أكد الدكتور موسى الحسيني ان هيئة علماء المسلمين المناهضة للاحتلال الغاشم تمثل الضمير الحي للعراقيين الشرفاء والواجهة الشرعية الوطنية للعراق الجريح، واوضح الحسيني في حوار صحفي اجراه في العاصمة الأردنية عمان ان هيئة علماء المسلمين التي تشكلت في مرحلة سياسية معقدة من تاريخ العراق تعد واحدة من مؤسسات قليلة ظلت متمسكة بالإسلام الأصيل ، بعد أن تم تطويع معظم القيم الإسلامية لخدمة المحتل .. مشيرا إلى أن تمسك الهيئة بقيم الدين الصحيحة شكل تهديدا مباشرا لأهداف الاحتلال والحركة الصهيونية العالمية الرامية إلى التأثير على الرأي العام ومحاولة تشويه صورة الهيئة في المنطقة والعالم. ووصف الحسيني المسؤولين في الحكومات المتعاقبة التي تشكلت في ظل الاحتلال البغيض بأنهم مجموعة عصابات من اللصوص لم يشهد لها تاريخ العالم مثيلا، حيث يجد المرء نفسه إزاء مجموعة متخلفة وأمية جاهلة ومجردة من كل القيم ألأخلاقية والدينية، والوطنية .. مؤكدا إن هذه المجموعة التي معظم أعضائها يعانون من إمراض نفسية تستغل الأوضاع الشاذة التي يمر بها العراق منذ أكثر من سبع سنوات، لتسرق وتقتل وتدمر بانتقام وحقد دفين، لانها تدرك جيدا أن ابناء هذا البلد لابد أن ينهضون يوما ، ويستجمعون قواهم لمعاقبتهم وطردهم مع الاحتلال الذي دخلوا العراق على ظهور دبابته. وفي ما يأتي نص الحوار هل ان أمريكا جاءت فعلا لبناء الديمقراطية في العراق ، أم لها مآرب وغايات أخرى من احتلال هذا البلد ؟ إن مراجعة تفاصيل الأحداث، والادعاءات المضللة التي سوقتها الإدارة الأمريكية لغزو واحتلال العراق توضح ان فرض الديمقراطية المزعومة لم تكن يوما هدفا، أو رغبة تتحكم بالإدارة الأمريكية إلى حد تحريك نحو ربع مليون جندي لاحتلال العراق، مع ما يرافق ذلك من الخسائر البشرية والمادية ، قد تحول النصر العسكري إلى هزيمة . ان احد الاهداف المحددة لقوات التدخل السريع عند تشكيلها عام 1978 هو العدوان على العراق وتدميره حتى قبل دخول الجيش العراقي إلى الكويت، ثم جاءت أحداث 11 أيلول، لتتحول الفكرة إلى هدف معلن يرددها ويخطط لها اعضاء اليمين المسيحي المتصهين، الذين وصلوا الى السلطة في الولاياتالمتحدة باسم إدارة بوش، وبالترويج لفكرة ان البرنامج النووي العراقي وأسلحة الدمار الشامل المزعومة يمكن أن تكون المصدر الوحيد لحصول \"الاسلاميين المتشددين\" على هذا السلاح، لضرب امريكا مرة أخرى، حرّكت ال( سي، اي، ايه )،عملائها واستخدمت كل إمكاناتها للبحث ولو على دليل صغير تبني عليه مزاعمها تلك . وبعد فشلها في إثبات ذلك، وفشل كولن باول في تسويق أكاذيبه في الأممالمتحدة حول البرنامج النووي العراقيالمزعوم ، لم يبق امام الإدارة الأمريكية سوى حجة الديمقراطية ، بالرغم من أن النظام السابق في العراق لا يمثل حالة منفردة، ولا جديدة، في العالم الثالث، ولم تتدخل الحكومات الأمريكية المختلفة بهذا الحجم من القوات والإمكانات منذ حرب فيتنام. إن الهدف الوحيد والرئيسي للحرب العبثية التي قادتها الادارة الامريكية ضد العراق عام 2003 هو تحقيق أهداف مشروع ( شارون – ايتان )، أو ما سمي في حينها \" إستراتيجية إسرائيل للثمانينات\" الرامي الى تدمير العراق، من خلال حل جيشه وتدمير بنيته التحتية وتبديد أمواله النفطية، وتقسيمه إلى ثلاث دويلات ضعيفة ومتناحرة، واخراج هذا البلد من محيطه العربي. كيف تقيمون أداء الحكومات التي نصبها الاحتلال في العراق؟ لم أجد، أو اسمع اي تعريف، أو مفهوم لهذه الحكومات التي لا تشبه اي حكومة أخرى في العالم حيث تدير هذه الحكومات عصابات من اللصوص التي نصبها الاحتلال على رقاب العراقيين، فنحن نجد أنفسنا أمام مجموعة متخلفة من سقط المتاع، أمية جاهلة ، جماعات مجردة من كل القيم، والضوابط ألاخلاقية، والدينية، والوطنية، لا همّ لها سوى السرقة والتخريب والتدمير بحقد دفين على ابناء هذا البلد، في الوقت الذي تدرك فيه هذه العصابات بأن الشعب العراقي لابد أن ينهض، ويستجمع قواه لطردها ومعاقبتها، لذلك هي تحضر نفسها للهروب، مع الاحتلال وتهريب كل ما تسرقه الى الخارج. في الوقت الذي قالت فيه أمريكا إنها سحبت قواتها من العراق مازال هناك أكثر من 50 ألف جندي امريكي واكثر من 70 ألف من عناصر الشركات الأمنية، كيف تنظرون لهذه التناقضات؟ ليس هناك اي انسحاب أمريكي من العراق ، وانما هناك ما يسمى إعادة انتشار، وتبديل قطعات ، وباختصار فان الإدارة الأمريكية، ومخططي غزو واحتلال العراق يعتقدون أن هذا العدوان حقق بعض أهدافه، بعد تدمير البنى التحتية للدولة العراقية، وتسليم ما بقي منها إلى اللصوص، والمجرمين وحل الجيش العراقي السابق، واستبداله بجيش أسس وفقا للمحاصصة الطائفية إضافة إلى تشكيلات من المرتزقة تحت مسميات مختلفة مهمتها قتل الشعب العراقي وانتهاج شتى الأساليب القمعية والانتهاكات صارخة لحقوقه. إن التركيز الإعلامي على تسمية إعادة انتشار قوات الاحتلال الأمريكية في العراق بالانسحاب، يعد عملية تضليل للرأي العام الأمريكي ، وليس للعراق والعرب فقط، فالديمقراطيون وباراك اوباما يحضرون أنفسهم لولاية ثانية، واوباما يريد أن يقول للشعب الأمريكي انه أنجز بعض الوعود التي قطعها له اثناء حملته الانتخابية ، وانه \" رجل فعل، لا كلام منْ الذي اجبر أمريكا على الانسحاب؟ وهل على المقاومة أن تغير إستراتيجيتها في العراق؟ كما قلت انه ليس انسحاب بقدر ما هو إعادة انتشار، والهدف من القول بأنه انسحاب هو تهدئة الشعب العراقي، وتضليله، ومحاصرة المقاومة الوطنية العراقية، بعد فشل آلة الحرب التي استخدمتها قوات الاحتلال الأمريكية ضد المقاومة لان الترويج لموضوع الانسحاب في نظرهم يبطل مبررات وجود المقاومة. أن جميع الحكومات المتعاقبة التي نصبها الاحتلال السافر ، وكل الجماعات المؤيدة له تحسب على أنها واجهات محلية يمكن أن تساعد الاحتلال على تحقيق أهدافه، وتدمير مقومات المصلحة الوطنية العراقية، لذلك حتى لو تحقق انسحاب القوات العسكرية النظامية فعليا، لا يمكن القول ان الاحتلال قد انتهى مع وجود أدواته المحلية، لان الاستقلال والتحرر، لن يكتمل إلا بإزاحة هذه الواجهات المحلية من السلطة، وتقديمها الى محاكمة عادلة، وفرض حكومة انتقالية تتولى إعادة هيكلة مؤسسات هذا البلد الجريح هناك من يرى أن العراق ربما يسير – لا قدر الله - إلى حرب أهلية، هل تعتقدون ذلك، وما هو مستقبل العراق ؟ لاشك أن هدف ادارة الاحتلال وحليفتها الصهيونية ، وبعض القوى الإقليمية المستفيدة من الاحتلال هو ديمومة الصراعات وتعميق الخلافات بين أبناء الشعب العراقي تحت اي مسمى، من اجل أنهاك هذا الشعب وتبديد طاقاته، أملا في تقسيم العراق إلى دويلات صغيرة وضعيفة ومنهكة، إلا أن الشعب العراقي تمكن بوعيه من تفويت الفرصة على المحتل وحلفائه، وهو منذ أربع سنوات مضت أكثر قوة وتماسكا ، لأنه أدرك أن قادة الأحزاب الطائفية المتسترة بالدين ، يعملون من اجل الاحتلال وتحقيق مصالحهم الشخصية، وهم لا يعيرون أي اهتمام لما يعانيه هذا الشعب الصابر نتيجة استمرار الاحتلال والتدهور الأمني الذي يسير من سيء إلى أسوأ . هل تعتقد أن الفيدرالية هي الحل للمشكلة العراقية؟ إن الفيدرالية، كشعار، هي المشكلة بل الأساس الذي تنمو وتزدهر على قاعدته كل المشاكل، فالعراق ليس البلد الوحيد الذي تتلون به أطياف الشعب وانما هناك بلدان تتشكل من عشرات الأطياف المختلفة، ومع ذلك ترفض الفيدرالية كحل، وحتى الفيدراليات المعروفة تميل مع الوقت إلى المركزية، كما هو الحال في أمريكا نفسها، وللأسف أن بعض المسؤولين المتخلفين في ما يسمى بالسلطة الحالية أما أنهم يتجاهلوا، أو يجهلوا الفرق بين الفيدرالية والإدارة المحلية لكل محافظة، فالفيدرالية، كنظام للحكم وتنظيم العلاقات الداخلية لدولة ما، قامت كحل وسط لمجموعات مختلفة من الدول، أو الأقاليم المستقلة التي تتوحد من اجل تحقيق مصالح مشتركة، أما أن يقسم بلد موحد مثل العراق إلى فيدراليات، فهذه حالة فريدة من نوعها في التاريخ. برأيكم ما هو الحل لخروج العراق إلى بر الأمان؟ ليس هناك من حل غير إجبار المحتل على الانسحاب الكامل غير المشروط، وبناء نظام ديمقراطي حقيقي، بعد فترة انتقالية تشارك فيها جميع القوى التي تهتم بالمصلحة الوطنية ، وعلى رأسها المقاومة العراقية التي تتصدى بكل قوة وبسالة لقوات الاحتلال البغيض. كيف تقيمون الأداء السياسي لهيئة علماء المسلمين؟ الحسيني: هيئة علماء المسلمين التي تشكلت في مرحلة سياسية معقدة من تاريخ العراق خصوصا بعد محاولات اللصوص والمرتزقة تطويع الدين والفقه الإسلامي لخدمة المحتل وتحقيق الأهداف الامبريالية والصهيونية العالمية في العراق تعد واحدة من مؤسسات قليلة ظلت متمسكة بالقيم الإسلامية الأصيلة . لقد أدرك المحتل والحركة الصهيونية العالمية أن الهيئة بتمسكها بقيم الدين الصحيحة تشكل تهديدا لأهدافهما في المنطقة، فحركا مكانتهما الإعلامية، للتأثير على الرأي العام، وصياغة الأفكار ودسها في عقول العامة، بل حتى المثقفين من الناس، لتشويه صورة الهيئة، ورسمها بألوان تبدو وكأنها مؤسسة خاصة بطائفة إسلامية واحدة ، في الوقت الذي تمثل فيه الهيئة كل المسلمين العراقيين الشرفاء المناهضين للاحتلال المقيت. ان هيئة علماء المسلمين تمثل الواجهة الشرعية لمناهضة الاحتلال الذي يهدف الى تدمير أساسيات المصلحة الوطنية العراقية، فالهيئة وجميع القوى التي تسير على نهجها تمثل الضمير الحي للعراق والعراقيين، ولهذا يعتبر الخونة واللصوص ، هذا الضمير تهديدا لهم وانه سيحاسبهم على ما اقترفوه من جرائم ضد الشعب العراقي. ماذا تقول للشعب العراقي وللمقاومة العراقية؟ المواطن الجيد هو من يتعلم من شعبه، وأنا أتعلم من المقاومة باعتبارها وفقا للقيم والمفاهيم السياسية الممثل الشرعي للمصلحة الوطنية العراقية، وعلى المواطن الصالح، الذي يمتلك أداة أو وسيلة أو مهارة ثقافية أن ينصت لمطالب شعبه، يتمثلها جيدا ثم يعود ليعبر عنها ، وينقلها الى العالم اجمع.. لذلك أنا أقول ليعلمنا المقاتلين الأبطال في المقاومة العراقية ما مطلوب منا لنشاركهم في خدمة وطننا وشعبنا . يشار إلى أن الدكتور موسى الحسيني الذي ولد عام 1950، في قضاء الخضر بمحافظة ذي قار كان قد تخرج من الكلية العسكرية عام 1970، ثم أكمل دراسته الأكاديمية في الجامعة المستنصرية وحصل على شهادة البكلوريوس في علم النفس، كما حصل على الدبلوم العالي من مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية – جامعة لندن، فيما نال شهادة الدكتوراه بالعلاقات الدولية من جامعة ( سالفورد ) في مانشستر عام 1987 . وبعد الاحتلال الذي قادته الادارة الامريكية ضد العراق عام 2003 ، شكل مع مجموعة من المناضلين القوميين الجبهة الوطنية لتحرير العراق، وتبوء مركز الأمين العام المساعد فيها والناطق الرسمي باسمها. طبع مجموعة من الكتب: منها ( العراق بين النظام والمعارضة ) و (ساطع الحصري والخطاب الطائفي الجديد )، و ( العسكر والسياسة في العراق ) و ( المقاومة العراقية والإرهاب الأمربكي المضاد ) . كتب المئات من المقالات في الشؤون السياسية العربية والعراقية تم نشرها في المجلات والصحف العربية المختلفة التي تصدر في الدول العربية والاجنبية، كما شارك خلال السنوات العشر الماضية في العديد من الندوات التلفزيونية. الهيئة نت