تدمير تلفزيون عدن.. جريمة ممنهجة لطمس ذاكرة الجنوب العربي شبوة برس – خاص قدّم الكاتب الجنوبي "صلاح السقلدي" قراءة عميقة لواقع الإعلام الرسمي وما آل إليه من خراب، وهي قراءة أطلع عليها محرر "شبوة برس"، لتعيد فتح ملف أخطر جريمة ارتُكبت بحق الذاكرة الوطنية في الجنوب العربي: تدمير تلفزيون عدن، أول تلفزيون في جزيرة العرب بعد بغداد والقاهرة، ومنارة التنوير التي حملت رسالة المعرفة والثقافة لعقود.
ففي سياق الصراع المحموم على ما تبقى من فتات وزارة الإعلام، التي تحولت إلى ركام تتقاسمه مراكز النفوذ، تبرز جريمة تدمير تلفزيون عدن بوصفها فعلًا سياسيًا مدروسًا نفّذته سلطات الاحتلال اليمني بعد حرب 1994، عبر مخطط ممنهج هدفه محو هوية الجنوب العربي وطمس إرثه الثقافي والإعلامي. وقد اكتملت حلقة هذا الخراب لاحقًا على يد الوزير معمر الإرياني الذي واصل عملية الإجهاز على ما تبقى من الأصول والممتلكات والأرشيف دون رادع أو مساءلة.
وأوضح السقلدي في منشوره أن وزارات الإعلام والثقافة والسياحة لم تعد سوى واجهات تُنهب مخصصاتها من قبل «وزير تويتري»، بينما تُترك المؤسسات التاريخية للضياع كما حصل بعد حرب 1994 حين نُهبت الوثائق والأشرطة والأرشيف البصري التي تمثّل الذاكرة الوطنية بكل قيمتها التاريخية والثقافية.
ويرى مراقبون أن استهداف تلفزيون عدن لم يكن مجرد إهمال إداري، بل خطوة ضمن مسار سياسي طويل لطمس الهوية الجنوبية وتفريغ مؤسساتها من مضمونها. فقد كان تلفزيون عدن واحدًا من أهم مراكز الإنتاج الإعلامي في المنطقة، سبقَ تأسيسه محطات خليجية كبرى، واحتضن كوادر فنية وصحفية صنعت ريادة إعلامية يشهد لها الجميع.
ويحذر مختصون من أن استمرار هذا العبث يهدد ما تبقى من أرشيف ووثائق تعدّ شريانًا ذا قيمة لا تُقدّر بثمن، ويستدعي تدخلاً وطنيًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تبتلعه فوضى السطو والنهب كما حدث في سنوات ما بعد الحرب.