بالرغم من ان اسطوانة ( الوحدة اليمنية ) التي يحاول الشماليون- اليوم – ادارتها والبكاء على انقاضها والعزف على موشحها الذي اصبح مجرد ذكرى سيئة لحدث اسوء في حياة الجنوب والمنطقة برمتها .. بالرغم من كل ذلك الا انهم مازالوا يعتنقون تلك العقلية العقيمة لمفهوم الوحدة التي صورها ورسمها ومارسها كل ابناء الشمال لأكثر من عقدين من الزمن حتى اصبحت (ثقافة) وسلوك ورؤية في حياتهم وماتزال .. الوحد بالنسبة لهم وبمفهومهم تعني ضم الجنوب والحاقه بدولتهم الغارقة في معمعة – اللا دولة – والموغلة في ادغال القرون السوداء القاتمة بهمجيتها وفوضويتها وفسادها الذي يتجاوز كل معاني الا معقول .. ولعل الكارثة العظمى انهم يرون ويصرون على ان (الخلطة المخضرية) التي يعيشها مجتمعهم القبلي البعيد حتى عن ابجديات اي شكل من اشكال الدولة او الحداثة والحضارة التي يعيشها العالم اليوم هي الدولة وهي الصواب وهي الحق بعينه .. وهم بذلك حاولوا الغاء كل خصوصيات وايجابيات وثقافة شعب الجنوب ومجتمعه المدني ودولته التي ترسخ فيها النظام والقانون وتواصلت فيها انوار الثقافة والابداع لأجيال وعصور تم فيها بناء الانسان الجنوبي بدرجة رئيسية .. بل والغاء طموحات شعبنا بالبناء الحضاري والتقدم الاجتماعي والسياسي ومواكبة العصر وتطوراته .
والمصيبة ان هؤلاء جميعهم حتى مثقفيهم انغمسوا في مستنقع (الدونية ) ومارسوا الاقصاء والتهميش لكل ما هو جنوبي دون ان يكون لديهم ادنى سبب او امتياز او تفاضل لممارسة ذلك الغرور غير سيطرتهم على الجنوب بحرب غادرة غير شرعيه وغير متكافئة فتم الاستئثار بالجنوب وثرواته ومحاولة تدمير ثقافته وتراثه وجعله مجرد – اقطاعية – تابعة للشمال وهي سياسة خاطئة تحمل كل صور الانانية و الحقد وتؤكد بعدهم كل البعد عن الوحدوية والتوحد .. مع ذلك فهي تحمل في طياتها اسباب تدميرها وزوالها ..وهذا ما كان ويكون بإذن الله تعالى ..
الجنوب وشعب الجنوب بالنسبة لهؤلاء كان ومازال مجرد شعب متهم في كل شيء – في دينه ووجوده وهويته وثقافته .. شيوعيون بالقطرة يجب ذبحهم وتصفيتهم .. ثم انفصاليون يجب تهميشهم وحرمانهم من ابسط حقوق المواطنة .. ثم ارهابيون وتكفيريون يجب احراقهم ودفنهم .. واخيرا صومال وهنود يجب نفيهم وطردهم من بلادهم .. وشعب الجنوب في نضر هؤلاء وممارساتهم لا يستحقون الثقة او الاعتراف بكفاءاتهم وقدراتهم لهذا فلا يحق لهم ارتقاء الوظائف والمناصب العامة الرئيسية ودخول الكليات العسكرية والامنية والمشاركة في المؤسسات السيادية العامة مهما كانت مستوياتهم العلمية ومقدراتهم و كفاءاتهم .. واذا رأيت جنوبيا في منصب او موقع هنا اوهناك فاعلم انهم جعلوه مجرد امعه ذليل تابع لهم يجب ان ينفذ اجندتهم ويتبع خططهم وعليه ان يمارس الفساد مثلهم معينا لهم ضد شعبه وابناء جلدته وان فعل غير ذلك وجب تصفيته او ابعاده في احسن الاحوال ,,, والامثلة على ذلك كثيرة.
نعم لقد اتخذ الاحتلال الشمالي سياسة من اخبث السياسات الاستعمارية التي عرفها الجنس البشري وهي سياسة ( الارض المستباحة ) وتلك سياسة لا تجعل من الارض المحتلة تابعة لها فحسب بل وجعلها ساحة لكل انواع النهب والتخريب والصراعات بحيث تضل حتى بعد استقلالها تعاني من تأثير تلك الاعمال الشيطانية لعقود اخرى .. فيسهل له التأثير والتوجيه بخططه التخريبية حتى بعد استقلال الجنوب .
فهو لم يكتفي ان جعل ثروات الجنوب واراضيه و بحاره وموارده ومؤسساته مستباحه لأفراد نظامه ومتنفذيه واصحاب الولاءات التابعين له وحرمان ومنع ابناء الجنوب من ابسط حقوقهم المادية بل ومن حق الانتفاع والتملك والتصرف والاستحقاق للثروة والاراضي المنهوبة امام اعينهم بل وحرمان ابناء الجنوب حتى من ابسط حق وهو حق ( المواطنة) والمساواة بالحقوق والواجبات مع ابناء الشمال
ولعل الكارثة الذي اوقعها هؤلاء انهم حاولوا طمس كل الايجابيات والمنجزات التي تحققت في مراحل نضال شعب الجنوب فحرموا البلد من تجربته الإنسانية وثقافته المتراكمة عبر عصور من التجربة والمحاكاة واداروا ضهورهم للحقائق الواضحة المعالم والبيان ونسوا ان النصر الذي اصابهم بالغرور عند اجتياح الجنوب عام 94م لن يدوم وان الشعوب لا تنام كما ينام شعبهم المنبطح دائما القابع تحت رحمة البيع والشراء في سوق النخاسة كما هو حالهم اليوم وفي العصور السابقة ..
اليوم لم يعد البكاء على وحدة جعلتموها دعوة للقتل والموت والدمار بشعاركم ( الوحد او الموت ) ومسرح للنهب والسرقة والفساد بسياستكم الاستعمارية الحاقدة .. وهدف لإبادة شعب بكامله والتعدي على ثقافته وتراثه بل وحتى على معتقداته الدينية وحرمانه من ابسط حقوقه في بلده وارضه !!
نعم سمعنا وعشنا شعاراتكم الدموية التي تقشعر لها الابدان قالها (زعيمكم ) وطبل لها وروج لها اعلامكم ومثقفيكم وعلمائكم وسائر شعبكم ونفذها جيشكم ومليشياتكم وعملائكم وارهابيكم واعلامكم ( سأضحي باثنين مليون انسان من اجل الوحدة)) ((سأجعلها حربا من شارع الى شارع ومن بيت الى بيت ومن طاقه الى طاقه )) وقد كان ذلك !! ورأينا ورأى العالم اجمع كيف نفذها زعيمكم السفاح ومليشياته وجيشه وادواته المتنوعة في السابق واللاحق وكيف باركها مثقفيكم وعلمائكم وسائر شعبكم بالمشاركة المباشرة وبالصمت وبإيجاد المبررات والفتاوي وغيرها .. لكنها - بفضل الله اولا - تحطمت على صخرة صمود وتضحيات ابناء الجنوب واصرارهم على تحقيق استقلالهم وحريتهم واسترداد دولتهم الوطنية .. التي اصبح الاعلان عنها رسميا والاعتراف به عالميا قاب قوسي او ادنى..
نعم ايها المتباكون لقد كفرنا بوحدتكم لأنها لم تكن يوما (وحدة عادلة ) بل كانت ضم والحاق واستبداد وظلم ,,
كفرنا بوحدتكم لأنها لم ولن تحمل اي مشروع حضاري للبناء والتنمية بل عادة بنا لعصور الظلام المتهالكة بكل تخلفها وعفونتها
كفرنا بوحدتكم فهي لم تمنحنا غير الموت الدمار والحروب والارهاب والفساد والتخلف بكل صوره والوانه .. فهنيئا لكم بكائكم وعويلكم على وحدتكم .. اما نحن فقد كفرنا بها منذ ان رفعتم شعاركم الدموي (الوحدة او الموت) .