سنان بيرق في زمنٍ لم تعد فيه الجريمة تحتاج إلى بندقية، بل إلى إصبعٍ يضغط زر "إرسال"، خرجت علينا المدعوة ابتسام أبو دنيا، اليمنية المقيمة في المملكة العربية السعودية، لتطلق عبر الوسائل الإلكترونية ما يفوق الرصاصة خطورة، ويتجاوز حدود التعبير إلى مستنقع التحريض الآثم.
لقد أقدمت هذه المرأة – بكامل وعيها ومسؤوليتها – على التحريض العلني الصريح بقتل القاضي عبدالوهاب قطران وأبنائه، وهم حاليًا في مدينة عدن لغرض الزيارة والعودة، في جريمة مكتملة الأركان، لا يشوبها غموض، ولا يخفف من وقعها كونها صادرة عبر الإنترنت. بل العكس تمامًا... فالتحريض الإلكتروني – كما استقر في الأنظمة السعودية – يُعد من أخطر أشكال التحريض، لما له من قدرة على الانتشار السريع، والتأثير العابر، والتغلغل في عقول الضعفاء، والمرضى، والمتربصين.
إن ما صدر عن المدعوة ابتسام لا يُعد رأيًا، ولا حتى انفعالًا عابرًا، بل هو عمل إجرامي صرف، يهدد حياة رجل قضاء، ويضع أبناءه – وهم في وطنهم – تحت خطر مباشر، قد يبدأ بكلمة، وينتهي بسفك دم، وقد تسبقه نية، وتتبعه فاجعة.
لقد كان النظام السعودي واضحًا وجليًا في مواجهة هذه الأفعال، حيث نصّ نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في مادته السادسة بعبارة لا لبس فيها: "يُعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنتج أو أعدّ أو أرسل أو خزن أي مادة تتضمن المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي."
ومع أن النص لم يخصّص "التحريض" صراحة، إلا أن تفسيره القضائي شمل كل من يستخدم الوسائل التقنية للتحريض أو التهديد أو التخويف أو المساس بأمن الأفراد. بل إن القضاء السعودي شدد في تطبيقه على أن التحريض يُعاقب عليه سواء وقعت الجريمة أم لم تقع، وسواء كان المحرَّض عليه داخل المملكة أو خارجها، فالجريمة قائمة بمجرّد صدور فعل التحريض من داخل أراضي المملكة.
ولا تكمن خطورة هذه الجريمة في محتواها فحسب، بل في موضوعها: قاضٍ يمثل هيبة الدولة، وسلطة القانون، ومهابة القضاء. والاعتداء عليه – ولو بالكلمة – هو اعتداء على العدالة، وتحدٍّ سافر لسيادة النظام، ومحاولة آثمة لهزّ الثقة في الأمن والعدالة.
ولهذا، تنظر القوانين السعودية إلى التحريض ضد القضاة نظرة خاصة، وتعتبره جريمة مشددة لا تسقط عنها العقوبة، ولا تخففها الأعذار. فالقضاء هو الركيزة التي تقوم عليها الأوطان، وإذا طُعن القاضي، انكسر القانون، وإذا هُددت أسرته، ارتجف ميزان العدالة.
وما صدر من ابتسام أبو دنيا لا يحمل فقط خطورة التحريض، بل يتضمن نية إجرامية مبيّتة، ويستوجب من جهات الاختصاص أن تُعاملها بما تستحقه من تشديد العقوبة، لا لأنها فقط حرّضت، بل لأنها فعلت ذلك بوعي، وبجرأة، وعلى منصة علنية، وفي دولة تحكم بشرع الله، ولا تسمح بأن تتحول منصات التقنية إلى أدوات تحريض على الدم.
إن ما نخشاه ليس وهمًا، بل خطرٌ حقيقي يقترب في كل لحظة. فحين تُنشر دعوة للقتل علنًا، وتُبث الكراهية في فضاء مفتوح، لا أحد يعلم من سيلتقطها، ولا من سيقرر تنفيذها. قد يكون في عدن من قرأ، وصدّق، وتهيّأ... وما بين الكلمة والسلاح، في عالمنا اليوم، ثوانٍ فقط. فهل ننتظر سقوط القاضي قطران ضحية؟ أو إصابة أحد أبنائه في غفلة من الجميع؟ أم نتدارك الأمر قبل أن تُضاف أسماء إلى قائمة شهداء الكلمة، والمحرّضون أحياء ينكرون ما كتبوه؟
من هنا، فإنني، بصفتي محاميًا وناشطًا في القانون الإنساني، أناشد النيابة العامة في المملكة العربية السعودية باتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة تقود إلى القبض الفوري على الجانية، والتحقيق معها، ومحاكمتها، وإنزال أشد العقوبات بها، لا انتقامًا، بل حمايةً للحق، وصونًا للقضاء، وردعًا لكل من يظن أن بإمكانه العبث بأرواح الناس من خلف شاشة.
فالتحريض جريمة لا تُغتفر، وخصوصًا إذا كان ضد رجل قضاء. ومن يُحوّل الكلمة إلى خنجر، فلا يلومنّ إلا نفسه إذا طالته يد العدالة.
ولأن العدالة لا تكتمل إلا بفهم دقيق لتفاصيل القانون، فقد جاءت المادة التاسعة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية لتسدّ باب التلاعب والتهرب، ونصّت بوضوح على أن: "كل من حرّض أو ساعد أو اتفق على ارتكاب جريمة من الجرائم المعلوماتية، يُعاقب إذا وقعت الجريمة بنفس العقوبة المقررة للجريمة الأصلية، وإن لم تقع الجريمة، فيُعاقب بما لا يزيد على نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها." وبناءً عليه، فإن مجرد التحريض الإلكتروني على ارتكاب جريمة قتل – حتى إن لم تقع – يُعد جريمة قائمة بذاتها، متحققة بأركانها، وتستوجب عقوبة لا تقل جسامة عن الجريمة نفسها. كما أن المادة السادسة من ذات النظام تُحكم الخناق على كل من يتجرأ على استخدام الوسائل التقنية في المساس بالنظام العام أو تحريض الغير على الجريمة، وتنص على: "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين…"
فهل بعد هذه النصوص من غموض؟ وهل يبقى لمن يُحوّل الكلمة إلى خنجر، أو يحوّل منشورًا إلى تهديدٍ مباشر لحياة القاضي وأبنائه، موضعٌ للهروب أو التبرير؟
إنها جريمة مكتملة الأركان، لا يشفع فيها عذر، ولا يُقبل فيها تأويل، ولا يُترك فيها مجال للتأخير، لأن التأخير في مثل هذه القضايا قد يُكلّفنا دمًا.
إن يد العدالة السعودية، حين تتحرك، لا تتحرك انتقامًا، بل تتحرك حمايةً للناس، وهيبةً للدولة، وصونًا لحياة الإنسان... فلا نامت أعين المحرّضين، ولا تأخرت أعين القانون.
النداء العاجل: إلى الأمن السعودي، درع الحزم والردع: إن ابتسام أبو دنيا، وهي الجانية المُحرّضة على القتل، تُقيم على الأراضي السعودية، وتُطلق تهديداتها الخطيرة والمباشرة ضد قاضٍ يمني من داخل المملكة! إنها لا تُهدد شخصًا عاديًا... بل قاضٍ في عدن، رمز للعدالة، والحرية، والنضال! فهل يُعقل أن تتحوّل أرض المملكة إلى منبر للتحريض على الاغتيال؟! أين السيادة؟! أين هيبة الدولة؟! نناشدكم باسم كل قانون وأمن وعدالة: أوقفوا هذه المجرمة فورًا قبل أن يتحول التحريض إلى دماء!
إلى النيابة العامة السعودية، التي لا تساوم في الحق: إننا لا نبلغكم عن مجرمة هاربة، بل عن مُحرّضة تقيم بينكم، تحت أنظاركم، تُطلق دعوات القتل من جواركم... والمحرض ضده ليس في الداخل، بل في عدن، حيث تصل أيادي الجريمة العابرة للحدود. هذا ليس خلافًا عائليًا، بل تحريض علني يستهدف رأس سلطة قضائية! فهل تبقى ملفات التحريض في الأدراج حتى يُسفك الدم؟ نناشدكم: افتحوا التحقيق فورًا، ووجّهوا الاتهام باسم العدالة، وباسم هيبة المملكة.
إلى القضاء السعودي، حامي العدالة الإقليمي: إن سُكوت القضاء على مقيمة تُحرّض على قتل قاضٍ خارج حدود الدولة، يعني أن السعودية قد تتحول إلى حاضنة للتحريض الدولي... فاحسموا الأمر، وأرسلوا رسالة للعالم أن عدالة المملكة لا تقبل أن تكون غطاءً لمحرّضين على القضاة.
وإلى المنظمات الدولية والحقوقية، وعلى رأسها: هيومن رايتس ووتش، العفو الدولية، المفوضية السامية، الصليب الأحمر: أين أنتم من هذه الجريمة الوشيكة؟ امرأة تُحرّض علنًا على قتل قاضٍ وهو في عدن، بينما تعيش هي آمنة في السعودية، تُمارس التحريض وكأن العدالة ماتت! هل تنتظرون وقوع الجريمة حتى تُصدروا بيانًا باردًا لا يغيّر شيئًا؟ تحرّكوا الآن، وسجّلوا موقفًا واضحًا: التحريض على القتل جريمة، ولو انطلقت من أفخم البيوت وأهدأ المدن. نحن نكتب لنوقظ، لا لنرثي... نُحذّر قبل أن ندفن أحدًا. وإن سُفكت الدماء بعد هذا، فكل من سكت عن هذا التحريض شريك في الجريمة. من حائط الكاتب على الفيسبوك