ونحن نحتفي بميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينبغي أن نجعل من هذه المناسبة فرصة لتجديد الحب والطاعة والإتباع والولاء لهذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، إذ إن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي زادنا إلى الله ، هذا الحب للرسول هو نور حياتنا به أحي الله قلوبنا وأخرجنا بإذن ربه من الظلمات إلى النور وكما تطلع الشمس بأنوارها فتبدد الظلمات ، فإن ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم كان مقدمة لإنقاذ البشرية من ظلمها وظلماتها . إنه صلى الله عليه وسلم نور تستضيء به البشرية إلى قيام الساعة كما قال الله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً﴾الأحزاب45وقال تعالى:﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴾ المائدة15قال الإمام الطبري رحمه الله يعني بالنور محمداً صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحق وأظهر به الإسلام ومحق به الشرك فهو نور لمن استنار به .
وحين وضعت آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : "رأيت حين وضعته نوراً أضاءت منه قصور الشام ".
قال أنس بن مالك رضي الله عنه :" لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء .."رواه الترمذي بمسند صحيح .
ومن علامات حبه صلى الله عليه وآله وسلم الإكثار من ذكره واستحضاره في القلب والفكر والوجدان والتشوق إلى رؤيته ومجاورته في الفردوس الأعلى.
ومن علامات حبه صلى الله عليه وآله وسلم الثناء عليه بما هو أهله وذلك بالإكثار من الصلاة والسلام عليه كما قال الله تعالى :﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56 ) وقال عليه الصلاة والسلام:"البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي" أخرجه الترمذي وقال :"من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا".
ومن علامات محبته التحاكم إليه والتسليم المطلق له صلى الله عليه وآله وسلم فلا يتم إيمان عبد إلا بذلك كما قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) ومن علامات محبته موافقته في الظاهر والباطن ، وذلك بمحبة ما أحبه ومن يحبه صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأعمال والأماكن والأشخاص ، كما يجب على المحب الصادق أن يحب آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار الذين آزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وكانوا خير أمة أخرجت للناس كما شهد الله لهم بذلك ، ورضي عنهم ورضوا عنه ، فحبهم دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق وعصيان، ومن مقتضيات حبهم عداوة من عاداهم ، وبغض من أبغضهم وسبهم وطعن فيهم ، والدفاع عنهم والاهتداء بهديهم والاقتداء بسيرهم ، والدعاء لهم والترضي عنهم كما قال الله تعالى فيهم : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100) وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10)