خرج صالح قاصدا توجيه رسالته إلى السعودية والعالم، وتتضمن الرسالة جزءا موجها بغير قصد إلى أصحابه وأنصاره، وهو الجزء الأهم من الرسالة. "ابحثوا لكم عن حل للخروج من مستنقع اليمن".. هكذا قال، ومفاد رسالته الموجهة إلى السعودية ودول "عاصفة الحزم" أنهم تورطوا ودخلوا مستنقعا اسمه اليمن، وقد تبدو الرسالة بهذا المعنى بلا معنى، إذ لا تعدو أن تكون رسالة إعلامية يقولها طرف محارب موحيا للطرف الآخر بشيء من التحدي، والحقيقة التي تؤكدها الرسالة هي أن الرجل قد فقد الأمل بالنصر بشكل نهائي، وحدد طريقه، وأصبح خياره الوحيد واتجاهه الإجباري الآن هو تسخير كل جهده وما تبقى لديه من قوة ونفوذ لتحويل اليمن إلى مستنقع. قد لا ترونه قادرا على فعل ذلك، بالنظر إلى قوته، أو بالنظر إلى قوتكم، لكنه ربما يراهن على قوة ثالثة من خلال تعمد خنق المدن وعامة المجتمع بقطع الكهرباء ومصادرة المشتقات النفطية وترك الشعب اليمني يعيش بالمخزون القليل الموشك على النفاد كمن يعيش على السرير معتمدا على "مغذية" تمد وريده بالحياة عبر خيط رفيع، والهدف أن يوصله إلى الانهيار. ساعتها، ستكون "عاصفة الحزم" قد انتهت بنجاح، سواء بإخماد صالح وإنهاء قوته والقبض عليه، أو بتحويله إلى طرزان شرير مطارد في الجبال أو الصحراء ومطلوب للعدالة، فيما ستكون المرحلة التالية فاقدة لأسباب النجاح جراء انعدام أرضية صالحة للبناء عليها. أما الجزء الثاني من رسالة صالح، فهو ذلك الموجه من غير قصد إلى أنصاره، وخلاصته أن المستقبل الذي كان يعدهم به قد تلاشى، والخير الذي كان يمنّيهم به قد تبخر، (ويعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا).. مشائخ عاشوا أعمارهم رجال سلطة وثروة ومال وأصحاب وجاهة، وإذا بالرجل يريدهم أن يتحولوا اليوم إلى أعضاء عصابة مطاردة معه في الجبال والوديان ينفذون بين حين وآخر الأعمال الإرهابية ويغيرون على "القوافل" والمتاجر فينهبوا ما يستطيعون نهبه ثم لا يستطيعون أن ينتفعوا بما نهبوه!! ضباط ارتبطوا معه بالحلم بالمستقبل الذي لا تنقطع فيه الترقيات والرديات والصرفيات والسفريات والأراضي والهالة والهيلمان، وإذا الرجل يريدهم أن يتحولوا إلى كائنات تعيش معه في الكهوف كما لو أنها كلاب صيد، ولا لشيء إلا لأنه علي عبدالله صالح الذي عاش حياته بالطول والعرض ولما انقطع أمله من الحياة وأصبح مطاردا من دول العالم أرادهم أن يقطعوا أملهم من الحياة معه، ولا لشيء إلا لأنه يريد أن يعيش زعيما حتى آخر لحظة وعليهم أن يتطوعوا بإشباع رغبته ويلعبوا دور الأتباع والمحكومين، فيكونوا معه أينما حل أو رحل ويقدموا له هذه الخدمة وفق نظام "السفري"!! تجار ومستثمرون ارتبطوا معه بمصالح ومكاسب وأرباح وإعفاءات وتسهيلات ومناقصات ومليارات، واليوم يريدهم أن ينسوا كل شيء ويتحولوا إلى "هجّامة"، ثم بالكاد تسمح لهم الفرصة بين وقت وآخر ليعترضوا حمولات التجار في الطرق والمناطق النائية!! هكذا الأمر إذن، وعلى المحاربين معه أن يختاروا: المستقبل، أو المستنقع!!