يعتبر القلب من أهم الأعضاء فى جسم الإنسان، ويعتمد اعتماداً رئيسياً فى غذائه على البول السكري فى الدم ، ويحوله بمساعدة الأنسولين وغيره من الأنزيمات إلى طاقة يستخدمها فى الانقباض ودفع الدم فى الشرايين، فإذا نقص الأنسولين ، وهو العرض الاساسي لمرض البول السكري، لن تستطيع كل أعضاء الجسم بما فيها القلب استخلاص الطاقة من البول السكري... ولذلك تنخفض فاعليتها وكفاءتها. ويذكر ان القلب والدورة الدموية هما أكثر أعضاء الجسم تأثرا بمرض البول السكري، حتى أصبحت أمراض القلب وشرايينه من المضاعفات الرئيسية لهذا المرض التي قد تفوق فى أهميتها وأثرها مرض البول السكري ذاته الذي تسبب فيها ، حتى انه هذه الآثار تتنوع وتنقسم إلى عدة أقسام. غير أن البول «البول السكري» له آثار أخرى على القلب والشرايين تكاد تنفصل وتستقل تماما عن دوره فى نقص الطاقة فهو مرض متعدد الجوانب رغم أن اسم «البول السكري» يوحى بتأثيره على نسبة السكري فى الدم واحتراقه فقط ، إلا أنه فى الواقع يحدث تغيرات لا علاقة لها بالسكر ويستمر حدوثها حتى ولو تم ضبط البول السكري بالدم عن طريق الأنسولين ضبطا تاما. فهو يحدث ضيقا فى الشرايين الفرعية وفى الأطراف مثل اليدين والقدمين ، وبذلك تقل كمية الدم المتجهة إليها فتصاب الأطراف بالبرودة ، والاصفرار وتصبح القدمان أقل مقاومة للإصابات والالتهابات ، بحيث قد يستغرق التئام أي جرح وقتاً طويلاً.. ويلاحظ أن أي إصابة طفيفة مثل الناتجة عن ضيق الحذاء أو التي قد تحدث مصادفة أثناء «قص» الأظافر قد يبقى أثرها وقتا طويلا ، بل قد تمتد وتستعصي على العلاج كما أن الالتهابات البسيطة مثل تلك التي تحدث بين أصابع القدمين قد تزداد وتستفحل وتحتاج إلى استخدام المضادات الحيوية بكمية كبيرة حتى يتحقق الشفاء. وإلى جانب تأثير مرض البول السكري على الأطراف والشرايين الفرعية فإنه يؤثر أيضا على الشرايين الرئيسية بكل أنحاء الجسم وذلك بالإسراع فى تصلبها ، وزيادة شدة هذا التصلب عما يحدث عند غير مرضى البول السكري. لأن البول السكري يؤدى إلى زيادة نسبة الدهون بالدم مثل الكولسترول، كما يقلل من حيوية الخلايا بالشرايين ومقاومتها ، وبذلك يساعد على ترسيب الدهون فى جدرانها فتنتفخ هذه الجدران وتشغل الدهون حيزاً كبيرا من تجويف الشرايين اللازم لسريان الدم... ويقل الدم المتجه إلى الأعضاء وعندما تزداد درجة التصلب قد يسد الشريان وبذلك يتوقف وصول الدم تماما إلى أحد الأعضاء وبالتالي يتوقف كله أو جزء منه عن العمل. وتتنوع أعراض تصلب الشرايين حسب العضو المصاب ، فمثلاً إذا أصاب التصلب الخفيف الشرايين التاجية للقلب تبدأ اعراض الذبحة الصدرية أي يبقى المريض بدون أعراض طالما كان مستريحاً ومطمئنا ، فإذا قام بأي مجهود عضلي أو تعرض لانفعال نفسي زادت ضربات القلب بسرعة وقوة وأصبح فى حاجة لكمية أكبر من التنفس ، وبالتالي لتدفق كمية أكثر من الدم. في هذه الحالة يصبح التصلب مؤثراً ويعوق تدفق الدم المتجه إلى القلب ، فتظهر أعراض نقص الدم الذي يحتاجه القلب فى صورة ألم فى وسط الصدر قد ينتشر إلى الذراع والكتف الأيسر ، وقد يصاحب ذلك عرق عزيز ويزول الألم سريعا إذا امتنع المريض عن الحركة أو توقف انفعاله. إما إذا زادت حدة التصلب وضاقت الشرايين التاجية أكثر وانخفضت كمية الدم بها عن احتياجات القلب المستمرة ، فإن الألم يزداد عنفا وتحدث مضاعفات لمجرد الحركة أو نتيجة أي مجهود... وفى النهاية قد يحدث انسداد بأحد الشرايين التاجية كلية فتحدث جلطة بالقلب.وإذا أصاب التصلب شرايين القدمين فإنها تضيق وتنخفض كمية الدم المتجهة إلى الساقين ، وتؤدى إلى ألم بعضلات الساق أثناء السير ويزول بالوقوف أو الراحة. وإذا تفاقم الامر يستمر الألم طويلا ويتغير لون أطراف القدم ، أما إذا فسدت الشرايين تماما فقد تحدث الغرغرينا، وإذا أصاب التصلب شرايين المخ فسوف تقل كفاءتها وينعكس ذلك على الذاكرة. الوقاية ومن الممكن الوقاية من حدوث تصلب الشرايين الناتج عن البول السكري ، لأن الرابطة بين المرضين هي نسبة الدهنيات فى الدم ويمكن قياسها ومتابعتها بالتحاليل ، كما يمكن تقليلها عن طريق تنظيم الغذاء أو تناول الدواء اللازم، فالكولسترول يتواجد فيما نتناوله من دهون حيوانية مثل المسلى والزبدة والقشدة ودهن اللحم والطيور ، كما يتواجد بكثرة فى الكبد والكلاوى والمخ وصفار البيض والمكسرات ويمكن الامتناع عن تناول هذه الأغذية. كما يمكن الاستعاضة عن المسلى والزبد فى تحضير الطعام بالزيوت خاصة زيت الذرة وهو يقلل نسبة الكولسترول بالدم. أما التراى جليسيرايد وهو النوع الرئيسى الثاني من الدهون المسببة لتصلب الشرايين فيتكون بالجسم كنتيجة مباشرة لاضطرابات نسبة البول السكري بالدم وزيادة البول السكرييات فى الطعام ، ويمكن إعادة نسبته بسهولة بمجرد علاج مرض البول السكري ، والإقلال من تناول البول السكريات والحلويات. وإذا فشل تنظيم الطعام وعلاج البول السكري فى السيطرة على نسبة الدهون بالدم يمكن اللجوء إلى أدوية خاصة تحدث تأثيرا مباشرا على الدهون ذاتها فينخفض تركيزها بالدم، غير أن العلاج المثالي يجب أن يبدأ بنظام غذائي دقيق تستمر تجربته لمدة كافية وتتم متابعته بتحاليل متكررة حتى يحدث أقصى اتزان لها ، وذلك يكفى فى غالبية الحالات ولا يجب بأي حال استخدام الأدوية إلا فى الحالات التي لا تستجيب للنظام الغذائي الدقيق، وإلى جانب ذلك توجد علاقة وثيقة بين مرض البول السكري وارتفاع ضغط الدم الناتج عن تأثير البول السكري على الشرايين. وبخصوص البدانة المفرطة فى كثير من مرضى البول السكري ،يصبح انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم أكبر كثيراً فى مرض البول السكري، غير أن ارتفاع الضغط فى هذه الأحوال يسهل علاجه بالإقلال من تناول ملح الطعام أو ضرورة الانتظام فى تناول الأدوية العادية المخفضة لضغط الدم. المصدر: موقع البيان