المقالح: خيانة الوطن لدى الإسلامويين سهل جدا    صمود التنمية في وجه العاصفة: كيف يصنع الصندوق الاجتماعي للتنمية السلام في أزمنة الهشاشة..؟    وزارتا الشؤون الإجتماعية والنقل تبحثان مسودة انضمام اليمن لاتفاقية العمل البحري (MLC)    عدن.. خفر السواحل يمنع حركة الصيادين والعبّارات في سواحل المحافظة    قضية الوديعة السعودية تفتح ملف الشفافية والرقابة على المال العام في اليمن    الامم المتحدة تعلن تفشي المجاعة في قطاع غزة    السعودية تعرب عن قلقها من حالة المجاعة في غزة وتدين جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال    جيش العدو يقر بفشل محاولات اعتراض صاروخ اطلق من اليمن    ترامب يكشف موعد ومكان إقامة قرعة نهائيات كأس العالم 2026    لحج.. العثور على جثة جندي بعد أيام من اختفائه    قوات دفاع شبوة.. دور راسخ في مكافحة الإرهاب    لأول مرة بالشرق الأوسط.. الأمم المتحدة تعلن رسميا المجاعة في قطاع غزة    وطن الحقائق المقتولة والتاريخ المبتسر..؟!    عاجل: عودة التصعيد في تريم وإغلاق الطريق الدولي    مصادر ل"حياة عدن": توجه حكومي لإلغاء صرف المرتبات عبر البنوك التجارية وشركات الصرافة    تفكيك الفكر الحوثي وسلاحه.. الطريق الإجباري نحو السلام    وضع قبال للإنفجار: يافع ترفض فتنة الحجوري.. بيان هام من قبيلة السعدي    اليمنيون يوجهون رسالة نارية قوية للاعداء    مركز الملك سلمان يوزع مساعدات إيوائية للمتضررين من السيول في حضرموت    محافظ البيضاء يتفقد سير تجهيز ساحة الاحتفال بالمولد النبوي في مديرية السوادية    الرئيس المشاط يعزّي الفريق علي بن علي القيسي في وفاة نجله    صنعاء: مليونيه ثابتون مع غزة.. تهديدات ومؤامرات الأعداء لا ترهبنا    رسميا.. مانشستر سيتي يمدد عقد روبن دياز    الارصاد يتوقع أمطار رعدية متفاوتة الشدة على معظم المحافظات    أبين .. التظاهرات الشعبية تتواصل للمطالبة بإعادة فتح طريق ثرة والانتقالي يدفع بتعزيزات عسكرية    عدن.. مكتب الصحة يوجه المستشفيات والمراكز الخاصة بتخفيض رسوم الخدمات الطبية    عدن.. مكتب الصحة يوجه المستشفيات والمراكز الخاصة بتخفيض رسوم الخدمات الطبية    عدن.. مكتب الصحة يوجه المستشفيات والمراكز الخاصة بتخفيض رسوم الخدمات الطبية    من يومياتي في أمريكا.. صديق بألف صديق    من يومياتي في أمريكا.. صديق بألف صديق    منتخب الشباب يغادر صنعاء للمشاركة في كأس الخليج الأولى بأبها    غداً بدء تنفيذ توجيهات قائد الثورة بإعفاء مالكي السيارات المتعثرة من الرسوم    استعدادات وتجهيزات مكثفة بذمارلإحياء ذكرى المولد النبوي    اختتام دورة تدريبية بهيئة مكافحة الفساد في اعداد التقارير    اتحاد الكرة يعيّن سامر فاضل مدربًا لمنتخب الناشئين خلفًا لقيس صالح    قرار مفاجئ.. اتحاد الكرة يقيل قيس محمد صالح ويعين سامر فضل    مقر الاشتراكي في عدن وكر للمؤامرات على الرئيس الزبيدي    هائل سعيد والكريمي مطلوبين للعدالة لنهبهم الوديعة السعودية(وثائق)    ما يمارس على الجنوب أقذر انواع الحروب    الحجرية أمس ذبحت الجنوب... وحجور اليوم يريد يكمل الذبح    أجيال تُدجّن وأنظمة تُسلّط    اختتام تدريب 46 كادرا من صندوق تنمية المهارات في خدمة العملاء    تنفيذ أربعة أحكام قصاص بحق مدانين في قضايا قتل بتعز    حادث مروري في تعز يُسفر عن إصابة 15 شخصًا وسط مطالب بتحسين الطرق    ريال مدريد حسم مستقبل براهيم دياز    علاء الصاصي يلمح إلى تغييرات فنية في منتخب الناشئين    منتخب اليمن للشباب يتوجه إلى السعودية للمشاركة في كأس الخليج    مصر تقرر مصير الملك توت عنخ آمون بشكل نهائي    غموض الرؤوس المقطوعة لتماثيل النساء الأثرية في اليمن    عدن.. البنك المركزي يعلن سحب تراخيص منشأتين للصرافة ويغلق مقراتها    جبل الوطن يترنح…!    بسبب الامطار ... انهيار حصن تاريخي في صنعاء .. صورة    بن سميط يحذر من مشروع "ضرب من الخيال" في شبام    نبتة خضراء رخيصة الثمن.. تخفض ضغط الدم وتحمي من السرطان    الصحة العالمية: اليمن يسجل أكثر من 60 ألف إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    محامي شيرين:كسبنا القضية بالحجز والتعويض    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



7 يوليو 1994: الذكرى التي اغتالت الجنوب، وصنعت واقعًا من القهر والتهميش"
نشر في شبوه برس يوم 07 - 07 - 2025

في السابع من يوليو عام 1994، لم تكن عدن تسقط فحسب، بل كان الجنوب بكامله يُساق إلى حظيرة الهيمنة والتبعية بقوة السلاح، بعد أن تمّ دفن مشروع الوحدة الطوعية تحت جنازير الدبابات. لم تكن تلك مجرد حرب أهلية بين طرفين، بل كانت اجتياحًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اجتياحًا لدولة كاملة، لشعب، لتاريخ، لهوية، لحلم كان يمكن أن يكون مختلفًا.

في هذا اليوم الأسود، انتهت كل آمال الشراكة. تلك الوحدة التي وُقعت في مايو 1990، تحوّلت في غضون سنوات قليلة إلى ساحة صراع دامٍ، بعد أن تكشّفت نوايا الطرف الأقوى، وتحوّلت الدولة إلى ملكية حصرية لقوى النفوذ في صنعاء. حاول الجنوبيون إصلاح المسار، حاولوا أن يجدوا لأنفسهم مكانًا في دولة يدّعون أنها وطن للجميع، لكن الرد جاء حاسمًا: الحرب، الإقصاء، التصفية، والسحق الكامل.

منذ ذلك اليوم، دخل الجنوب في مرحلة جديدة من المعاناة، مرحلة استباح فيها المنتصرون الأرض والثروة والإنسان، ولم يكتفوا بالسيطرة السياسية، بل عمدوا إلى تجريف الهوية الجنوبية، وتذويبها في إطار دولة مهترئة، لا تعترف إلا بالقوة والغلبة. تحوّلت مؤسسات الجنوب إلى أطلال، وسُرّح عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين، وصودرت الأراضي، ونُهبت الثروات، وتم التعامل مع الجنوبيين كمواطنين فائضين عن الحاجة.

لم تكن السنوات التالية سوى سلسلة متواصلة من القهر والتهميش. حُرِم الجنوبي من حقه في التمثيل، في القرار، في الثروة، في الحلم، وحتى في كرامته. تم طمس كل ما يشير إلى خصوصيته، وجرى تحميله وزر كل فشل، وتحميله تبعات كل أزمة، وكأنّ عليه أن يدفع ضريبة الوحدة المهزومة كل يوم، وأن يثبت ولاءه لمن لم يبادله يومًا أدنى احترام.

واليوم، ونحن نعيش الذكرى الحادية والثلاثين لتلك الحرب، لا يزال الجنوب يدفع الثمن. لم يتغير شيء سوى أشكال السيطرة. صحيح أن بعض التحولات السياسية قد حصلت، وأن صوت الجنوب بات مسموعًا نسبيًا، لكن جوهر المأساة ما زال قائمًا. ما زالت الثروات تنهب، وما زال المواطن الجنوبي يعيش في ظل خدمات منهارة، وبنية تحتية متآكلة، واقتصاد مدمر، وأمن هش، وسيادة غائبة. لا شيء يشبه الوطن، ولا شيء يلامس كرامة الإنسان.

الجنوب، اليوم، أشبه بورشة مفتوحة للمعاناة. الأسعار تنهش جيوب الفقراء، الكهرباء تقطع كما تُقطع الأنفاس، المرتبات تتأخر أو تتلاشى، الفرص معدومة، واليأس يملأ البيوت. في الوقت الذي يُترك فيه المواطن الجنوبي وحيدًا في مواجهة الغلاء والفساد والانهيار، تزداد مظاهر الفساد ثراءً وفجورًا، ويستمر تجاهل القضية الجنوبية في المحافل الدولية كما لو أنها لا تستحق الذكر، ولا تستحق العدالة.

ذكرى 7 يوليو ليست حدثًا عابرًا في التاريخ، بل هي الجذر العميق لكل ما نعيشه اليوم. هي اللحظة التي تم فيها اغتيال حلم الدولة، وكسر ظهر المواطن، وسرقة هوية شعب بكامله. إنها ليست مناسبة للبكاء على الأطلال، بل للتذكير بأن ما حدث لم يكن قضاءً وقدرًا، بل مشروعًا مدروسًا لتهميش الجنوب وإخضاعه، مشروعًا لا يزال مستمرًا بأشكال مختلفة حتى اللحظة.

وفي هذا الواقع، تظل الحاجة إلى مشروع تحرري حقيقي ضرورة لا بد منها، مشروع يعيد الاعتبار للتاريخ، ويسترد الكرامة، ويبني الجنوب على أسس العدالة والشراكة والانتماء. الجنوب لا يحتاج إلى خطابات ولا شعارات، بل إلى فعل حقيقي يعيد الأمور إلى نصابها، ويعيد للناس حقهم في الحياة والحرية والعدالة.

7 يوليو سيبقى في ذاكرة الجنوبيين، لا كي يُبكوه، بل كي يتذكروه درسًا مرًا، لا يمكن السماح بتكراره. سيبقى علامة سوداء على طريق نضال طويل لم ينتهِ بعد، ولم يُغلق ملفه، ما دام الجنوب لم ينل حريته، وما دام المواطن الجنوبي لا يزال يشعر أنه غريب في أرضه، مطارد في هويته، ومحروم من أبسط حقوقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.