بجهدٍ ومتابعةٍ من محرر "شبوة برس"، تتكشف ملامح المشهد الجنوبي على نحو ينذر بانفجار وشيك، حيث يعيش الجنوب العربي إحدى أقسى مراحل الإفقار الممنهج، فيما تتسع رقعة الجوع في عدن وسائر المحافظات مع استمرار قطع المرتبات وانهيار الخدمات وغياب أي حضور حكومي فعلي. أطلع محرر "شبوة برس" على حجم المأساة التي تتكشف يومًا بعد آخر، وسط شعور عام بأن الاحتلال اليمني لم يغادر فعليًا، بل غيّر أدواته وأساليبه فقط.
وتشير المتابعات الميدانية التي يرصدها "شبوة برس" إلى أن مسلسل التجويع لم يعد مجرد فشل إداري، بل سياسة مدروسة تهدف إلى إنهاك المجتمع الجنوبي وإضعافه، عبر تعطيل الرواتب لأشهر طويلة، وترك عدن غارقة في الظلام والقمامة وشح المياه، فيما تُنقل ثروات الجنوب إلى جيوب مسؤولي الشرعية اليمنية الذين يعيشون في بحبوحة الفنادق ورواتب الإعاشة والامتيازات الباذخة.
وتفاقمت الكارثة مع تكدّس النازحين اليمنيين داخل عدن وبقية مدن الجنوب، مستحوذين على الحصة الأكبر من المساعدات الدولية المخصصة أصلاً للسكان المحليين، وفق ما أكده ناشطون ومصادر مجتمعية رصدها محرر شبوة برس. وفي المقابل، يُترك المواطن الجنوبي، صاحب الأرض والثروة، يواجه الجوع والمرض أمام صمت دولي غير مفهوم، وحكومة لا تنشغل إلا بتوسيع أرصدتها وتحصين مواقع المنتفعين فيها.
وفي ظل هذا التدهور المتسارع، تتصاعد دعوات الشارع الجنوبي إلى تحرك شعبي واسع يستعيد الكرامة ويعيد السلطة إلى أصحاب الأرض. فالشعب الذي صبر ثلاثة عقود ونصف على نهب ثرواته واحتلال أرضه، لم يعد قادرًا على تحمل مزيد من الإذلال. والمطالب اليوم واضحة: رحيل سلطة الاحتلال اليمني من قصر معاشيق وكل الجنوب، ووقف العبث الديموغرافي الذي حول مدن الجنوب إلى مخيمات مفتوحة، واستعادة الحق عبر تحرك شعبي سلمي يعيد الجنوب لأبنائه.
إن استمرار الوضع الراهن ينذر باندلاع ثورة جوع قريبة، فالجوع لا ينتظر، والكرامة لا تُؤجَّل، والشعب الذي يعيش فوق أرض غنية بالثروات لن يقبل أن يُحكم بالتجويع والقهر. والتحرك الشعبي السلمي بات الخيار الأخير أمام سلطة لم تعرف من الحكم سوى النهب، ولا من المسؤولية سوى الهروب.