الأغذية العالمي: قطاع غزة يحتاج الآن للغذاء على نطاق واسع    انطلاق تصفيات مهرجان مأرب للفروسية للعام 2025 احتفاء بأعياد الثورة    النفط يواصل الارتفاع بعد زيادة إنتاج (أوبك+)    ظواهر مقيتة ودخيلة قاتلة لحق العيش والحياة    الحقيقة المغيَّبة خلف السابع من أكتوبر    تعز.. وفاة مصاب في حادثة اغتيال أفتِهان المشهري    هيئة الإعلام والثقافة بالانتقالي تناقش التحضيرات النهائية للخطة الإعلامية لتغطية فعاليات الذكرى 62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة    طاقم من السفارة الهندية يبدأ عمله في المكتب التمثيلي بعدن    مصر.. تفاعل على طريقة استقبال محمد صلاح في مطار القاهرة    80% من أموالنا تنفقها الحكومة على الهبات والإعاشات    ليلة القبض على الجاسوس الإسرائيلي "باروخ مزراحي" في عدن    حكومة مزز الإعاشة سلموا الناس رواتبهم يا مكاسير الناموس    وزير الرياضة يستقبل منتخبي الشباب والناشئين بعد التتويج الخليجي    ظواهر فلكية نادرة.. 3 أقمار عملاقة تزين السماء في هذه المواعيد    متحدث: مليشيا الحوثي تختطف 9 موظفين بالأمم المتحدة ضمن حملة قمع جديدة    الذهب يقترب من أعلى مستوى له على الإطلاق    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    أبرز الشخصيات التي اغتالتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر    كأس العالم 2026.. منتخبات قادرة على حسم التأهل في أكتوبر    اعلام صهيوني: لا يمكن القضاء على حماس أو نزع سلاحها    من أيزنهاور إلى ترومان.. كيف ولّى زمن البحرية الأمريكية وحضر اليمن بعملياته الإسنادية    الأرصاد الجوية: المنخفض الجوي في بحر العرب تراجع إلى عاصفة إعصارية    قراءة فاحصة لمقال البروف عبد العزيز بن حبتور ...الذكرى اليوبيلية الخامسة والخمسون لتأسيس جامعة عدن ...    زيارات متواصلة لمهرجان خيرات اليمن    المرتزقة في عامين من الطوفان.. اصطفاف مكشوف مع الصهاينة    الشيخ بن بريك يرد على المراهق السياسي "هاني البيض"    اقتحام مسلح يطال مستشفى أحور بدعوى علاج مسيحيين    المباحثات الأولى بشأن غزة تنتهي بإيجابية وترامب يتحدث عن موقف إيران وتركيا تدخل على خط التفاوض    أميرة شرهان تطل على الوسط الأدبي برواية «أرقّ النجوم» مشعة من بين العتمة بأسلوبٍ يقطر إحساسًا وصدقًا    أميرة شرهان تطل على الوسط الأدبي برواية «أرقّ النجوم» مشعة من بين العتمة بأسلوبٍ يقطر إحساسًا وصدقًا    جمارك منفذ حدودي مع سلطنة عمان توضح بعد أنباء متداولة عن توقف الحركة التجارية في المنفذ    مكتب المبعوث الاممي يكشف عن نقاشات فنية متعلقة بالأزمة اليمنية    ابنة المعتقل اليفاعي تكشف عن اعتداء تعرض له والدها قبل اعتقاله    المنتخب الوطني الأول يبدأ مرانه الأول في ماليزيا استعدادا لمواجهة بروناي في تصفيات آسيا    تعز.. تشييع جنديين ارتقيا أثناء ملاحقة مطلوبين في الشمايتين    القائم بأعمال رئيس الوزراء يزور المعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث    حين أضاعوا الجنوب وراحوا ينتظرونه محملًا بأحلامهم    "وثائق" تكشف بالاسم أكثر من 200 جهة حكومية تدير المال العام خارج الخزينة العامة للدولة    قلق يسود في مدريد.. مبابي يلتحق بمنتخب فرنسا رغم إصابة الكاحل!    رسمياً: سامر فضل مديراً فنياً للفريق الأول بنادي التلال    لأول مرة .. الذهب يتجاوز 3900 دولاراً للأونصة    إشبيلية يسحق برشلونة برباعية تاريخية في الليجا    جامعة البيضاء تنظم المؤتمر العلمي السادس بمشاركة 299 باحثا من 17 دولة    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    اليهود في القرآن...!!    القنصل اليمني في الهند ينبه المسافرين اليمنيين بشأن الإجراءات الجديدة لوزارة الداخلية الهندية    سمراء المجازات    مرض الفشل الكلوي (22)    محمد عبده الفنان السادس على مسرح البواردي    وادي التماثيل في جزيرة قشم.. بقايا ظواهر رسوبية وجدران طبيعية مذهلة    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



7 يوليو 1994: الذكرى التي اغتالت الجنوب، وصنعت واقعًا من القهر والتهميش"
نشر في شبوه برس يوم 07 - 07 - 2025

في السابع من يوليو عام 1994، لم تكن عدن تسقط فحسب، بل كان الجنوب بكامله يُساق إلى حظيرة الهيمنة والتبعية بقوة السلاح، بعد أن تمّ دفن مشروع الوحدة الطوعية تحت جنازير الدبابات. لم تكن تلك مجرد حرب أهلية بين طرفين، بل كانت اجتياحًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اجتياحًا لدولة كاملة، لشعب، لتاريخ، لهوية، لحلم كان يمكن أن يكون مختلفًا.

في هذا اليوم الأسود، انتهت كل آمال الشراكة. تلك الوحدة التي وُقعت في مايو 1990، تحوّلت في غضون سنوات قليلة إلى ساحة صراع دامٍ، بعد أن تكشّفت نوايا الطرف الأقوى، وتحوّلت الدولة إلى ملكية حصرية لقوى النفوذ في صنعاء. حاول الجنوبيون إصلاح المسار، حاولوا أن يجدوا لأنفسهم مكانًا في دولة يدّعون أنها وطن للجميع، لكن الرد جاء حاسمًا: الحرب، الإقصاء، التصفية، والسحق الكامل.

منذ ذلك اليوم، دخل الجنوب في مرحلة جديدة من المعاناة، مرحلة استباح فيها المنتصرون الأرض والثروة والإنسان، ولم يكتفوا بالسيطرة السياسية، بل عمدوا إلى تجريف الهوية الجنوبية، وتذويبها في إطار دولة مهترئة، لا تعترف إلا بالقوة والغلبة. تحوّلت مؤسسات الجنوب إلى أطلال، وسُرّح عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين، وصودرت الأراضي، ونُهبت الثروات، وتم التعامل مع الجنوبيين كمواطنين فائضين عن الحاجة.

لم تكن السنوات التالية سوى سلسلة متواصلة من القهر والتهميش. حُرِم الجنوبي من حقه في التمثيل، في القرار، في الثروة، في الحلم، وحتى في كرامته. تم طمس كل ما يشير إلى خصوصيته، وجرى تحميله وزر كل فشل، وتحميله تبعات كل أزمة، وكأنّ عليه أن يدفع ضريبة الوحدة المهزومة كل يوم، وأن يثبت ولاءه لمن لم يبادله يومًا أدنى احترام.

واليوم، ونحن نعيش الذكرى الحادية والثلاثين لتلك الحرب، لا يزال الجنوب يدفع الثمن. لم يتغير شيء سوى أشكال السيطرة. صحيح أن بعض التحولات السياسية قد حصلت، وأن صوت الجنوب بات مسموعًا نسبيًا، لكن جوهر المأساة ما زال قائمًا. ما زالت الثروات تنهب، وما زال المواطن الجنوبي يعيش في ظل خدمات منهارة، وبنية تحتية متآكلة، واقتصاد مدمر، وأمن هش، وسيادة غائبة. لا شيء يشبه الوطن، ولا شيء يلامس كرامة الإنسان.

الجنوب، اليوم، أشبه بورشة مفتوحة للمعاناة. الأسعار تنهش جيوب الفقراء، الكهرباء تقطع كما تُقطع الأنفاس، المرتبات تتأخر أو تتلاشى، الفرص معدومة، واليأس يملأ البيوت. في الوقت الذي يُترك فيه المواطن الجنوبي وحيدًا في مواجهة الغلاء والفساد والانهيار، تزداد مظاهر الفساد ثراءً وفجورًا، ويستمر تجاهل القضية الجنوبية في المحافل الدولية كما لو أنها لا تستحق الذكر، ولا تستحق العدالة.

ذكرى 7 يوليو ليست حدثًا عابرًا في التاريخ، بل هي الجذر العميق لكل ما نعيشه اليوم. هي اللحظة التي تم فيها اغتيال حلم الدولة، وكسر ظهر المواطن، وسرقة هوية شعب بكامله. إنها ليست مناسبة للبكاء على الأطلال، بل للتذكير بأن ما حدث لم يكن قضاءً وقدرًا، بل مشروعًا مدروسًا لتهميش الجنوب وإخضاعه، مشروعًا لا يزال مستمرًا بأشكال مختلفة حتى اللحظة.

وفي هذا الواقع، تظل الحاجة إلى مشروع تحرري حقيقي ضرورة لا بد منها، مشروع يعيد الاعتبار للتاريخ، ويسترد الكرامة، ويبني الجنوب على أسس العدالة والشراكة والانتماء. الجنوب لا يحتاج إلى خطابات ولا شعارات، بل إلى فعل حقيقي يعيد الأمور إلى نصابها، ويعيد للناس حقهم في الحياة والحرية والعدالة.

7 يوليو سيبقى في ذاكرة الجنوبيين، لا كي يُبكوه، بل كي يتذكروه درسًا مرًا، لا يمكن السماح بتكراره. سيبقى علامة سوداء على طريق نضال طويل لم ينتهِ بعد، ولم يُغلق ملفه، ما دام الجنوب لم ينل حريته، وما دام المواطن الجنوبي لا يزال يشعر أنه غريب في أرضه، مطارد في هويته، ومحروم من أبسط حقوقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.