اعتبر محرر شبوة برس أن البيان الصادر عن مصدر أمني في محافظة شبوة عقب جريمة تنفيذ ما سُمّي زورًا بحكم قصاص، يمثل سقوطًا قانونيًا وأخلاقيًا خطيرًا، إذ تعامل مع جريمة قتل بشعة نُفذت خارج نطاق القضاء والدولة، وكأنها مخالفة إجرائية عابرة لا تختلف في جوهرها عن مخالفة مرورية تُعالج بالتوبيخ أو التنبيه. الجريمة التي هزّت محافظة شبوة نُفذت بإطلاق نار مباشر وبعشرات الطلقات النارية من معدلات تستخدم في المعارك، دون وجود قضاة أو محاكم أو أي إجراء قضائي، وعلى يد أشخاص لا يملكون أي صفة قانونية أو شرعية لتنفيذ العدالة. ما جرى، وفق أحكام الدين والقانون، هو قتل خارج نطاق القضاء وجريمة مكتملة الأركان تمس الحق العام وتمثل اعتداءً صارخًا على سلطة الدولة واحتكارها لإنفاذ العدالة.
غير أن البيان الرسمي، بحسب متابعة شبوة برس، لجأ إلى لغة رمادية مائعة، فاكتفى بعبارات عامة من قبيل "التصرفات الخارجة عن النظام والقانون" و"مسار بشع ومخالف للقيم"، دون أن يسمي الجريمة باسمها القانوني الصحيح، ودون أن يعلن بوضوح أن ما حدث قتل عمد خارج القضاء يستوجب ملاحقة جنائية فورية وحازمة للمنفذين والمحرضين والمتواطئين.
ويرى محرر شبوة برس أن هذا الأسلوب لا يختلف في خطورته عن الجريمة نفسها، لأنه يفرغ القانون من مضمونه، ويحوّل القتل العلني إلى واقعة قابلة للاحتواء بالبيانات، ويبعث برسالة مفادها أن سفك الدم يمكن التعامل معه بالمنطق ذاته الذي تُعالج به مخالفات المرور.
الأخطر أن البيان حاول تحميل المجتمع وأطراف غير رسمية مسؤولية ما جرى، متجاهلًا مسؤولية السلطة المحلية والأجهزة الأمنية التي كان يفترض بها حماية المتهم ومنع أي اعتداء عليه، وبسط سيطرة الدولة على الأرض. هذا التقاعس الأمني، وفق معايير القانون، مسؤولية مباشرة تتحملها قيادة المحافظة والجهات المختصة دون مواربة.
وتؤكد شبوة برس أن المسؤول الأول في محافظة شبوة يتحمل مسؤولية سياسية وأمنية كاملة عن حالة الانفلات، وعن عجز مؤسسات الدولة عن فرض القانون، ما أدى إلى تحويل العدالة إلى فعل انتقامي دموي خارج كل الأطر الشرعية والقانونية.
إن مساواة جريمة قتل بشعة خارج القضاء بمخالفة عابرة، أو التعامل معها بلغة باهتة، لا تهدد فقط هيبة الدولة، بل تفتح الباب واسعًا أمام الفوضى وشرعنة الانتقام. وهو ما يستوجب موقفًا صارمًا، يعلن بوضوح أن الدم ليس ملفًا إداريًا، وأن العدالة لا تُنفذ إلا عبر القضاء، وأن كل من تجاوز ذلك مجرم يُحاسب، وكل من قصّر شريك في الجريمة.