تجري خطوات تطبيق الشق العسكري من اتفاق الرياض على قدم وساق، خطى التحالف العربي خطوات مهمة على طريق إخراج حكومة المناصفة إلى النور وأرغم مليشيات الشرعية على الاستجابة للضغوطات التي مارسها طيلة أشهر وتمكن التحالف من إنهاء عملية فصل القوات في أبين. لكن كل هذه الخطوات الإيجابية لم تتطرق إلى مسألة حاسمة من شأنها إنجاح اتفاق الرياض من عدمه، وتتمثل في غلق معسكرات تدريب الإرهابيين التي يشرف عليها عناصر تابعة للشرعية في تعز وشبوة، لأن استمرار تفريخ أعداد جديدة من العناصر المعادية للجنوب سيكون من شأنه إفراغ الاتفاق من مضمونه الذي يقوم على ترتيب أوضاع معسكر التحالف في مواجهة إرهاب المليشيات الحوثية.
على مدار السنوات الماضية وفرت الشرعية الإخوانية بيئة خصبة للعناصر الإرهابية في مناطق نفوذ تنظيم الإخوان الإرهابي، وأسست معسكرات لتجنيدهم، لصنع مليشيات متطرفة بالمال القطري الفاسد، يقدر عدد أحد أذرعها بآلاف المقاتلين الخاضعين للقيادي الإخواني حمود المخلافي.
في تلك المعسكرات التي شارك فيها عناصر من تنظيم القاعدة وكذلك تنظيم داعش الإرهابي بالإضافة إلى عناصر مليشيات الإصلاح، يشكل عداء الجنوب عقيدة أساسية محفورة في أذهان هؤلاء، فالبعض منهم يقتنع بتلك العقيدة جراء الهزائم العديدة التي لقنتها القوات المسلحة الجنوبية لهذه العناصر في السابق سواء عبر تحرير محافظات الجنوب من التنظيمات الإرهابية، أو عبر المعارك التي اندلعت منذ شهر أغسطس في العام 2019 حينما حاولت غزو العاصمة عدن مجددًا.
خلال العامين الماضيين جرى توظيف تلك المعسكرات في شن جرائم إرهابية عديدة ضد القوات المسلحة الجنوبية، وتماشت رغبة الشرعية في إفشال اتفاق الرياض عبر التصعيد المستمر في الجنوب، مع سعي قوى إقليمية معادية تمول تلك المعسكرات وفي القلب منها قطر وتركيا، لعرقلة أي تحركات من شأنها الوصول إلى حل سياسي.
وكذلك فإن هذه المعسكرات جرى توظيفها للملمة شتات عناصر تنظيم القاعدة الذين تلقوا هزائم ساحقة على يد القوات المسلحة الجنوبية وفروا هاربين من محافظات الجنوب باتجاه الشمال، ولعل ما يبرهن على ذلك أن عناصر التنظيم الإرهابي أضحوا يتواجدون في مقدمة صفوف مليشيات الشرعية في أبين وشبوة، واستطاعت القوات المسلحة الجنوبية أن تعتقل عددا منهم أثناء محاولة تهريبهم إلى جبهات الجنوب.
لا يمكن الحديث عن تطبيق اتفاق الرياض بشكل كامل على المستويين السياسي والعسكري في ظل وجود تلك المعسكرات لأنها ستحبط أي جهود من شأنها توجيه سلاح الشرعية باتجاه المليشيات الحوثية، وسيكون مطلوبًا من التحالف العربي التدخل بسرعة لغلق هذه المراكز التي أضحت تشكل خطرًا داهمًا ليس على الجنوب فقط ولكن على الأمن القومي العربي، لأنها تعمل على تنفيذ رؤى القوى المعادية التوسعية في المنطقة.