المحامي رالف شربل يقود ديكيمبي ديكسون لانتصار ضد ثالث كأس العالم    لقاح وقائي لسرطان الرئة يدخل التجارب السريرية    رئيس الوزراء يؤكد استمرار الإصلاحات وتعزيز حضور الدولة وتقليل السفر الخارجي    بعد تمدد سحب الرماد البركاني.. الأرصاد ينشر توصيات وإجراءات وقائية للحد من أضراره    آخر حروب الإخوان    خالد اليماني يكشف الحقيقة المؤجلة: سقوط المرجعيات وانتهاء دولة الوحدة    أرسنال يضرب توتنام.. وفيلا يعاقب ليدز    لايبزيج يقفز إلى «الثاني» بثنائية بريمن    ميسي يقود إنتر ميامي لتحقيق انتصار كبير خارج ملعبه    رئيس سياسية الإصلاح يلتقي مسؤولا في الحزب الشيوعي الصيني لبحث العلاقات وأوجه التعاون    ريال مدريد يقع في فخ إلتشي    تقرير عبري: نصف الإسرائيليين يعانون أمراضا نفسية بعد 7 أكتوبر    لا خوف منها: سحابة رماد بركان أثيوبيا سيزول أثرها صباح اليوم    الإخوان وحملات التحريض الممنهجة ضد الإمارات    عبدالله العليمي والإصلاح بعد قرار ترامب.. الرئاسي والشرعية في مهب الريح    وزارة الزراعة تؤكد استمرار قرار منع استيراد الزبيب الخارجي    وزير الخدمة المدنية يؤكد أهمية ربط مسار التدريب بالمسار العملي في وحدات الخدمة العامة    الصحفي الراحل الفقيد الدكتور خالد الصوفي    إعدام الأسرى جريمة حرب    الدوري الايطالي: ميلان يحسم الديربي ضد الانتر لصالحه    الكابوس الذي يطارد نتنياهو    تدشين مخيم طبي مجاني لأسر الشهداء في بني حشيش    نائب وزير الشباب يكرم طالبات مركز الشباب للتدريب والتنمية    إيران: مستعدون للرد على التهديدات    أزمة وقود خانقة تدفع محافظة المهرة نحو كارثة إنسانية    في حفل تكريم المتفوقين من أبناء الشهداء بالمسابقة الثقافية المنهجية بصنعاء: الوزير الصعدي: ماضون على خطى الشهداء في إطار الاهتمام بالعلم والمعرفة    الاستقلال القادم    (وَمَكرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ) .. عملية أمنية اتسق فيها التخطيط مع التنفيذ    الشهيد العميد العصري .. شجاعة وإقدام    تحذيرات أرصادية من آثار نشاط بركاني في إثيوبيا قد يصل تأثيره إلى اليمن    فيرستابن يفوز بسباق لاس فيغاس ونوريس يقترب من اللقب    قراءة تحليلية لنص "أم شريف" ل"أحمد سيف حاشد"    تنظيم وتوسيع التعدين الأهلي للذهب والمعادن قاطرة التنمية والبديل الاقتصادي في ظل الأزمات    المنتخب الوطني يصل قطر قبيل مواجهة جزر القمر في مباراة فاصلة للتأهل لكأس العرب    تنفيذية انتقالي سيئون تناقش الاستعدادات الجارية للاحتفال بذكرى عيد الاستقلال 30 نوفمبر    يوم كانت المائة الشلن أهم من الوزير    تقرير دولي: توسع إماراتي لشبكة قواعد عسكرية حول البحر الأحمر وخليج عدن    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة البرلماني الورافي ويشيد بمناقبه وأدواره    اختتام الدورة الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي في المصانع الدوائية    الربيزي يعزّي مدير عام مكتب الصحة والسكان في لحج بوفاة والده    صنعاء.. الحكم بالإعدام على قاتل فتاة الفليحي    استئناف إصدار وتجديد الجوازات بتعز    الأرصاد يحذر المواطنين في المرتفعات الجبلية من الأجواء الباردة وشديدة البرودة    قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    لملس يبحث في فرنسا تعزيز الشراكات الاقتصادية واللوجستية بين عدن والمدن الأوروبية    برنامج الأغذية يقلّص مستفيدي المساعدات الانسانية في مناطق الحكومة    اليمن بين الانقسام والبحث عن طريق النجاة    الاطلاع على أعمال ترميم وصيانة جامع معاذ بن جبل التاريخي في تعز    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    ظهور "غير اخلاقي" بقناة للمرتزق طارق عفاش يثير عاصفة جدل    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    قراءة تحليلية لنص "فرار وقت صلاة المغرب" ل"أحمد سيف حاشد"    وزير الصحة يوجه برفع مستوى التأهب الوطني لمواجهة فيروس "ماربورغ"    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أهم مفاتيح السعادة    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليت قائد الجيش البريطاني لم يرتبش
نشر في شبوه برس يوم 24 - 11 - 2025

يبدو أن قائد الجيش البريطاني في يوم العشرين الأغر قد ضيّع صوابه وارتبش، وكأن لحظة الارتباك هذه قد قررت أن تتآمر علينا نحن الجنوبيين تحديدًا، وتذكّرنا بأن صوابنا قد تلاشى مبكرًا منذ اندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963 وما حملته من صراعات وتسخين ناريّ بين فصائل المقاومة ضد المستعمر. فجاء الرحيل البريطاني أكثر إيلامًا مما يحتمله بشر... ولا حتى الاستعمار نفسه.

والنتيجة؟ استقلالٌ لم نكن مستعدين له، ووضعٌ اليوم لا يسرّ صديقًا ولا يغيظ عدوًا... حتى الخصوم باتوا يشعرون بالحرج من الشماتة، احترامًا لظروفٍ تخجل منها المآسي ذاتها.

ومع كل ذكرى ل 30 نوفمبر 1967م، تمرّ الذكريات من أمامنا كأنها مقاطع فيلم طويل لا نهاية له. ذكرى يُفترض أن تكون مُفعمة بالانتصار ورائحة الكرامة، لكنها اليوم تُثير في صدورنا سؤالًا مربكًا: هل احتفلنا يومًا بالشيء الخطأ؟

فالنضال كان كبيرًا، والتضحيات موجعة، والآلام لم تتوقف حتى هذه اللحظة—وكأن الاستقلال لم يكن إلا تمهيدًا لامتحانٍ معقّد لم نفتح كتابه أصلًا، وما زلنا نبحث عن الصفحة الأولى فيه.

جاء نضال الجنوب في التوقيت الأسوأ الذي يمكن أن يختاره القدر أو التاريخ—مدٌّ ناصريٌّ يندفع كالطوفان، معسكر رأسمالي يصرخ، وآخر اشتراكي يزمجر، وبين هذا وذاك وقف الجنوب، في منتصف العاصفة تمامًا، يدفع الثمن مرتين: مرة حين دخل لعبة الكبار، ومرة حين خرج منها بلا مكسب، ولا حتى ورقة حضور.

بدأ الاستقلال قوميًا أنيقًا، ثم غيّر ملامحه تدريجيًا حتى صار اشتراكيًا كامل الدسم، بعدما ذابت الناصرية كما ذابت أحلام البسطاء. تغيّر الاسم والشعار والنهج، بينما بقيت المعاناة ثابتة كجبال ردفان، لا تهتز ولا تتزحزح.

وهكذا نقول اليوم بضحكة تحمل مرارة السنين: ليته لم يرتبش.

ليتهم سلّموا الجنوب كما سلّموا دول الخليج؛ بهدوء، باتفاق، وبمفاتيح تُسلَّم لأيدٍ تُؤتمن. لكان المشهد مختلفًا؛ ربما أفضل، ربما أقل دموية، وربما—وهو أضعف الإيمان—أكثر استقرارًا من هذا السيرك السياسي الذي نعيش فيه دور المتفرِّج المنهك.

ليته لم يرتبش... وأكمل خطة الانسحاب كما رُسِمَت، وسلّم الحكم للجنوبيين، وحافظ على دولة الجنوب العربي، بدلًا من أن يتركنا في دوامة جمهوريات وتيارات وولاءات متشنجة. قرارات ارتجالية صنعت لنا صداعًا تاريخيًا لا دواء له.

واليوم نقف أمام التاريخ ونسأل—ولا يلومنا أحد: هل كان يكفي أن يؤجّل ارتباكه دقائق معدودة... كي يكتب التاريخ صفحة أقل وجعًا؟

ليته لم يرتبش... لكان الجنوب حفظ هويته الوطنية، وتجنّب صراعات دامية وأحداثًا مؤلمة، وقرارات وُلدت من رحم الفوضى.

ليته لم يرتبش... لربما لم نعرف التأميم، ولا الدماء، ولا تلك "اليمننة" المبكرة التي انتهت بوحدة التهمت كل أحلامنا.

ليته لم يرتبش... وليْتنا نحن أيضًا لم نرتبك معه!

لربما كان المشهد مختلفًا اليوم: لا معاناة من خدمات مقطوعة، ولا وحدة مشؤومة، ولا حوثي، ولا إصلاح، ولا إرهاب... ولا جنوب يقف على أطلال استقلال جاء مبكرًا وجرّ خلفه عواصف لم تهدأ حتى الآن.

وها نحن نقولها بصراحة: ليته لم يرتبش... فهل نتعلم نحن اليوم ألا نرتبش؟

نحن على عتبة ظروفٍ مشابهة، ولا مجال لربشات جديدة. نتمنى ذلك... أم أن ربشة القائد البريطاني لا تزال تطاردنا حتى هذه اللحظة؟

* - عبدالناصر صالح ثابت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.