حكومة مزز الإعاشة سلموا الناس رواتبهم يا مكاسير الناموس    ظواهر فلكية نادرة.. 3 أقمار عملاقة تزين السماء في هذه المواعيد    وزير الرياضة يستقبل منتخبي الشباب والناشئين بعد التتويج الخليجي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    من أيزنهاور إلى ترومان.. كيف ولّى زمن البحرية الأمريكية وحضر اليمن بعملياته الإسنادية    كيف أفشلت المقاومة أهداف الاحتلال في غزة على مدار عامين؟    الأرصاد الجوية: المنخفض الجوي في بحر العرب تراجع إلى عاصفة إعصارية    زيارات متواصلة لمهرجان خيرات اليمن    كأس العالم 2026.. منتخبات قادرة على حسم التأهل في أكتوبر    الذهب يصل إلى أعلى مستوى له في التاريخ    قراءة فاحصة لمقال البروف عبد العزيز بن حبتور ...الذكرى اليوبيلية الخامسة والخمسون لتأسيس جامعة عدن ...    المرتزقة في عامين من الطوفان.. اصطفاف مكشوف مع الصهاينة    اعلام صهيوني: لا يمكن القضاء على حماس أو نزع سلاحها    الشيخ بن بريك يرد على المراهق السياسي "هاني البيض"    اقتحام مسلح يطال مستشفى أحور بدعوى علاج مسيحيين    مكتب المبعوث الاممي يكشف عن نقاشات فنية متعلقة بالأزمة اليمنية    أميرة شرهان تطل على الوسط الأدبي برواية «أرقّ النجوم» مشعة من بين العتمة بأسلوبٍ يقطر إحساسًا وصدقًا    أميرة شرهان تطل على الوسط الأدبي برواية «أرقّ النجوم» مشعة من بين العتمة بأسلوبٍ يقطر إحساسًا وصدقًا    المباحثات الأولى بشأن غزة تنتهي بإيجابية وترامب يتحدث عن موقف إيران وتركيا تدخل على خط التفاوض    جمارك منفذ حدودي مع سلطنة عمان توضح بعد أنباء متداولة عن توقف الحركة التجارية في المنفذ    ابنة المعتقل اليفاعي تكشف عن اعتداء تعرض له والدها قبل اعتقاله    المنتخب الوطني الأول يبدأ مرانه الأول في ماليزيا استعدادا لمواجهة بروناي في تصفيات آسيا    تعز.. تشييع جنديين ارتقيا أثناء ملاحقة مطلوبين في الشمايتين    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يتفقد سير عمل القيادة المحلية لانتقالي التواهي    بحضور فريق التوجيه والرقابة الرئاسي.. المهرة تشهد حفلًا ثقافيًا وتراثيًا احتفاءً بيوم اللغة المهرية    القائم بأعمال رئيس الوزراء يزور المعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث    أبين.. عسكريون بلا مرتبات منذ 4 أشهر يحتجون ويحذرون من ثورة جياع    حين أضاعوا الجنوب وراحوا ينتظرونه محملًا بأحلامهم    النفط يرتفع 1.5 بالمائة بعد إعلان أوبك+ عن زيادة في الإنتاج    الرئيس المشاط يهنئ الرئيس المصري بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    "وثائق" تكشف بالاسم أكثر من 200 جهة حكومية تدير المال العام خارج الخزينة العامة للدولة    صنعاء.. الخدمة المدنية والمالية توضحان بشأن نصف الراتب المخصص لشهر أغسطس الماضي    اتحاد كرة القدم يُعيّن الأصبحي مدربا لمنتخب الناشئين وقيس صالح للأولمبي    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية لأول مرة    أبوبكر عوض نجم نادي الأحرار يحتاج إلى لفتة    قلق يسود في مدريد.. مبابي يلتحق بمنتخب فرنسا رغم إصابة الكاحل!    صل إلى 350 ألف جنيه.. أسعار السيارات في مصر تتراجع 23%    رسمياً: سامر فضل مديراً فنياً للفريق الأول بنادي التلال    إشبيلية يسحق برشلونة برباعية تاريخية في الليجا    بن حبريش والمحافظ يخونون الأمانة ويُفقر الشعب من أجل الديزل والمال!    جامعة البيضاء تنظم المؤتمر العلمي السادس بمشاركة 299 باحثا من 17 دولة    القاهرة على موعد مع محادثات لإنهاء حرب غزة وتقرير يكشف حجم الدمار الذي حوّل القطاع إلى خراب    أربعة أسباب دفعت حماس للموافقة على خطة ترامب    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    اليهود في القرآن...!!    القنصل اليمني في الهند ينبه المسافرين اليمنيين بشأن الإجراءات الجديدة لوزارة الداخلية الهندية    سمراء المجازات    مرض الفشل الكلوي (22)    محمد عبده الفنان السادس على مسرح البواردي    وادي التماثيل في جزيرة قشم.. بقايا ظواهر رسوبية وجدران طبيعية مذهلة    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في ميزان السياسة: حادثة بن لزرق والكشف عن الأجندة الدولية
نشر في شبوه برس يوم 29 - 09 - 2025

جرى قبل يومين اقتياد فتحي بن لزرق من مقر صحيفته إلى قسم الشرطة في كابوتا بالمنصورة، عدن، في إجراء لم يتجاوز ساعة ونصف، وقيل إن سببه إداري يتعلق بتصاريح الصحيفة التي يرأسها ويمتلكها. فتوقيف صحفي أو رئيس تحرير لمدة ساعة أو ساعتين، سواء كان السبب إدارياً أو سياسياً، لا يرقى إلى مستوى القضية التي تستحق التهويل والإدانة والاستهجان أو اعتبارها عملية تستهدف الرأي وحرية التعبير. فمثل هذه الحوادث العارضة تقع حتى في الدول الديمقراطية المتقدمة التي تقدس تحترم الصحافة وتقدس حرية التعبير، بل ويمكن أن تحدث إجراءات أسوأ من ذلك بكثير، فما بالك في بلاد تعاني من الاضطرابات والاختلالات وتعدد السلطات والتشكيلات العسكرية، بل وتعيش في حالة ثورية متواصلة وتقاتل من أجل الاستقلال. فالأمر في مثل هذه الظروف هو طبيعي واعتيادي جداً بل هو أقل بكثير من الطبيعي، ويندرج ضمن هامش الفوضى القائمة في البلاد إن جاز التعبير، التي تتسم بها مناطق الصراع. بل إن المنطق السياسي الصارم، الذي لا يرى في الإعلام المحايد إلا أداة، يذهب إلى ما هو أبعد ويعتبر ان الغير الطبيعي هو ألا يتم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق هذا الصحفي أو صحيفته أو إغلاقها نهائياً ومنعه من مزاولة مهنة الصحافة والإعلام
فجوهر الإشكالية لا يستقر في تفاصيل حادثة التوقيف نفسها، بقدر ما يتعلق بالتفاعلات التي أعقبتها. فقد أعلن بن لزرق، في منشور على فيسبوك، عن تواصل السفارة البريطانية معه، اليوم معلنة تضامنها وإدانتها لما حدث له. وهنا تكمن نقطة التحول التي تكشف عن أبعاد تتجاوز حدود الواقع المحلي. فإذا كان الحدث بسيطاً إلى درجة أنه لا يستلزم تواصل السفارة الصومالية معه، فما الذي يدفع إحدى القوى الدولية الكبرى، ذات التاريخ السياسي الطويل في المنطقة، للتدخل السريع والواضح على نحو ماجرى.. فهذا التفاعل السريع من السفارة البريطانية يطرح علامة استفهام ضخمة، ويؤكد - وفقاً لقراءة سياسية معمقة - أن الصحفي المعني مرتبط بأجندة دولية يعمل لحسابها، وأن التواصل معه هو تكتيك سياسي لتقديمه للجمهور الجنوبي كشخصية ذات أهمية وتأثير ويحظى برعاية دولية. بهدف تمكين هذه الجهة من توجيه مشاريعها ومخططاتها داخل المشهد الجنوبي من خلال شخصية يُنظر إليها على أنها ذات سند دولي، فيتأثر بها الجمهور. فالتاريخ السياسي المعاصر مملوء بأمثلة على العملاء المحليين الذين يتم تضخيم دورهم من قِبل القوى الخارجية ليكونوا جسراً لتمرير المصالح البعيدة التي تتبناها من خلف الواجهة.
ا
إن ما يزيد الموقف غموضاً هو انتقائية الإدانة التي مارستها السفارة البريطانية. حيث سارعت إلى إدانة توقيف صحفي لمدة ساعة ونصف، لكنها ظلت صامتة بشكل مثير للريبة تجاه الانتهاكات التي يرزح تحتها الشعب الجنوبي منذ سنوات. وهذه الانتهاكات لم تقتصر على النواحي السياسية بل طالت صميم الحياة والمعيشة، ووصلت في بعض الأحيان إلى مستوى يمكن تصنيفه كجرائم حرب. فالسفارة البريطانية لم تدينِ ما يحدث للشعب الجنوبي من قطع للخدمات والكهرباء لساعات طويلة في ذروة الصيف الحارة لتشوي الناس، وعلى رأسهم المرضى والأطفال والنساء في البيوت، كما أنها لم تدينِ قطع المياه عن الأهالي في عدن لأيام عديدة لتحقيق أهداف سياسية. وتغاضت تماما عن حرمان الموظفين من رواتبهم المتدنية لمدة شهور تحت مبررات مختلفة بقصد كسر إرادة الشعب الجنوبي، كما لم تدينِ حالات القتل والاغتيال التي تحدث في المدينة، ولا عمليات العبث الهستيري بأموال الشعب أو الفساد المتعمد الذي تمارسه الحكومة. فقد غضت السفارة الطرف عن كل هذه الجرائم الكبرى التي تغتصب الحقوق الأساسية للشعب في حين كانت ولازالت تمتلك القدرة لحلها ومعالجتها بشكل كامل وادانت عملية توقيف صحفي لمدة ساعة ونصف. في تباين صارخ بين المواقف وردود الفعل، حيث تُدان حادثة عارضة فيما يُتم التغاضي تماما عن كوارث مستدامة وملحوظة وتعبث بشعب كامل، على نحو يكشف بوضوح عن أن الإدانة ليست نابعة من مبدأ أخلاقي أو حرص على الحريات العامة، بل هي وظيفة سياسية محددة الأهداف. وهذا يعني أن قوى دولية نافذة هي التي تقف خلف هذا الصحفي وتدعمه، ليس حباً في حرية الصحافة، ولكن لتمرير مشاريعها وأجنداتها الخاصة التي تخدم مصالحها في المنطقة ضد الشعب الجنوبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.