بدأت القوات السورية في لبنان خلال الساعات القليلة الماضية خطوات عملية في الانسحاب باتجاه البقاع، وشوهدت القوات السورية في مواقع بالمديرج وصوفر وعالية بشرق بيروت وهي تفكك معدات الاتصالات وتحمل الشاحنات بالمعدات العسكرية وعتاد الجنود وبدأت في مغادرة هذه المواقع فور الإعلان عن القرار. وقد شكك زعيم التيار الحر العماد ميشيل عون في الخطوة السورية ووصفها بأنها مناورة لكسب الوقت، وقال في تصريح لوكالة أنباء رويترز إنه لا يعتقد أن الأسد سيحترم التزاماته. من جانبها دعت فرنسا وألمانيا في بيان مشترك سوريا لسحب جيشها وأجهزة استخباراتها من لبنان بأسرع وقت ممكن. جاء ذلك في ختام قمة المستشار الألماني غيرهارد شرودر والرئيس الفرنسي جاك شيراك بمدينة بلومبرغ الألمانية. في هذه الأثناء خرج عشرات الآلاف من أنصار المعارضة اللبنانية في مسيرة حاشدة انطلقت من ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت إلى موقع التفجير الذي أودى بحياة رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري. جاء ذلك استجابة لدعوة المعارضة لاعتصام شعبي للمطالبة بكشف ملابسات اغتيال الحريري. ورحبت المعارضة اللبنانية بالدعوة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله للسلم الأهلي والحوار الوطني، ودعت أنصارها إلى احترام الشعارات الموحدة و"غير الاستفزازية" في تجمعهم وسط بيروت. وأكد بيان المعارضة اللبنانية انفتاحها على سائر القوى السياسية "ذات التمثيل الشعبي الحقيقي والإرادة الحرة وغير الخاضعة لأجهزة المخابرات". وأوضح البيان أن اللبنانيين ليسوا أمام خيار بين سيادة سورية وأخرى إسرائيلية أو أجنبية "بل خيارهم هو استعادة سيادتهم الوطنية دون شريك أو وصي". وكانت الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية الموالية لسوريا عقب اجتماع لها في بيروت أمس طالبت بأن يجري الانسحاب من لبنان على أساس اتفاق الطائف وليس قرار مجلس الأمن 1559. وأكدت الأحزاب المجتمعة رفض التدخل الأجنبي في الشؤون اللبنانية، وتحدث نصر الله بشكل خاص عن الموقفين الأميركي والفرنسي، ودعا أيضا إلى تنظيم مظاهرة تأييد لسوريا في ساحة رياض الصلح ببيروت غدا الثلاثاء ضد ما وصفه بالتدخل الخارجي ولتأييد اتفاق الطائف، وقال إن هذا التجمع الحاشد يمثل بداية لسلسلة تحركات شعبية تمتد بعد ذلك لبقية أنحاء لبنان.