النظرة اليمنية المستندة إلى فكر علي عبدالله صالح تجاه رواتب أبناء الجنوب لا تزال سارية حتى اليوم. *- شبوة برس – مندعي ديان كان علي عبدالله صالح يكرر مقولته بأن أبناء الجنوب يعملون كموظفين للدولة وأنه هو من يدفع رواتبهم. وكان يكثر من ترداد هذه المقولة كلما ازداد نهب ما سمي بالثلاثي الأحمر، المكون منه وأسرته وعسكره، وعبدالله بن حسين الأحمر وعائلته وقبائله، وعلي سالم البيض وأنصاره، لثروات عدن والجنوب. وقد بلغ ذروة ترديد هذه النظرة في عامي 1994 و1995 عندما قدر أحد الاقتصاديين حجم الأموال المنهوبة من عدن والجنوب بحوالي 153 مليار دولار.
هكذا تم تكرار هذه النظرة حتى أصبحت نظرية راسخة في أذهان أتباع ذلك الفكر، وهم اليوم من يحكم عدن والجنوب والمناطق المحررة، ويستمرون في ترديد هذه المقولة والتصرف على أساسها، حيث قاموا بقطع رواتب موظفي وأفراد الجيش والأمن الجنوبيين للشهر الرابع على التوالي.
في مقابلة لي مع صحيفة الثورة اليومية عام 2012 بصفتي رئيس مؤسسة المهاجر للدراسات، قلت إن الخطأ الاقتصادي الكبير في وحدة اليمن هو أنها جمعت بين شعبين: شعب كان يعمل في ظل نظام كانت الدولة هي المشغل الرئيسي ودخل الوحدة وجيوبه فارغة، وشعب آخر كان يعيش في ظل اقتصاد السحر وكانت جيوبه ممتلئة بالأموال. وقد أوضحت هذا الموضوع بتفصيل في تلك المقابلة التي نشرتها الصحيفة كاملة دون حذف. وسأعود للتفصيل في هذا الموضوع لاحقاً.
إن إرث السياسات الاقتصادية الماضية في عدن والجنوب لا يزال يؤثر على وضع الناس هناك حتى الآن. صحيح أن هناك مجموعة من أبناء عدن والجنوب استطاعوا الخروج من دائرة "الذين جيوبهم ضعيفة" إلى دائرة "الذين جيوبهم سمينة" بطرق مختلفة، ولكن نسبتهم لا تتجاوز 15%، وأولئك الذين حققوا ذلك من خلال العمل في مؤسسات الدولة لا تتجاوز نسبتهم 10%. وهذا يعني أن 75% من أبناء عدن والجنوب يعتمدون على رواتبهم الحكومية ويعتبرون من أصحاب "الجيوب الضعيفة".
يستمر أتباع ذلك الفكر في ترديد نظرية صالح حول رواتب الجنوبيين لأنهم يمارسون نهباً هائلاً لثروات عدن والجنوب لصالح ما يسمى بالنازحين السياسيين إلى الخارج خلال السنوات العشر الماضية وحتى الآن. أما المجلس الانتقالي فقد اكتفى بالطبقة التي تمثل ال 10% المذكورين وقام بتوسيع هيئاته ومناصبه وامتيازاته على طريقة "شئ عيشه" كما يقال.
لقد قدمت خلال الشهر الماضي عدة مقترحات اقتصادية لمعالجة هذه المشكلة لكنها تحتاج إلى وقت، بينما يبقى توفير رواتب الجيش والأمن والموظفين مسألة عاجلة. ومن الإجراءات العاجلة تغيير محافظ البنك المركزي في عدن ووزير المالية واستبدالهما بشخصيات جنوبية تشعر بمعاناة من تم قطع رواتبهم، لأن المسؤولين الحاليين همهم الأول توفير متطلبات ما يسمى بالنازحين السياسيين.
وبما أن الأزمة مستمرة دون أي حياء، فإنني أقترح أن يقوم الجيش والأمن بمحاصرة مبنى البنك المركزي في كريتر ووزارة المالية ومنع خروج أي أموال حتى يتم دفع رواتب الناس، بما فيها رواتب ال 17 شهراً للجيش والأمن التي تم الاستيلاء عليها سابقاً.
العالم كله يستهجن هذا العمل الإجرامي المتمثل في قطع الرواتب، ويستغرب أيضاً الصمت المخزي تجاهه. لقد تعب الناس من مناشدة التحالف العربي الذي بدلاً من أن يتحلى بموقف قوي أصبح أداة في يد أتباع ذلك الفكر.