من الجهات وخصوصاً تلك المرتبطة بوزارتي الكهرباء والإشغال العامة والصندوق الاجتماعي للتنمية والهيئة العامة للمساحة والتخطيط العمراني، والهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية في ترميم باب النخيل وجزء من باب الشباريق وصيانة أكثر من ألف وثمانمائة متر مربع من الأسواق المدينة. فيما أكد محافظ الحديدة احمد سالم الجبلي أهمية الندوة التي قال إنها تأتي تنفيذا لتوجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية بضرورة الحفاظ علي مدينة زبيد وتراثها .. منوها إلى انه قد تم انجاز عدد من المشاريع المتعلقة بتحسين وإعادة تأهيل المدينة. وقال "لقد تم إنجاز أكثر من 250 الف متر مربع من مساحة المدينة القديمة والتي شملت أعمال الرصف وغيرها من الخدمات الأخرى بالتنسيق مع الصندوق الاجتماعي للتنمية".. مشيراً إلى أن من بين ما تم تحقيقه توفير مادة الياجور بأسعار تتناسب مع ظروف السكان في إطار تنفيذ قرارات اللجنة العليا للحفاظ على المدن التاريخية. وتحدث في الحفل عضو مجلس الشوري رئيس مجلس أمناء مؤسسة اليمن للثقافة والتراث الدكتور حسين العمري، الذي قال إن الندوة تأتي في إطار توجه المؤسسة نحو إحياء دورها في الحفاظ علي المدن التاريخية والمشاركة على الحياة الثقافية والتراثية والاجتماعية علي المدن التاريخية. وقال إن مدينة زبيد تعرض سنوياً في قائمة اليونسكو كجزء من التراث العالمي، مما يمثل مدعاة للفخر لسكان المدينة، ويدفعهم إلى التفاعل مع جهود الحفاظ عليها والحيلولة دون إسقاطها من قائمة التراث العالمي، الذي في حال لو حدث ستكون له تداعياته غير الجيدة على المواقع اليمنية الأخرى المرشحة للانضمام إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي. مؤكداً الحاجة إلى العمل الجاد من أجل تعزيز دور زبيد الحضاري والإنساني وإبرازها للعالم بشكل أفضل وبالطرق العلمية المدروسة. بدوره استعرض وكيل وزارة السياحة أمين عام مؤسسة اليمن للثقافة والتراث مطهر تقي جهود المؤسسة في الإعداد والتحضير لهذه الندوة، في سياق عنايتها بمدينة زبيد وبالوضع الراهن للمدينة الذي قال إنه بحاجة إلى وقفة جادة تعيد لها وجهها الحضاري المشرق. هذا وكان قد تخلل الحفل تقديم فقرات قدمت فيها زهرات من مدينة زبيد التاريخية عرضا للازياء التقليدية والاناشيد المعبرة . وأوصت الندوة الخاصة بدور المجتمعات المحلية في الحفاظ على المدن التاريخية التي نظمتها مؤسسة اليمن للتراث والثقافة اليوم بمدينة زبيد محافظة الحديدة، بسرعة إصدار القانون الخاص بالحفاظ على المدن التاريخية والعمل لإزالة المخالفات القائمة في مدينة زبيد. كما أوصى المشاركون في الندوة من المتخصصين والمهتمين بالحفاظ على التراث الثقافي، بتبني مشروع طوارئ عاجل لترميم وإنقاذ المعالم التاريخية الهامة المميزة بمدينة زبيد التاريخية وإعادة تأهيلها، وتأهيل مداخل المدينة بما يعكس أصالتها وقيمتها التاريخية وطابعها المعماري المميز. ودعا المشاركون لوضع آلية مناسبة لإزالة المخالفات ومعالجتها بما ينسجم مع المعايير المعتمدة من قبل اليونسكو باعتبار مدينة زبيد جزء من التراث الإنساني، وكذا رفد نيابة زبيد بعضو مختص تعهد إليه مهمة النظر في المخالفات والتشوهات المحدثة في المدينة. وطالبت التوصيات بسرعة تفعيل قرار مجلس الوزراء بشأن دعم مادة الياجور التي تشكل عنصراً أساسياً في عمليات ترميم وإعادة تأهيل المباني العامة والخاصة وفق معايير اليونسكو وبما ينسجم مع السمة المعمارية للمدينة، وييسر للمواطنين مهمة تنفيذ التزاماتهم تجاه مدينتهم التاريخية. ولفتت التوصيات لأهمية تسوير المقابر القديمة للشخصيات التاريخية التي عاشت في المدينة من ملوك وعلماء وفي مقدمتهم ملوك بني رسول والمؤرخ الجبرتي وصاحب تاج العروس الفيروز أبادي وتجديد العلامات الخاصة بها. وفيما يخص دور المجتمع المحلي أوصت الندوة بتحفيز هذا الدور في دعم الجهود الرسمية والمساهمة في رصد وتحديد المخالفات القائمة والمستحدثة ومعالجتها . كما أكدت على ضرورة مشاركة المجتمع المحلي في البرامج التوعوية بشأن أهمية الحفاظ على المدن التاريخية بما فيها مدينة زبيد وقيام نظار الأوقاف بتنمية موارد الأوقاف بما يخدم وصايا الواقفين وعلى الأخص ما يتعلق بالمساجد والأربطة القديمة والمرافق التابعة لها في مدينة زبيد. وكانت الندوة الخاصة بدور المجتمعات المحلية في الحفاظ على المدن التاريخية قد ناقشت خلال ثلاث جلسات عمل، ثلاثة محاور، تناول الأول تاريخ زبيد وإسهاماتها الحضارية المميزة، والثاني حول الوضع الراهن للمدينة ومفهوم الحفاظ عليها، فيما تناول المحور الثالث دور المجتمع في الحفاظ على مدينة زبيد. وتضمنت الأوراق المقدمة من كل من جمال الحضرمي، والدكتور محمد الباري القدسي أمين عام اللجنة الوطنية للرتبية والثقافة والعلوم، والمهندس نبيل منصر، وعبيد الحظاء، وعبد العزيز البطاح، وخالد الأهدل وجمال معجم، تضمنت رؤية الخبراء والمتخصصين لقضايا الحفاظ على التراث الثقافي.