خمس سنوات مضت على شراكة وصفت بأنها تاريخية بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية، شراكة قامت على هدف معلن وواضح يتمثل في توحيد الجهود والطاقات لمواجهة جماعة الحوثي واليوم، وبعد كل هذه السنوات، يفرض الواقع نفسه بقسوة ليطرح سؤالاً جوهريًا: هل حققت هذه الشراكة شيئًا من أهدافها؟ الإجابة الصريحة، والتي لا تقبل التأويل، طبعا "لا". فعلى الصعيد العسكري، لم تسفر هذه الشراكة عن أي تقدم ملموس على الأرض ولم يتم استعادة أي شبر من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، بل إن الجبهات ظلت راكدة، وكأن الطرفين منشغلان بصراعات أخرى. فيم لم يتغير الأداء العسكري ، ان لم يكن قد تراجع كثيرا، وبات الهدف المعلن للشاركة مجرد شعار يرفع في المحافل السياسية دون أن يترجم إلى فعل حقيقي على أرض المعركة. أما على الجانب الاقتصادي والخدمي، فالوضع أكثر كارثية. فقبل هذه الشراكة، كانت الأوضاع أفضل بكثير جدا مما آلت اليه بعد الشراكة حيث نرى انهيارًا غير مسبوق في الاقتصاد، وتدهورًا حادًا في الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والصحة والتعليم، وكلها قطاعات وصلت إلى مستويات من التردي لم يسبق لها مثيل. ويبدو أن الشراكة لم تكن لتوحيد الجهود من أجل الشعب، بل لتقاسم نفوذ أدى إلى إهمال مصالح الناس ومعاناتهم اليومية. لذلك، يجب أن تكون هذه الشراكة، التي لم تعد سوى عبئًا على الشعبين في الشمال والجنوب، نقطة نهاية. فاستمرارها لا معنى له، اذ فشلت فشلاً ذريعًا في تحقيق أهدافها المعلنة ولم تعد هناك أي مبررات منطقية لبقائها، بل إن وجودها أصبح هو المشكلة بحد ذاتها. هنا يطرح البعض تساؤلاً: هل ينفصل الجنوب عن الشمال في هذا التوقيت؟ وهل يتعارض استقلال الجنوب مع هدف مواجهة الحوثيين؟ الإجابة واضحة: استقلال الجنوب لا يتعارض أبدًا مع تحقيق هذا الهدف. فالمقصدان مختلفان. الشراكة هدفها القضاء على الحوثي، واستقلال الجنوب هو حق تقرير المصير. بل إن استقلال الجنوب قد يكون دافعًا قويًا لتحقيق هدف الشراكة. فبمجرد إعلان الجنوب استقلاله، لن تكون الشرعية اليمنية شريكة في حكمه، وبالتالي ستكون أمام خيار وحيد يتركز على مواجهة الحوثيين الذين يحتلون أراضيها. ولن يكون لديها ما يشغلها عن معركتها الحقيقية، ولن تضطر إلى تقاسم النفوذ في الجنوب. فالاستقلال سيعيد تحديد الأدوار والأهداف، ويدفع كل طرف للتركيز على ما يخصه. حيث ستجد الشرعية نفسها مجبرة على الجدية في مواجهة الحوثي الذي يسيطر على عاصمتها، ولن تكون لديها أي مبررات للتسويف أو إلقاء اللوم على الآخرين. وباختصار،فان الشراكة القائمة أصبحت شراكة فشل ولم يعد استمرارها مجديًا. وإنهاء هذه الشراكة أصبح ضرورة ملحة. واستقلال الجنوب لا يشكل عائقًا أمام القضاء على الحوثي، بل سيكون الحافز الحقيقي لإنجاز هذه المهمة التي طال انتظارها.