رفع الفلسطينيون علم بلادهم مرفرفا فوق المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال الصهيوني بقطاع غزة بعد احتلال دام قرابة 38 عاما . وفور ما غادرت القوات الإسرائيلية آخر مواقعها بالمستوطنات اليهودية دخلت قوات الأمن الفلسطينية تلوح بالأعلام وعلامات النصر. وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية توفيق أبو خوصة أن القوات الفلسطينية استكملت السيطرة على المستوطنات جنوبي قطاع غزة بالكامل، وهي مجمع مستوطنات غوش قطيف وموراغ، وتم رفع الأعلام الفلسطينية بها.واندفع الفلسطينيون في اتجاه المستوطنات مرددين التكبيرات وأطلقوا أبواق السيارات والألعاب النارية ملوحين بصور شهداء الانتفاضة الفلسطينية. وشاركت مختلف الفصائل الفلسطينية في الاحتفالات وأطلق مسلحوها العيارات النارية في الهواء ورفعوا الأعلام ابتهاجا بالمناسبة.وفي هذه الأثناء عقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس اجتماعا طارئا مع قادة أجهزة الأمن في السرايا مقر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بغزة، وبحث الاجتماع إجراءات فرض السيطرة الكاملة على المناطق المحررة ومنع أي تجاوزات خاصة داخل المستوطنات التي هدمت إسرائيل مبانيها وتركت المعابد اليهودية.وقال عباس في تصريحات للصحفيين بغزة إن الانسحاب الإسرائيلي "يوم سعادة وفرح افتقده الشعب الفلسطيني قرنا من الزمن". لكنه نبه إلى ضرورة حل مسألة المعابر حتى لا يتحول قطاع غزة إلى سجن كبير، على حد تعبيره.وأضاف الرئيس الفلسطيني أن هناك خطوات كثيرة يجب القيام بها في مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة، أهمها الاستفادة من أراضي القطاع لتوفير احتياجات أهالي غزة. وأكد ضرورة المضي قدما في عملية السلام لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.ومن جهته دعا وزير الداخلية الفلسطيني اللواء نصر يوسف الفلسطينيين إلى الحذر لدى دخول مناطق المستوطنات, وطلب منهم التروي بضع ساعات إلى حين تأكد الطواقم الفلسطينية من خلوها من مخلفات قد تهدد حياتهم.وتمت عملية الانسحاب وانتشار القوات الفلسطينية في إطار تنسيق مشترك بين الجانبين حيث عقد اجتماع عند حاجز المطاحن ضم قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني العميد سليمان حلس وقائد قوات الاحتلال الجنرال أفيف كوشافي.ووضعت السلطة الفلسطينية خطة لإجراء مسح ميداني للأراضي المحررة ومنع أي محاولات لوضع اليد على أراض أو ممتلكات.واحتجت السلطة على عدم قيام إسرائيل بهدم المعابد اليهودية داخل المستوطنات, واتهمت تل أبيب بالسعي إلى تشويه صورة الفلسطينيين أمام العالم. وقال وزير الشؤون المدنية الفلسطيني المسئول عن ملف الانسحاب محمد دحلان في مؤتمر صحفي بمدينة غزة إن "هذه الكنس لم تعد كنسا، وبالتالي ما يجري على المباني البالية سيجري عليها". واتهم إسرائيل بأنها تسعى إلى أن تظهر الفلسطينيين بوصفهم " شعبا غير حضاري" إذا قاموا بتدمير الكنس في ما بعد. ويذكر أن المعابد الباقية وعددها 24 هي المباني الوحيدة القائمة عمليا في المستوطنات ال21التي تم إخلاؤها الشهر الماضي وإجلاء سكانها ال8000. وفي وقت سابق تم إنزال العلم الإسرائيلي خلال احتفال أقيم في مستوطنة نافيه ديكاليم. وتجري عملية الانسحاب التي أطلق عليها اسم "الحرس الأخير" بصورة متوازية من جميع مناطق قطاع غزة، ومن المتوقع أن تنتهي صباح اليوم الاثنين. وعلي صعيد التطورات الميدانية أصيب ستة فتية فلسطينيين أحدهم في حال خطرة في خان يونس عندما أطلق جنود متمركزون في نافيه ديكاليم النار عليهم, وتجمع المئات من الفلسطينيين بالقرب من سياج المستوطنة بانتظار انسحاب جيش الاحتلال. وشوهدت تجمعات مماثلة حول مستوطنات الشمال والوسط والجنوب استعدادا للدخول إليها. وفي الشمال أطلق جنود الاحتلال النار باتجاه فتية حاولوا اجتياز سياج مستوطنة نسانيت, لكن لم تسجل إصابات. ومنعت الشرطة الفلسطينية عددا من الفتية من التقدم نحو مستوطنة نتساريم في الوسط. وفي رفح أصيب ثلاثة فلسطينيين بشظايا قد تكون ناجمة عن انفجار قذيفة دبابة أو انفجار قنبلة حسب مصادر طبية فلسطينية. كما أعطت الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر للانسحاب من ممر صلاح الدين " فيلادلفيا" علي الحدود بين قطاع غزة ومصر الذي كان يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي. وتستكمل مصر خلال الأيام القادمة نشر نحو 750 جنديا من حرس الحدود على الجانب المصري لحفظ الأمن ومنع ما يسمى بعمليات تهريب الأسلحة !!