تبدو مشكلة سوء التغذية في اليمن بأبعادها المختلفة سيئة للغاية مقارنة بالكثير من بلدان العالم فهي على الصعيد الاقتصادي تمثل عائقاً حقيقياً امام التنمية وتحدياً يواجه الحكومة اليمنية في تحقيق اهداف التنمية المستدامة. سوء التغذية هي حالة مرضية تحدث بسبب عدم حصول الجسم على كافة احتياجاته من العناصر الغذائية وبكميات متوازنة وصحية من الفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية الاخرى والضرورية للحفاظ على صحة الجسم للقيام بكافة وظائفه الحيوية بمختلف فئاته العمرية وتختلف درجة سوء التغذية ما بين المتوسط والحاد ومهدد بالحياة. يشار الى ان اليمن البلد الاعلى في معدلات وفيات الاطفال دون سن الخامسة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا والتي تصل الى نحو(77) وفاة لكل(1000)ولادة حية وهذا يعني ان نحو (69ألف)من الاطفال يموتون سنوياً قبل بلوغهم سن الخامسة. صنف اليمن ثاني بلد في العالم بعد افغانستان في مؤشر قصر القامة (التقزم), ويذكر تقرير أوردته منظمة اليونسف ان (58%) من الاطفال في اليمن ممن تقل اعمارهم عن خمس سنوات يعانون من التقزم وما نسبته (43%) من هذه الشريحة العمرية ترزح تحت طائلة المعاناة من نقص الوزن وان ما نسبته(15%) يعانون من الهزال العام, في حين يعاني الكثير منهم من فقر الدم والكساح وغيرها من مظاهر سوء التغذية الناجمة عن نقص الحديد وفيتامين (أ). وفي هذا الاطار نظمت وزارة الصحة العامة والسكان منتصف الاجتماع الموسع لقيادات الدولة والمانحين والمنظمات الدولية ورجال الاعمال ضمن حملة التحسيس والمناصرة الوطنية لمواجهة مشكلة سوء التغذية تحت شعار التغذية عائق للتنمية ومواجهة مسؤولية الجميع. تأتي هذه الحملة تزامناً مع إطلاق منظمة اليونيسف التقرير المرحلي العالمية عن التغذية في مؤتمر التغذية الرئيسي ب(دبلن) والذي يتضمن مؤشرات حول الوضع التغذوي في دول العالم ومنها بلادنا.
زعزعة الامن الغذائي وزير الصحة الاستاذ الدكتور احمد قاسم العنسي حول هذه المشكلة قال ليس بخاف ان حجم مشكلة سوء التغذية في اليمن وما تمثله من مشكلة انسانية واجتماعية وصحية تمتد وتتشعب بتأثيراتها السلبية وتداعياتها لتشمل مختلفة مناحي الحياة معيقة لعجلة التنمية الانسانية والاقتصادية ولقدر ما تسهم به مشكلة سوء التغذية في اعاقة التنمية الانسانية والاقتصادية فهي في ذات الوقت تعتبر نتيجة حتمية له, ومن ابرز العواقب الوخيمة الناجمة عن سوء التغذية اسهامها المباشر وغير المباشر في ارتفاع معدلات وفيات الاطفال والامهات والتأثير السلبي على النمو الجسمي والعقلي للأطفال وبالتالي التأثير على حسن الاداء والتحصيل العلمي مما يؤدي الى تأكل في القوى والكفاءات البشرية وفي انخفاض انتاجها وهذا كله يشكل عقبة رئيسية في طريق النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي. واضاف العنسي لقد وصلت مشكلة سوء التغذية في اليمن وفقاً لأخر المسوحات التي قامت بها الوزارة خلال الفترة 2011م- 2013 الى حد مستويات الازمة حيث تجاوزت عتبة معايير الطوارئ الدولية والحدود الحرجة لمنظمة الصحة العالمية بوجود 15% من الاطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم ووصلت المعدلات في بعض المحافظات كالحديدة الى 32% وهو ما يتجاوز بشكل كبير معدلات الطوارئ, كما أظهرت هذه المسوحات ان سوء التغذية في اليمن يأخذ نمطاً واتجاها متزايداً. موضحاً ان الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي مرت بها اليمن خصوصاً خلال العام 2011م زادت من حدة المشكلة وضراوتها الامر الذي ادى الى ان العالم دق ناقوس الخطر بوجود مشكلة سوء التغذية في اليمن حيث وصل نطاق وحجم مشكلة سوء التغذية في اليمن الى المرتبة الثانية عالمياً بعد الصومال وأفغانستان لوجود ما يقارب من (967,000) طفل يعانون من سوء التغذية الحاد العام و (276,000)طفل منهم معرضين لخطر الوفاة واكثر من مليوني طفل يعانون من التغذية المزمن, والذي ينذر بوضع كارثي اذا لم يتم تداركه بتداخلات صحية وتغذوية وقطاعية فورية وقصيرة الاجل وطويلة الاجل. ولفت بالقول ان الاطفال والنساء الذين يعانون من سوء التغذية الخفيف والمتوسط هم اكثر عرضة لخطر الموت بسبب ضعف المقاومة ضد الامراض المعدية الشائعة فقد ثبت بوضوح ان سوء التغذية هو السبب المؤكد لارتفاع معدل الوفيات وان سوء التغذية يصنف بالعامل الاكثر اهمية بين العوامل التي يمكن الوقاية منها والتي تؤثر في حياة الناس, وتزداد المشكلة تعقيداً في ظل ما تواجه بلادنا من معدل نمو سكاني متزايد وبنسبة (3,02%), كما بلغت نسبة السكان الذين يعيشون في اليمن على اقل من دولارين (17,5%) حسب تقرير التنمية الانسانية 2012ك في نفس الوقت تعاني بلادنا من عدم وجود اكتفاء ذاتي لمعظم المواد الغذائية الاساسية حيث تعتبر اليمن الدولة ال72 من 81 دولة في هذا الجانب وما صاحب ذلك من ارتفاع عالمي في اسعار الغذاء كل ذلك اسهم في زعزعة الامن الغذائي في بلادنا. منوهاً بأننا اليوم بحاجة الى تكاتف الجهود للعمل بوتيرة واحدة وتنسيق مستمر من اجل الاسهام في تحقيق التنمية الشاملة في جميع القطاعات وتحقيق هذه التنمية ستسهم بشكل مباشر في تحسين الحالة الغذائية لجميع فئات المجتمع خاصة تلك الفئات الحساسة.