المقاتلون يتخطون مرحلة الميزان استعداداً لنصف نهائي بطولة PFL MENA في الرياض    منتخب الناشئين يواجه عُمان في ختام مشواره الخليجي بحثًا عن رد الاعتبار    اغتيال الشيخ مهدي العقربي في بئر أحمد برصاص مسلحين مجهولين    بين عدن ونيويورك.. رسائل الرئيس الزُبيدي ترسم ملامح مستقبل الجنوب    واحدية النضال اليمني.. كيف مهدت ثورة 26 سبتمبر الطريق لأحرار 14 أكتوبر    موعد مباراة برينتفورد ومانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي    انطلاق المعرض السعودي للأزياء والنسيج في جدة عروس البحر الأحمر    السفارة اليمنية في ماليزيا تحيي ذكرى الثورة اليمنية ال63 لسبتمبر وال62 لأكتوبر    أكثر من 80 مسيرة في ريمة تؤكد الاستنفار في مواجهة العدو الصهيوني    صنعاء: العدو استهدف 5 حارات مسجلة ب"التراث العالمي" .. اسماء    مجلس النواب يستهجن الصمت الدولي والعربي تجاه العدوان على صنعاء    حزام يافع يلقي القبض على قاتل صهره بعد ساعة من ارتكاب الجريمة    من ضمن جرائم الحوثي: بعد ست سنوات من الاسر وجد في احدا ثلاجات مليشيا الحوثي    الزبيدي يؤكد التوجه نحو التطبيع والسقلدي يعتبره استفزازًا لكل العرب والمسلمين    القهوة تساعد على تخفيف الصداع.. كيف تتناولها لحصد الفائدة    بوسكيتس لاعب وسط برشلونة السابق سيعتزل بنهاية الموسم في الدوري الأمريكي    حريق في مصنع ملابس بمصر ووفاة 8    أسطول مساعدات غزة يتجه شرقًا من اليونان رغم التحذيرات الإسرائيلية    برشلونة يعاقب أوفييدو بثلاثية    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية جديدة بداية أكتوبر    المنحة السعودية مربوطة بتحقيق الإصلاحات والحوكمة الرشيدة    الحرب الإعلامية ضد المشروع الجنوبي    العليمي فقد الثقة في التحالف العربي ويدعوا لتحالف دولي جديد    صرف النصف الثاني من معاش إبريل 2021 للمتقاعدين المدنيين    دلالات احتفال اليمنيين بثورة 26 سبتمبر    تعز تنتصر للعدالة    ضابط استخبارات يستولي على مستشفى خيري ويحوله إلى سجن    عدن.. نقطة أمنية تعتقل محامي    الفريق السامعي يدين العدوان الصهيوني على العاصمة صنعاء    المفوضية الأوروبية تعلن عن مساعدات عاجلة لليمن    سريع: ضرب يافا بصاروخ انشطاري .. وافشال جزء من الهجوم على صنعاء    الرئيس الزُبيدي يُعزي حاكم الشارقة في وفاة الشيخ سلطان بن خالد القاسمي    ميدان التحرير بصنعاء يشهد إيقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر الخالدة    مصادر البروتينات النباتية.. تَعَرف عليها ؟    بدء صرف نصف معاش ابريل 2021 للمتقاعدين    المقيل اليمني .. طقس اجتماعي بين الحميمية والتحديات    تراجع الأسهم الأوروبية بضغط من خسائر قطاعي الصحة والصناعات    الداؤودي: استمرار حملة التفتيش لضبط المواد الغذائية الفاسدة بالمنصورة    إتلاف 62 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في العاصمة    محافظ حضرموت يتفقد أعمال تطوير منشأة غاز بروم    الصين تتهم أمريكا بتوجيه ضربة خطيرة للنظام التجاري المتعدد الأطراف    الشاي وصحتك.. 3 أكواب كافية لصنع الفرق    شرطة تعز تعلن ضبط أحد المطلوبين أمنيا وتواصل ملاحقة آخرين    راتب محافظ المركزي المعبقي أعلى من راتب رئيس أمريكا    صنعاء... الحصن المنيع    "جيل الشاشات".. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استعادته؟    نادي 22 مايو يكرم الشاب محمد وهيب نعمان    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفترق طرق القضية الجنوبية: قراءة في مشاركة الزبيدي بقمة الأمم المتحدة
نشر في شبوه برس يوم 26 - 09 - 2025

شكلت مشاركة القائد عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن الوفد اليمني برئاسة الدكتور رشاد العليمي، محطة تستوجب التوقف والتحليل المتعمق.اذ إن الظهور على هذا المنبر الدولي، بهذه الصفة والهيئة، لم يكن مجرد حضور بروتوكولي، بل هو انعكاس دقيق وحساس لموقع القضية الجنوبية داخل خارطة الصراع والشرعية الراهنة، ويطرح تساؤلات جوهرية حول المسار الذي تتخذه القيادة المفوضة بتمثيل تطلعات شعب الجنوب نحو استعادة دولته.

فقد جاءت مشاركة الزبيدي بصفته عضوًا في الوفد اليمني، وليس شريكًا على قدم المساواة في التمثيل الخارجي بموجب اتفاق الشراكة المبرم مع "الشرعية". وهنا تكمن أول ملامح الإشكالية؛ إذ ظهر الزبيدي ممثلًا ل"اليمن التي تحتل الجنوب"، وهي الصفة الرسمية للوفد، متجاوزًا الصفة التي فوضه بها الشعب الجنوبي، وهي تمثيل القضية الجنوبية التي تهدف إلى اعلان الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية. وهذا الخضوع الشكلي للبروتوكول يبعث برسالة واضحة حول موقع المجلس الانتقالي الجنوبي داخل المعادلة اليمنية-اليمنية والدولية؛ موقع ينصهر ظاهريًا في الإطار الأوسع لما بعرف"بالشرعية"
والأكثر إثارة للانتباه والتحليل هو مضامين الخطابات والأحاديث التي أدلى بها الزبيدي في فعاليات الدورة. فبدلاً من تكريس المنبر الدولي للحديث عن القضية الجنوبية وتطلعات الاستقلال، وهي المهمة الموكلة إليه بتفويض شعبي جنوبي، ركز الزبيدي على "القضية اليمنية"، وتحديدًا على ملف تحرير صنعاء من مليشيا الحوثي. فهذا التحول في الأولوية الخطابية يثير ريبة بالغة؛ فمن المفترض أن يكون رئيس الوفد، رشاد العليمي، هو المعني بتمثيل الشق اليمني الشمالي من الشراكة والدفاع عن قضاياه.
بل زاد الأمر تعقيدًا عندما ربط الزبيدي صراحة تحقيق استقلال الجنوب بتحرير صنعاء. وهذا الربط المباشر بين هدفين متباينين جغرافيًا وسياسيًا يطرح علامات استفهام كبرى. فبما أن الجنوب محرر بالكامل من سيطرة الحوثي، فإن الخطر الأكبر على استقلاله لا يأتي من الشمال الذي يحتله الحوثي، بل من استمرار الشراكة مع قوى "الشرعية" التي تمثل الوجه الآخر لاحتلال الجنوب ووصاية القوى اليمنية عليه. فربط مصير الجنوب بمصير صنعاء يوحي بتذويب القضية الجنوبية في إطار الصراع اليمني العام، وهو ما يتنافى مع جوهر التفويض الشعبي الممنوح له بالاستقلال.
وتفاقمت الإشكالية عندما صرح الزبيدي لاحقًا بأن تحرير صنعاء من الحوثي "أمر مستحيل". وهنا تظهر المفارقة المنطقية بشكل حاد وكارثي على تطلعات الجنوبيين: فإذا كان استقلال الجنوب مرهونًا بشرط (تحرير صنعاء)، والشرط نفسه مصنَّف من قبل القيادة الجنوبية على أنه مستحيل التحقيق، فإن النتيجة الحتمية هي تأبيد حالة الوصاية الراهنة على الجنوب في ظل الشراكة القائمة مع القوى اليمنية الي ما لانهاية.
ويصبح السؤال المطروح بقوة: ما المصلحة الجنوبية في ربط قضية الاستقلال بتحرير صنعاء، خصوصًا إذا كان تحرير صنعاء وتحقيق "السلام" يشكل خطرًا ماحقًا على استقلال الجنوب من خلال توحيد القوى الشمالية وتفريغ الجنوب من أهميته الاستراتيجية في معادلة الصراع؟ فاستقلال الجنوب، منطقيًا وواقعيًا، مرتبط بفك الشراكة مع القوى اليمنية في مجلس القيادة الرئاسي، وليس بانتهاء حربها ضد الحوثي.
وفي سياق آخر، جاءت مطالبة الزبيدي بإقامة انتخابات لاختيار قيادة جديدة لمجلس القيادة الرئاسي، لتضيف طبقة جديدة من التناقض. فالمطالبة بانتخابات على مستوى كل اليمن، دون أن تكون مقصورة على الجنوبيين لانتخاب قيادتهم، تتعارض بشكل أساسي مع أهداف الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية التي قدم من أجلها الشعب الجنوبي تضحيات جسام.اذ إن إجراء انتخابات شاملة ل"اليمن" يعني الاعتراف بالوحدة وإعادة إنتاج لشرعية يمنية موحدة، وهو ما يتنافى مع مطالب الاستقلال الجوهرية للجنوب.
وفي الختام، يظهر جليًا أن التصريحات والمواقف التي تبناها الزبيدي في الدورة الثمانين للأمم المتحدة، على الرغم من أهميتها كجزء من الممارسة السياسية الراهنة، لا تبدو معبرة بالضرورة عن إرادة شعب الجنوب أو ممثلة لتطلعاته الثابتة في الاستقلال الكامل. فهي تمثل المسار الذي اختاره الزبيدي في ظرف دقيق من الشراكة السياسية. أما الشعب الجنوبي، فما زال متمسكًا بثوابته، ويسعى بوضوح إلى استعادة دولته دون تراجع أو تفريط في الأهداف التي قدم من أجلها التضحيات، مؤكدًا أن أي تمثيل لا يخدم هذا الهدف بشكل مباشر وواضح هو تمثيل للذات وليس تفويضًا للشعب. فالقضية الجنوبية تظل مشروعًا للاستقلال، لا يمكن اختزاله أو تأجيله أو ربطه بمقايضات لا تخدم استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.