قال كاتب سياسي وخبير نفطي مقيم في كندا أن الضالع هي سور الجنوب العظيم فكل دمائها تسيل ليس لذاتها ولكن لإنها تحمل قضية حقيقية، قضية الجنوب كله، بترابه ومياهه وسمائه وتاريخه وكل شعبه . وقال الكاتب الجنوبي الدكتور "أحمد علي عبداللآه" موضوع وسمه ب "الضالع تزحف فوق الأساطير" تلقى موقع "شبوه برس" نسخة منه ونعيد نشره : لم يعد هناك وقع حقيقي للكلمات، فالضالع تزحف فوق الأساطير وتمحو الأحكام التي تقنن سرديات التاريخ. أيُّ ضالع تلك التي تفوق خيال الروائي وهو يوثق خفايا الحرب ويخرج منها نصوص مترعة برطانة المهنة، البعيدة عن متناول القدرات العادية على الإدراك .! الضالع تقاوم حرباً دقت أوتادها على كل شبر من أرضها لتصب جحيمها فوق المدينة والبلدات والقرى، تصد العدوان الهمجي الذي لا يملك عقيدة أو شرف ولا يخضع لقواعد اشتباك متعارف عليها في حروب العصور القديمة والحديثة متجاوزاً كل قبح الفاشية العنصرية .
هي حرب أُريد لها أن تكون مفتوحة، لا محرمات فيها ولا محددات، تصب أطنان من الحقد يومياً على الاحياء والنبات والجماد لتدوّن فصولاً من الهمجية الغير مسبوقة . لكنها ايضاً الحرب التي يقف في وجهها الأبطال الشباب الذين أدخلوا العدو في عار هزائمه اليومية وحصروه في نكباته المتتالية. الضالع أسقطت صفات الاستبسال التقليدية من قواميس المواجهات الغير متكافئة، لتؤسس تاريخاً جديداً في المقاومة الفولاذية المتماسكة مع الحاضنة الشعبية وتجعل من عناصر الطوبوغرافيا معدات حربية، من السهول كمائن ومن التلال منطلق للصقور الجارحة.. من الشوارع والمنحنيات والزوايا، من الليل والنهار، ومن كل عنصر في الطبيعة جعلت منه أسلحة فتاكة.
الضالع لم تخرج من جدارية " جيرنيكا " فحالات الصمود فيها التي أرهقت مدافع العدو تفوق ما صورته ريشة بيكاسو التي حولت قبح الدمار الى إبداع تشكيلي خالد، لأن الضالع لوحة واقعية لمدينة حية بمحيطها المقاوم تلقت ما هو أفضع من الوحشية المجسَّدة على جدران المتاحف. ولا نحسب " الإلياذة " الملحمية تداني وصفاً لما تسطره الضالع في هذه الايام من نصوص، لأنها ببساطة حقيقة وليس تصوير خرافي يفجره إبداع هوميروس ( الأعمى ) ، أو يجسده نص حكائي . كثيرون من سمعوا وانتبهوا الى تاريخ تلك المنطقة التي استقر أُسُودها على جغرافيا حرجة وعاشت مراحل من التحديات الكبيرة، لكن ما يدوّنه واقع اليوم خرج عن النمطية المعهودة، فمصنع الرجال فيها تجايل وأنتج ما يفوق محتويات التاريخ وأخرج من صلبه شعب تعمقت في جيناته شفرات البقاء العصي على الانكسار . الضالع لا تعوّل كثيراً على المنظمات الأممية أو مرسومات القصور ولا تستوقفها الشخوص المتلفزة الأنيقة التي تجيد البقاء الآمن فوق جراحات الاخرين، فقدرها أن تكون في قلب المقاومة وبعيدة بقدر كبريائها عن المحاصصة.
هي الضالع سور الجنوب العظيم فكل دمائها تسيل ليس لذاتها ولكن لإنها تحمل قضية حقيقية، قضية الجنوب كله، بترابه ومياهه وسمائه وتاريخه وكل شعبه