العالم كله يحذر من مجاعة تعصف باليمن، ويقول إن 40% من السكان تحت خط الفقر، وزادوا الصوماليين غلقوا ما نقص، واستقبلنا منهم أكثر من مليون لاجئ، شوية وطلعوا لنا أفارقة من اثيوبيا وجيبوتي واريتيريا، وقلنا أخوة واحنا قبائل، ثم عراقيين، ومن سنتين السوريين في كل زقاق، وهذه الأيام جاء الجراد الصحراوي يعلن نهاية المأساة. التقديرات الأولية تقول إن خسائر المحاصيل الزراعية تجاوزت 600 مليار ريال، وإن أسراب الجراد القادم من السعودية اجتاح كل اليمن باستثناء تعز... طبعاً مش لأن الجراد مثقف وقال: "تعز مدنية وعاصمة الثقافة" لكن لأن الجراد عاقل، وجلس مع نفسه وفكر وقال: أيش أروح تعز أعمل، لا ماء ولا زراعة ولا أمان، يكفيها اللي فيها..
تحوم في رأسي بيت للشاعر محمد أحمد منصور يقول فيه: وأتعس الناس في الدنيا وأنكدهم من يمتطي الليثَ أو يحكمَ اليمنَ ونهاية قلبه من يحكم هذا البلد، كل المشاكل نلقيها فوق الدولة، في الوقت الذي نحارب فيه الدولة، ونقف ضدها، وهي بصراحة دولة بلا حياء، لا تحترم نفسها، مثلاً المسئول في إدارة حماية النبات بوزارة الزراعة قال: هناك مشكلتان تواجهنا: الأولى لا نستطيع المرور بأمان بسيارات الرش والمكافحة خوفاً من المتقطعين والقتل والنهب، ثم إن النحالين في المناطق الشرقية يمنعوننا من الرش، والأخرى هي وزارة المالية، إذ يوجد مبلغ 62 مليون ريال متوفرة ومبوبة في الميزانية خاصة بإدارة حماية النبات، وترفض المالية صرفها، يعني المواطنين لا رحموا أنفسهم ولا الدولة رحمتهم!!
طبعاً الجارة الشقيقة ما قصرت، رحلت أولاً بالمغتربين، ولحقت بالجراد، يعني عاد لو في واحد يرجع أرضه ومزرعته ما فيش فائدة، والجراد الصحراوي القادم من السعودية، بحسب المرشدين الزراعيين، اسم الله عليه، يأكل كل أصناف المزروعات باستثناء القات، جراد سلفي ما يخزن، ما عاد ناقص إلا يفتش جيوبنا، أو يعمل نقطة تفتيش بمداخل المدن.
في 2007 هاجمت أسراب الجراد المحافظات الشرقية وتقدمت منظمة الزراعة والأغذية العالمية "الفاو" بمناقصة، وتعاقدت مع شركة طيران عالمية متخصصة بالمكافحات الجوية، وقبل أيام من تنفيذ الحملة اعتذرت الشركة عن تنفيذ الاتفاق نتيجة مقتل السياح الأسبان في مأرب في يوليو 2007، وبعد أيام قالوا الدولة مقصرة، ويجب أن تتحمل مسئوليتها، وحقيقة الأمر لا الدولة دولة ولا الشعب شعب، كلهم من حق الجن.
والفندم علي حكم البلاد 34 سنة وما قدر يوفر حتى طائرة عمودية للمكافحة الجوية، بل ما قدر يوفر طائرة إخلاء طبي، على الأقل تكون له وحده، وكان كلما مرض اتصلنا للسعودية هيا شلوه.. رجعوه.
ليلة كتابة هذا المقال كانت تقارير منظمة "الفاو" تقول إن أسراب جراد ستهجم على عدن ولحج قادمة من اريتيريا.. وإذا كان الجراد السعودي يأكل كل شيء إلا القات، الآن سيأتي الجراد الاريتيري يخرّج الغُلب فوق رؤوسنا، ويأكل حتى الملابس.
طبعاً بإمكان وزير المالية - وهو خريج صواريخ من موسكو – أن يتحول إلى مضاد طيران أو حتى مضاد حيوي، ويهجم على أسراب الجراد علمياً.. كيف؟!
سيقول لنا: الجراد من فصيلة الحشرات ذوات الدم البارد ولا يمكنها اجتياح نصف اليمن لأننا في فصل الشتاء القارس، ولا يوجد في هذا الفصل محاصيل زراعية كثيرة حتى نخاف عليها.. يعني ما بصرفش ريال!