فلسفة هذه المدينة (عدن) العجيب لم يستطع أحد فك طلاسمها منذ سابق الأزمان, وكل يوم تظهر لنا مفاجأة تلو الأخرى لتخرس الألسن المتطاولة عليها بعنصريتها وأفعالها النتنة التي فاحت رائحتها ووصلت عنان السماء لكنها لم تستطيع النيل من عدن ومدنيتها الحضارية التي تلفظ كل قبيح وستبقى كما عهدناها رغم كيد الكائدين الذين يسعون ليل نهار عابثين فيها ويحلمون بطغيان القبيلة على حضارة المدنية .. اليوم مرة أخرى تعطينا عدن درس مفاجئ في حصة التاريخ عبر العصور وتكشف لنا زيف الإدعاءت التي وسموها وأبنائها بها منذ عشرات السنين بمسميات مختلفة وهي المدينة التي علمت الجميع بقبولها للآخر وعاش في كنفها كل أطياف والوان الطيف البشري على مدى قرون مضت وأنصهروا فيها, وهاهي اليوم تكشف لنا وبالدليل القاطع وبوثائق تاريخية دامغة من خلال أهم الملفات التي تهم عدن التي تمر بأحرج فترة في تاريخها المعاصر وهو الملف الأمني الذي بدأت بالبحث بين دفاته وقادتني الصدفة وحدها إلى إحصائية قيمة ونادرة لم أتوقع الحصول عليها ولكنها حكمة الله التي نستلهم منها الدروس والعبر. هذه الوثائق عبارة عن إحصائيات لقوة بوليس عدن للفترة من 1956 - 1961م تبين لنا من خلالها الكوزموبوليتينية والخلطة العجيبة التي جمعت أبناء عدن والصومال والهنود واليمنيين إلى جانب أبناء كافة مناطق المحميات (السلطنات الجنوبية) وأنصهروا جميعاً في أقوى جهاز أمني عرفته عدن بل المنطقة كلها مع فارق بأن أعطيت لأبناء عدن النسبة الأكبر في هذه القوة للحفاظ على الأمن العام في مدينته, ونلاحظ أيضاً الزيادة التي واكبت عدد أفراد القوة خلال هذه الفترة. وعلى الرغم من كل هذه الحقائق التي نضعها أمامكم اليوم إلا أن التهميش والإقصاء المتعمد لازال يُطال عدن وأبنائها في مدينتهم..!! نصيحة قبل فوات الأوان خذوا العبر من التاريخ والحليم تكفيه الإشارة...!!