كشف رئيس مصلحة الضرائب – أحمد أحمد غالب – عن قيام تجار في الغرفة التجارية بأمانة العاصمة صنعاء باستخراج فتاوى من الجامع الكبير بصنعاء تبيح سفك دماء محصلي الضرائب والجمارك . وقال غالب في الندوة التي نظمها منتدى الشيخ الأحمر بعنوان قانون ضريبة المبيعات بين النظرية والتطبيق والتي عقدت أمس الإثنين بمنزل الشيخ عبدالله الأحمر بصنعاء :إن العداء وصل بتجار في غرفة أمانة العاصمة إلى اللجوء لإصدار فتاوى تبيح دماء موظفي ومحصلي الضرائب والتحريض على عدم سداد الضرائب والتصعيد الإعلامي ضد قانون ضريبة المبيعات بعد الاتفاق الذي وقع بين مصلحة الضرائب وغرفة الأمانة في 31 أغسطس الماضي والذي استوعب كافة الملاحظات التي طرحت من قبل التجار و تضمن معالجة كافة الإشكاليات التي كانت محل تخوف البعض مشيراً ان مصلحة الضرائب وبعد اتفاق 31 أغسطس ألغت الإيقافات التي كانت اتخذتها ضد بعض المتخلفين عن سداد الضريبة . وتأسف رئيس مصلحة الضرائب من أساليب التحريض التي يمارسها تجار الغرفة التجارية بأمانة العاصمة على عدم الانصياع للقانون سواء عبر الإعلانات والبيانات والتلفونات أو تحريض الناس والضغط عليهم لإغلاق محلاتهم وفرض إرادتهم على الآخرين. وجدد رئيس المصلحة تأكيده أن قانون ضريبة المبيعات في اليمن يعد من أفضل القوانين في المنطقة والعالم, وان ضريبة المبيعات في اليمن تعد الأقل على مستوى المنطقة و العالم على الإطلاق وبنسبة 5% فقط مشيراً أن المنظومة التشريعية المرنة لمصلحة الضرائب توازيها عملية إصلاحات إدارية تضمن سير وانسيابية العمل في كافة فروع مصلحة الضرائب وفق آليات واضحة تحافظ على المصلحة العامة ومصالح المكلفين. وأكد غالب أن تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات في اليمن أصبح ضرورة وطنية تمليها الاحتياجات والمتطلبات التنموية التي تقع على عاتق الدولة متهماً تجار في أمانة العاصمة بمحاولة العودة إلى الآليات السابقة التي لا تتناغم مع أحكام القانون وتتنافى مع التطبيقات السلمية ومع ماهو موجود ومطبق في المنطقة والعالم وتعيدنا إلى الوراء وتهدر 08% من حصيلة الضرائب بسبب التهريب والتزوير للفواتير. من جانبه أكد الشيخ حمير الأحمر نائب رئيس مجلس النواب أن قانون ضريبة المبيعات صدر ولا يحق لأحد أن يعيده بعد الفترة التي حددها القانون وبالتالي فإن مصلحة الضرائب أصبحت ملزمة بتنفيذه. وقال الشيخ حمير: إن أي اعتراض على القانون لا يكون إلا عن طريق المحكمة الدستورية، مؤكدا أن القانون أصبح ساري المفعول. وأشار إلى أن قانون المبيعات كان ضمن حزمة من القوانين المترابطة وهي قانون الإستثمار والجمارك والضرائب وأن مجلس النواب انتهى من هذه القوانين. جمال المترب رئيس الغرفة التجارية بأمانة العاصمة من جهته دعا في تعقيبه على محاضرة رئيس مصلحة الضرائب إلى دراسة أسباب التخوف الكامنة لدى القطاع الخاص من تطبيق القانون. وقال: هناك خلل موجود سواء كان في المفاهيم أو في العلاقة بين القطاع الخاص والحكومة، متسائلا في ذات الوقت عن السبب وراء تهرب غالبية التجار من دفع الضريبة وغياب الوازع الوطني والشعور بالمسئولية تجاه هذه القضية؟. وأضاف: هذا السؤال ظل يراودنا كثيرا لكننا استنتجنا أن هناك مفاهيم خاطئة لدى الحكومة والمكلفين، لكن الحديث عن المفاهيم الخاطئة لدى الحكومة هو الأهم باعتبارها الأب الراعي للجميع. واستطرد: "الحكومة تقول إن التاجر لا يمكن أن يصفق إلا ومعه شيء، كما أن علاقة الحكومة بالمكلف تقوم على أساس أن المتهم مدان، وبناء على هذا أصبحت القوانين تتعامل مع المكلف وكأنه لص فهي بنيت على أساس أن لا يهرب المكلف من دفع الضريبة وهذا خلق فجوة في العلاقة بين الطرفين". ووصف المترب قانون المبيعات بأنه قانون متعسف، "ومن تعسفاته حرمان المكلف من حق التقاضي"، مؤكدا في سياق حديثه أن المواطنة لا تجلب بالقوة وإنما بالحب. وقال: يجب على الحكومة أن تعالج مشاكلها مع القطاع الخاص بأسلوب صحيح وليس بأساليب استوردتها من العهد الإمامي. وأكد أن هناك فشل حكومي في إيجاد علاقة جيدة مع القطاع الخاص "لأن العقلية الحكومية تنظر للقطاع الخاص نظرة تشكيك. وأشار إلى أن ما يخيف القطاع الخاص من القانون هو أنه يزيد من الإحتكار، كما أن هناك أناس مستفيدون من هذا القانون باعتبار أن القانون سينهي صغار التجار الغير المنظمين. وأضاف: "أنا اليوم لدي الآلاف من التجار الصغار أين سيذهب هؤلاء التجار لذا أقول بأن المصلحة هي في أن تبقى مصلحة المواطنين حتى لا يتحولون إلى قطاع طرق وناهبين". وأكد المترب أن الحكومة تواجه ضغوط لتطبيق القانون، من صندوق النقد الدولي، مشيرا في ذات السياق إلى أنه التقى الصندوق وانتقدهم على تجهيز القانون قبل معالجة المريض أولا. وأضاف: "نحن أمام خيارات صعبة ولدينا خلل، فالدولة لا تقوم بمهامها ووظائفها فهناك ظلم وضعف وفوارق إجتماعية وهناك غاز يباغ بسعر التراب". وطالب المترب الحكومة بتطبيق الشفافية في إيرادات الضرائب، مضيفا: أريد أن أرى اسمي في موقع ألكتروني ضمن كشوف دافعي الضرائب لأن ذلك من شأنه أن يدفع الجميع للتفاعل من أجل دفع الضرائب. وجدد المترب تأكيده أن القانون معقد جدا وسيؤدي إلى إفلاس كثير من صغار التجار "وسيكون مبدأ البقاء للأفضل مبدأ ظالم لأن هناك 23 مليون من اليمنيين عايشين على باب الله". وقال: أنا أنتقد قانون يفرض 20% ضريبة على صغار التجار فيما كبار التجار يفرض عليهم 15%. وأشار إلى أنه ليس ضد القانون، داعيا في ذات الوقت إلى تحقيق العدل الضريبي، مؤكدا أن قانون الضريبة لا ينطبق إلا على ثلاثة بيوت تجارية في اليمن. ودعا المترب في تعقيبه على المشاركين في المنتدى إلى قراءة القانون، مؤكدا أن المفهوم من القانون لا يتعدى 10%، معتبرا ذلك شيء معيب في القانون. يحيى الأسطى أحد المشاركين في المنتدى أشاد من جهته بقانون ضريبة المبيعات، واعتبر أجمل ما جاء في القانون أنه وحد ضريبة المبيعات وحددها ب 5% على جميع السلع، كما أنه ألغى الإعفاءات. وأكد أن القانون لايتطلب سجلات معقدة ولا يطلب محاسب قانوني كما أنه ينظم القطاع التجاري، مشيرا إلى أن هناك شمولية لدى التجار اليمنيين فالتاجر اليمني هو المستورد وهو الذي يبيع بالجملة كما أنه هو الذي يبيع بالتجزئة. يحيى الشامي - عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني - من جهته تساءل عن إدارة الدولة للضرائب التي تأخذها من الناس وهل تذهب للأغراض المقصودة منها أو تذهب باتجاه آخر وتزيد الأغنياء عنا؟. مشيرا إلى أن المواطن العادي يدرك أن من يعين في وظيفة مسئولة في مكان ما صار يثرى ثراء فاحشا. وأكد أن "مشكلة ضريبة المبيعات أكبر من مشكلة آلية تنفيذ القانون فأنا كمواطن أشكو أن ما تحصده الدولة لا يعرف أن يكون مصيره". وأضاف: "في البلدان الرأسمالية تصل ضريبة المبيعات أحيانا إلى 90% لكن جمهور المستهلكين لايترددون في دفعها، لأنهم يدركون أنها ستعود عليهم، فهناك ضمان اجتماعي وهناك خدمات صحية وتعليمية لكن في بلادنا الأمر مختلف". وأكد الشامي أن الضغوط التي تتعرض لها مصلحة الضرائب هي من قبل "التماسيح في هذا البلد التي تنتظر أي نسبة من هذه الضريبة". واعتبر الشامي أن موضوع ضريبة المبيعات موضوع سياسي من الدرجة الأولى، فالمواطن يتساءل عن مصير المبالغ الضريبية التي يدفعها، خصوصا وأن هناك صفقات فساد كبيرة كان أكبرها صفقة بيع الغاز المسال. من جهته أكد الدكتور عبدالجليل الصوفي أن مشكلة ضريبة المبيعات تكمن في طريقة إدارة الدولة لموارد هذه الضريبة، مؤكدا أن موارد الدولة المالية تدار بطريقة غير كفؤة. وقال: يجب أن نسأل الحكومة عن إهدار الأموال من موارد استراتيجية مثل الغاز، لذا فإن أمام الحكومة تحدي كبير في إدارة الموارد المالية في المستقبل لأن المستقبل ينبئ بمشاكل مالية كبيرة ونحن نتخوف كموظفي دولة أن يأتي اليوم الذي لا نتقاضى فيه رواتبنا. الصوفي دعا في مداخلته إلى الاستغناء عن الموظفين القائمين على إدارة موارد الدولة أو الإحلال بدلا عنهم كما فعلت ماليزيا. وأضاف: " أنا مع ضريبة المبيعات لكن هل هذا القانون إذا طبق ستتمكن الدولة من إدارة مواردها إدارة سليمة؟". إلى ذلك قال عبدالقادر سلام الدبعي إن المواطن هو المتضرر من تطبيق ضريبة المبيعات أو ضريبة الدخل، داعيا الدولة إلى أخذ ضريبة على أرباح التجار. وأكد الدبعي أن مصلحة الضرائب مازالت بدائية، داعيا إلى تخصيص شرطة خاصة بالضريبة وكذا محاكم ونيابات خاصة بها باعتبار أن جرائم التهرب الضريبي هي من أكبر الجرائم لدى الدول المتقدمة. واعتبر الدبعي أن إشكالية اليمن هي إشكالية نظام وقانون، فمشكلتنا في الضرائب هي عدم وجود دولة تلتزم بالنظام والقانون. وأكد على أهمية الضرائب بالنسبة للدولة، وقال: "إنها يمكن أن تكون أفضل من الثروات الأخرى"، لكنه في الوقت ذاته عبر عن أسفه في أن هذه الضريبة لا تفرض إلا على أناس محددين، مؤكدا أن هناك مئات المليارات لا تورد إلى خزينة الدولة. إلى ذلك تساءل الأستاذ عبدالقوي القيسي مدير المنتدى عن الضمانات التي لدى المصلحة عن عدم إضافة ضريبة المبيعات على المواطنين، وهل تم وضع خارطة لتوزيع هذه الضريبة على القطاعات الخدمية؟. وأضاف: واضح أن هناك جوانب سلبية وهناك جوانب إيجابية، لكن الموضوع متعلق ببداية التنفيذ كونه سيبين جوانب الخلل وجوانب الصواب.