لم يكن من السهل على السيد "المصطفى سلمى سيدي مولود" القيادي البارز في جبهة "البوليساريو" التوصل إلى الموقف الذي أفصح عنة مؤخرا بشأن قضية "الصحراء الغربية" بالمملكة المغربية.القضية متشابكة ومتشعبة ولموقعه المتقدم كمفتش عام لشرطة "البوليساريو" - عوامل جمة تعمق الصعوبة في عملية تجاوز ذلك المحيط الشاسع من التعقيدات .. لكن إيمانه بالقضية وحرصه على مصالح المجتمع الذي يمثله دفعه للإفصاح عن قناعاته تلك بقوة ودونما خوف أو وجل.لقد قادته تجربته وبصيرته الثاقبة إلى اعتبار الحكم الذاتي للصحراء المغربية هو الحل الأمثل والذي كانت الحكومة المغربية قدمته كمشروع لحل قضية "الصحراء"وقوبل بإستحسان ومباركة عالمية.موقف السيد "المصطفى سلمى سيدي مولود" الأخير شكل مفاجأة حقيقية للجميع سيما أولئك الذين ضلوا ولا زالوا يسعون إلى إعاقة كافة الجهود والحلول الرامية لإنهاء هذه القضية .. وما زاد من صدمة هولاء أن الرجل أبدى الاستعداد لتقديم حياته ثمنا لذلك.موقع "شهارة نت" انفرد بإجراء حوار خاص معه عبر الهاتف أثناء ما كان في طريقة من منطقة "الزويرات"بالجمهورية الموريتانية إلى مخيمات "تندوف".. فإلى الحصيلة: نسألك أولا ماهي الدوافع التي جعلتك تتراجع عن موقفك وتنسحب من صفة المفاوضين مع الأممالمتحدة والأطراف الأخرى في قضية "الصحراء الغربية" – من الأشخاص الحاليين الذين يديرونها في جبهة البوليساريو؟ - والله هؤلاء الأشخاص منذ "20" عاما وهم يفاوضون وخلال هذه الفترة لم نتوصل إلى شيء.. وليست لدينا معطيات حول طبيعة هذه المفاوضات .. ودائما وطوال تاريخنا لم نستشر برلمان المخيمات "برلمان الصحراء" حول المفاوضات – فهولاء الناس يرفضون تماما الرجوع إلى الشعب وإطلاعه على المواقف التي يتخذونها وكذلك الآراء التي يدلون بها بإسمه. · دعوتك لشيوخ وشباب القبائل الصحراوية هل جاءت على أساس رؤيتك بأن "الحكم الذاتي" الموسع هو الحل الأمثل لقضية الصحراء؟ أم ماذا؟ - حقيقة قيادتنا صارت مرتبطة بشكل كبير بطابع معين لا يمكن الخروج عنه وهذا للأسف أصبح يضر بمصلحة شعبنا ,والحقيقة ان استمرار الوضع الحالي أصبح امراً صعبا لأن كل يوم يمر يزيد من معاناتنا..وبالتالي فإن أفضل حلّ قضيتنا نحن الصحراويين، يمكن الوصول إليه هو المقترح المغربي المتمثل بالحكم الذاتي، وهذا وحده كفيل بوضع حد للمحتجزين بالمخيمات الذين يعيشون في تفرقة شاملة ومعاناة متزايدة – قد يتساءل البعض لماذا "الحكم الذاتي"؟ ولهولاء أقول:لأننا سكان الصحراء في أكثر التقديرات تفاؤلا نشكل قرابة 200 ألف شخص، وهذا العدد يشكله الجيش الجزائري لوحده، وربما أيضا هو عدد القوات المسلحة الملكية المغربية، وهذا يعني أنه لن يكون بمقدرونا حماية الكيان الذي نريد، وسيكون معرضاً للانهيار في أي لحضه لذلك وإذا ما نظرنا للمسألة بشيء من الجدية والمسئولية ليس أمامنا من خيار سوى أن نتخلى عن الحسابات الضيقة سواء كانت حسابات إقليمية أو دولية، إذ أن دولاً مثل الجزائر وفرنسا وإسبانيا وأمريكا تبحث عن مصالحها، ونعمل لما فيه مصلحة شعبنا ونهاية لمعاناته وأرى أن الحكم الذاتي هو الحل الأفضل. · هلا شرحتم لنا بعض مظاهر المعاناة التي يعيشها القاطنون في مخيمات "تندوف"؟ - والله أشكال المعاناة كثيرة ومتعددة منها ظروف السكن في الخيام طوال "30" عاماً والتي باعتقادنا صارت كافية في زماننا الحالي .. خصوصا أنها في منطقة تعد من أركان الصحراء الكبرى حيث الحرارة الشديدة والرياح وانعدام الخدمات الاجتماعية ك"الكهرباء – المياه" وغيرها من مقومات الحياة الكريمة والاستقرار الإنساني فهي حياة تعيسة حقيقة .. بالإضافة إلى انعدام ضمانات العيش فالقاطنون فيها يعيشون على المساعدات الإنسانية التي تقوتهم اليوم ولا يعلمون أن كانوا سيجدونها في الغد أم لا .. وتلك هي ابرز أشكال المعاناة التي يتجرعونها سكان المخيمات. · أنت الآن في طريقك إلى المخيمات – ترى ماهي المخاطر التي ترى انك قد تتعرض لها .. خصوصاً بعد إعلانك هذا الموقف؟ - في الحقيقة المسافة التي نقطعها ليست قصيرة بل هي طويلة بعض الشيء وصعبة، وأنا عازم على زيارة والدتي الموجودة بمنطقة "مهيريز"الواقعة في منتصف الطريق من "الزويرات" إلى مخيمات "تندوف"..وكما تعلمون هناك أطراف معادون لهم باع في العنف والتصفيات لذلك أخاف أن يلجئوا لذلك النوع من الأعمال الخسيسة أو يجندوا أي أحد من طرفهم لتنفيذ عمل دنيء آخر .. أما عندما اصل المخيمات فالموضوع سيكون محسوم لان الشهود سيكونون كُثر ..وبصراحة ضمان سلامتي الشخصية لم تعد مسؤوليتي لوحدي وإنما مسؤولية كل العالم, فأنا لا أطالب بالمستحيل, وما أطالب به هو حق طبيعي مكفول لكل البشر, حق كل أب يريد التواصل مع أبنائه وعشيرته. · هل هناك من قيادات أخرى في "جبهة البوليساريو" لديها الاستعداد لتبني نفس موقفك؟ - لا يوجد لدى أياً منهم الاستعداد لتبني هكذا موقف .. فهم يفاوضون منذ عشرون عاماً دون ا يتوصلوا لشيء.. وأنا أدرك الآن تماما أن لديهم القناعة التامة في قرارة أنفسهم بأن ما يقومون به غلط لكنهم لا يمتلكون الشجاعة في الاعتراف بذلك. · هل قمت بالتواصل مع أياً منهم ؟أم لا؟ - أنا حاولت التواصل مع البعض منهم وأرسلت لهم رسائل وعرضت عليهم العدول عن مواقفهم لما فيه مصلحة وطننا -إلا أنهم لم يتجاوبوا ولم يصلني منهم أي رد حتى الآن . · كيف تنظر إلى مستقبل القضية؟وماهي توقعاتك لما سيسفر عنة موقفك هذا؟ - أولاً أنا أريد أن يتحرر الصحراويون من الأجندات .. فاليوم هناك صحراويون مرتزقون مأتين في المائة بمصالح "الجزائر" .. وهناك صحراويون مرتزقون مأتين في المائة بمصالح المغرب .. هولاء كتلة وأولئك كتله .. وهناك كتلة كبيرة ليست لها مصلحة لا مع هولاء ولامع أولئك وهذه أنا واحد منها ولا نبحث سوى عن مصالحنا وهذه المصالح هي المصالح المشتركة للصحراويين عموما "أي ما يخدم الناس جميعاً" .. وهذا الأمر حقيقة أصبح يتطلب حل دولي فلا يمكن إن يكون هناك حل تفرضه الجزائر لوحدها أو يفرضه المغرب لوحدة .. ولا يمكن أن يكون هناك حل قوي مالم يتدخل الصحراويون أنفسهم ويوحدون كلمتهم لأن المسألة مرتبطة بمصلحة كل فرد في الصحراء والتئام الشمل بلا شك سيكون عامل هام ومدخل ضروري من أجل إنهاء معاناتهم، ومن أجل الحوار والنقاش الضروري لبلورة رأي موحد بينهم.. وبصراحة قيادة البوليساريو لا تتصف بالمسؤولية والجدية، وهي غير مؤهلة بمقتضى ذلك لإنهاء مأساة الصحراويين. · ما الرسالة التي توجهها للأمة العربية والإسلامية من خلال الصحافة اليمنية؟ - الحقيقة نحن لدينا مشكله مع الصحافة العربية .. فنادراً ما يتحدث الإخوة العرب عن هذا الصراع القائم منذ أكثر من ثلاثة عقود .. لذلك نوجه نداء للإخوة العرب بأن يسعوا في عمل الخير ومثلما تدخلوا في القضية في بداياتها مطلوب منهم التدخل اليوم وللمرة الأخيرة وذلك في مسعى خير وتضميد الجراح وتآلف القلوب بين الإخوة .. فالصراع قائم بين إخوة جميعهم عرب ومسلمين تجمعهم الجغرافيا والتاريخ ,وما فرقهم في فترة من الفترات هو عامل واحد وبسيط وهو سبب كل هذه المآسي .. لذلك نحن نحتاج إلى من يتدخل كوسيط ,صحيح أن المصالح ترفض هذا لكن من سيسعى في عمل الخير بالتأكيد سيكتب له الأجر ,أما أن لا يحاول أحد في الحقيقة ويبقى إخواننا العرب في دور المتفرج فذلك غير صحيح. سيرة ذاتية: الاسم: مصطفي سلمى سيدي مولود، أحد القادة الأمنيين بجبهة "البوليساريو". تاريخ ومكان الميلاد: 1986م مدينة "السمارة". الحالة الاجتماعية: متزوج وأب لخمسة أطفال . درس الابتدائية بمدينة "السمارة"، وبعدها التحق بجبهة البوليساريو ثم تابع دراسته الإعدادية بالجماهيرية الليبية والثانوية والجامعية بالجزائر. حصل على شهادة الدراسات العليا في الفيزياء من جامعة عنابة سنة 1990م، كما حصل على شهادة ضابط شرطة من المدرسة العليا للشرطة بالجزائر العاصمة سنة 1991م. الحياة المهنية: تقلد العديد من المناصب في مخيمات تيندوف جنوبالجزائر أهمها:(المدير المركزي لشرطة الأمن العمومي والتحقيقات - الأمين العام للشرطة - المفتش العام للشرطة) ينتمي الى قبيلة (الرقيبات لبيهات)، التي تعد من اكبر القبائل الصحراوية..والدة سلمه بن سيدي مولود، شيخ القبيلة وهو من أعيان مدينة السمارة التي يشغل بها وظيفة رجل سلطة برتبة ممتاز. تعرض هو وعائلته للاختطاف من قبل جبهة البوليساريو بالسمارة يوم 06 أكتوبر 1979م حيث تم اقتياده هو ووالدته وإخوته بالقوة إلى مخيمات تندوف فيما ضل والدة الجريح فيها وقد ضلت الأسرة طوال الثلاثة العقود الماضية بعيدة عن الأب.