اسمه ونسبه: هو الحبيب عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن علوي بن أحمد بن محمد بن أحمد الكاف بن محمد كريكره بن أحمد بن أبي بكر الجفري بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد الشهيد بن الفقيه المقدم محمد بن علي بن محمد صاحب مرباط بن علي خالع قسم بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد الله بن أحمد المهاجر إلى الله بن عيسى بن محمد النقيب بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . والذي سماه باسمه الشريف هو الحبيب أحمد بن عبد الله بن طالب العطاس بعد صدور مرسول من والده يخبره بولادته فأرسل إليه أن يسميه عبد الرحمن. ووالدة المترجم له هي الشريفة شيخة بنت السيد علوي بن محمد بن علي بن علوي بن شيخ السقاف المتوفاة ببندر التقل من جاوة سنة 1322ه . ولادته ونشأته: ولد ببندر التقل بجاوة يوم الجمعة الرابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة 1320ه وكان مولده على نظر الحبيب محمد بن عيدروس الحبشي أحد مشايخ والد المترجم له، ثم نقله والده إلى الهجرين وعمره آنذاك سنتان ونصف. ولقد نشأ في بيت عرف أهله بالتقوى والصلاح والورع. ولما كان والده كثير الإقامة بجاوة اعتنت بتربيته والدة والده الشريفة نور بنت الحبيب عبد الرحمن بن أحمد الكاف الملقب بالمَسْمَر، وممن اعتنى به أيضاً الحبيب أحمد بن حسن الكاف قاضي الهجرين، ولما بلغ التاسعة من عمره التحق برباط تريم ومكث به ستة أشهر ثم عاد إلى الهجرين وبعد ثمان سنين جدد عزمه فعاد إلى الرباط ومكث به ثمانية أشهر، فنشأ على أتم الأوصاف من صغره ولم تُعرف له صبوة. وكان في صغره كثير الرؤى فلا يرى شيئاً إلا ويتحقق. شيوخه: عاصر المترجم له الحبيب أحمد بن حسن العطاس وحضر بعض مجالسه أثناء مكوثه بحريضة مدة شهرين لتعلم القرآن العظيم. ومن أجل مشائخه الحبيب عبد الله بن عمر الشاطري فقد كان كثير الملاحظة للمترجم له وكثير الثناء عليه. وممن أخذ عنهم وتربى بهم الحبيب علوي بن عبد الله بن شهاب الدين فقد كان يلاحظه أتم الملاحظة. كما أخذ عن الحبيب علوي بن عبد الرحمن المشهور فقرأ عليه كتاب العطية الهنية للحبيب علي بن حسن العطاس في مسجده، كما قرأ عليه وسمع منه بعض الكتب الفقهية في مدرس الشيخ علي بن أبي السكران الذي يعقد كل يوم اثنين وخميس، وكان المترجم له يتردد إلى منزل الحبيب علوي للقراءة عليه والانتفاع به، ونال منه الإجازة. وممن أخذ عنهم: الحبيب علي بن عبد الرحمن المشهور، والحبيب عبد الله بن عيدروس العيدروس، والحبيب جنيد بن أحمد الجنيد، والحبيب علي بن سهل جمل الليل، والحبيب أحمد بن عبد الرحمن السقاف، والحبيب مصطفى بن أحمد المحضار، والحبيب محمد بن حسن عيديد، والحبيب سالم بن حفيظ، والحبيب أحمد بن محسن الهدار، والحبيب عبد الباري بن شيخ العيدروس، والحبيب حامد بن محمد السري، والشيخ عبد الله بن محمد بانافع، والشيخ أبو بكر بن محمد بن عفيف. وممن أخذ عنهم بعد انتقاله إلى الحرمين الشريفين سنة 1345ه الحبيب علوي بن عباس المالكي، والشيخ عمر باجنيد، والحبيب حسن بن محمد فدعق، والحبيب عيدروس بن سالم البار وأخوه أبو بكر، والشيخ حسن المشاط، والسيد محمد أمين كتبي، والشيخ محمد العربي التباني، والشيخ محمد نور سيف، وغيرهم من العلماء. ثناء أهل عصره عليه: كان الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف يقول له: ما دمت فينا فلا خوف علينا وأنت تعرف طريق السماء. وقال أيضاً: من أراد أن ينظر إلى رجل أمات نفسه على وجه الأرض فلينظر إلى الحبيب عبد الرحمن الكاف. وكان الحبيب أبو بكر (العطاس) بن عبد الله الحبشي يعتب على من يأتي إليه من جدة لقصد المسائل الفقهية والزيارة ويقول لهم: تأتون إلي وعندكم عبد الرحمن الكاف؟! وقال الحبيب حامد بن علوي الحداد: إن الحبيب عبد الرحمن له نور عظيم لا يستطيع أحد أن ينظر إليه من شدته. أهم صفاته: كان جم التواضع لين الجانب لا يرى نفسه شيئا يأخذ بخواطر الآخرين ويستوعب الجميع فلا يفرق بين من يجمعه في شجرة النسب أو يفارقه ولا بين من يستوطن بلده أو غيرها بل كان يعتبر الجميع شيئاً واحداً؛ اتباعاً لطريقة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حيث بعث للخلق كافة ولم يختص بعربي على أعجمي و لا بهاشمي على قرشي. وكان يباسط الصغير والكبير ويعطي كل ذي حق حقه حتى مع خواصه ومجالسيه وكان من المنصفين لمن في عصره من العلماء والأولياء يقدر كل واحد منهم قدره ويعزو لكل منهم حقه وليس هو ممن يبخس الناس أشياءهم بل كان يمدح من يستحق منهم ويثني على من هو أهل للثناء عليه ويتحدث عنهم باحترام وإجلال لأنه لا يدعو لنفسه وشخصه ولا لتشهير منصبه ونحوه، حتى إنه من تواضعه يقبل يد الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف وركبته رغم أنه أكبر منه بعشر سنين ولا يتقدم على أخيه الحسين في رأي أو غيره لسعة علمه رغم أنه أكبر منه بثلاث عشرة سنة بل إنه هو الذي تولى تربيته في صغره. ومن تواضعه أيضاً أنه يجلس حيث ينتهي به المجلس رغم أنه أكبر سنا من الحاضرين و لا يتخطى رقاب الناس ولا يتصدر في مجلس حتى يجبره على ذلك صاحب البيت أو بعض الحاضرين. وكان قوي الحافظة يذكر الحكايات القديمة التي حصلت له ومع مشايخه وسيرة سلفه وإذا ذكر مشايخه ذكرهم بأدب جم ليعلِّم الناشئة كيف يتحدثون عن مشايخهم . وكان مع قوة حافظته سليم البدن من الآفات حتى في أواخر عمره رغم أنه بلغ المئة من العمر ولما سئل عن ذلك قال: حفظناها –أي: من المعاصي- في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر. وكان قائما بالدعوة إلى الله متفقداً لحال أقاربه محاولاً للإصلاح بينهم ورعاً كحال أهل بلده الهجرين صبوراً على المصائب محبًّا للخير وأهله ويتفقد طلاب العلم ويحثهم على التفقه في الدين والاستزادة منه وكان يقول: الفقه مثل العظم في جسم الإنسان إذا فقده لم يستطع فعل شيء. ومن تواضعه أنه لا يُظهر لأحد عيبه بل لو رأى من أحد سلوكاً سيئاً أو بعضاً من الأمور التي لا تليق ممن يأتي إليه لوَّح له بالقصص السلفية التي ترشده إلى تلك القضية دون أن يشير إليه أو يفضحه. وكان غيوراً على طريقة أسلافه الكرام ويغضب لمن يخالف نهجهم أو يتزيَّ بغير زيهم كما يأمر طلبة العلم بالتزي بزي العلماء ليُعرفوا فيسألهم الجاهل ويسترشد بهم الهائم . وكان عظيم الغضب لما يراه في الأجيال المتتابعة من التزي بزي الكفرة والفجرة وقد يعتذر له البعض بأنه لا يزال صغيراً فيقول لهم: من ربَّى ابنه من صغره على شيء لم يستحِ من فعله إذا كبر. إلى غير ذلك من الصفات التي يصعب حصرها وتعدادها في هذا المجال. مؤلفاته: 1- مجموعة صلوات على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرتبة على أيام الأسبوع أسماها: " سلم التيسير لليسرى ونفحات الذكر والذكرى في الصلاة والسلام على أبي الزهراء سيدنا محمد سيد أهل الدنيا والأخرى " (مطبوع) 2- الرسالة الكبرى من سلم التيسير المتقدم. (مطبوع) 3- جراب المسكين لحفظ بعض من مسائل الدين. (مطبوع) 4- القهوة البنية بذكر عمارة الغرفة العطاسية. وهي غرفة الحبيب علي بن حسن العطاس الكائنة بالهجرين لما تقادم عهدها وقرب سقوطها سعى في عمارتها فأنشأ هذا المؤلف فيها. 5- مجموعة من القصائد. وفاته: ولما كانت عشية الأحد السادس من شهر شعبان سنة 1420ه فاضت روحه الشريفة وهو يقول: " لا إله إلا الله " . فقد كان كثير اللهج بها وكان يأمر من عنده أن يكثر منها . رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته دار القرار . * موقع : السادة آل الكاف