قال الله تعالي " كل امرئ بما كسب رهين " ,وقال كذلك " ولا تزروا وازرة وزر أخرى " أن الله يحاسب كل إنسان علي أعماله ولا يحاسب أحدا علي أعمال غيرة فلماذا نحن البشر نحاسب بعضنا بعضا علي أفعال الآخرين؟. كثيرا من الأسر يرتكب احد أفرادها الأخطاء الإجرامية بمختلف أنواعها سواء أكان احد المقربين جدا للعائلة أو احد أفرادها من الدرجة الثانية أو حتى الثالثة. ورغم محاسبة القانون والدين للشخص الذي ارتكب الجرم إلا أن المجتمع لا يرحم عائلة هذا الشخص ويحاسبهم طوال عمرهم وكأنهم كانوا مشاركين فيه. حصلت حالات عديدة في غزة بسبب وجود احد أفراد العائلة الذي أجرم بحق نفسه وحق عائلته قبل حق المجتمع مما تسبب في كره المجتمع لهم وان لم يكن بشكل واضح وصريح إلا أن هذا الكره قد يظهر في بعض المواقف المجتمعية المختلفة. هنا نعرض جانبا من المشاكل المجتمعية التي تعرضت لها بعض الأسر بسبب وجود احد أفراد العائلة الذي ارتكب جرما ما سواء كان هذا الجرم كبيرا أو صغيرا بنظر المجتمع والقانون. م.ه فتاه جميلة لم تتجاوز بعد منتصف العشرينيات من العمر تقول "عمي قتل بتهمة العمالة , والله وحده يعلم هل هذه التهمة حقيقية أم لا فلم يتم إثبات أي شي علية, فقط قتل وقيل السبب انه يخابر المخابرات الإسرائيلية ". وتكمل " بعد قتله عانينا كثيرا حيث أصبحنا نتعامل وكأننا جميعا متهمون ولكن بعد فترة لم يعد فترة تحسن وضعنا وخاصة بعد توزيع بيان تتبرآ فيه العائلة من عمي وفعلته " وتتابع "ولان بعد أن مر علي قتل عمي 15عاما وأصبحت في سن الزواج, كل من يتقدم لي بعد أن يكون قد اقتنع بشكلي وأخلاقي ينهي فكرة الارتباط بعد أن يعلم أن عمي قتل علي خلفية العمالة " تقول بحزن "يعاملونني وكأنني متهمة , حيث أن جميع خواتي وأخوتي تزوجوا من العائلة لأنهم عانوا كذلك من نفس الأمر ,كل من يتقدم لخطبتهن ينهي فكرة الزواج لمجرد إن يعلم بأن عمي عميل حتى أخوتي رفضت العائلات في غزة أن تزوجهم أحدى بناتهم لنفس السبب " وجاء في تقرير صدر عن جهاز الداخلية في حكومة غزة قبل عدة أيام أن عدد العملاء المعتقلين و الذي أشيع في بعض الصحف غير صحيح وان ما تم اعتقالهم عدد قليل في قطاع غزة"مبيناً أن نتائج أعداد "العملاء التائبين" كانت مرضيةً لهم . حيث أعلنت وزارة الداخلية قبل فترة عن فتح باب التوبة للعملاء داخل قطاع غزة وبعد انتهاء هذه المدة خرجت الوزارة بتقرير صادر عنها لتتحدث عن أخر ما توصلت له بعد هذه الفترة. وقد نوهت في تقريرها إلى استغلال المخابرات الإسرائيلية للحصار المفروض على قطاع غزة وحاجات الناس في إسقاط العملاء، مضيفاً:"ستبقى هناك بعض الاحتياجات للناس وسيبقى بعض أصحاب النفوس المريضة، الذين من الممكن تجاوبهم مع المخابرات " ولقد تم رفض الإفصاح عن العدد الكلي للعملاء الذين تم ضبطهم بعد انتهاء حملة باب التوبة في العاشر من تموز/ يوليو، ونوه التقرير في السياق ذاته أن العدد الذي تم ضبطه بعد انتهاء تلك الحملة كان بسيطاً. لم يختلف حال "مهند .و" كثيرا عن حال ( م.ه) والذي هو الأخر لم يستطع الارتباط بالفتاة التي أحبها لنفس السبب رغم انه شاب ,وفي مجتمعنا الغزي الشاب له وضع مختلف عن وضع الفتاه . ليقول لنا " تعرفت خلال عملي علي زميلة لي وهي علي قدر من الجمال والأخلاق وبصراحة أحببتها من قلبي ,وقررت بعد شهور الزواج بها ". ويستطرد في حديثة "المفاجئة كانت عند رفض أهل الفتاه لي ,مع أنني اعمل ولي شقة جاهزة ولا ينقصها أي شيء ,وأخبرتني أن أهلها لا يروني مناسبا لان عمي قبل 10 سنوات قتل لاتهامه بالعمالة". يتساءل بمرارة"ما ذنبي أنا أن احرم أن أتزوج وأن أعيش مع من أحببت وكيف أحاسب على ذنب ارتكبه عمي, وتم القصاص منه لارتكابه هذا الجرم, وحتى ما ذنب من أحبتني حتى تحرم مني لذنب ارتكبه عمي " يتابع" حاولت كثيرا أن أرسل عدد من الشيوخ والجاهات حتى يقنعوا العائلة ألا أن ذلك كان بدون فائدة ,وبعد عدة محولات أعلن والدها أنها مخطوبه لابن خالها حتى اقطع الأمل " يتنهد تنهيدة طويلة ويقول "وبالفعل تزوجت في اقل من أسبوعين ولم تستطع أن ترفض بسبب ضغط العائلة عليها ,وحاليا خطبت قريبة لي حتى لا يتكرر نفس الأمر مرة أخري " أخي أضاع كل شيء " ضاع كل ما بنيناه خلال سنين لم يبقي لنا شيء" هكذا وصف ع.خ حالهم بعد الجريمة التي ارتكبها أخ له ولم يحسب حساب احد . حيث أقامة علاقة محرمة مع احد النساء المتزوجات وكانت جارة له لم يهتم لسمعته أو سمعت عائلته أو حتى أطفاله وزوجته. ويكمل ع "لقد تم ألقاء القبض علي أخي وهو متلبس بجريمة الزنا في بيت احد الجيران وتم حجزه هو السيدة التي مسكت معه,وبعد فضح الموضوع هاجموا أهل المرأة بيت أخي ومنازلنا كذلك وتم تشريد كل العائلة وأجبرونا علي بيع بيت أخي بثمن بخس ورخيص ". ويكمل "لم يكتفوا في ذلك بل أيضا هاجوا محلاتنا نحن أخوته وقاموا بتكسير ممتلكاتنا وسرقتها وأجبرونا علي دفع فدية بمبلغ كبير جدا إلي زوج السيدة المغدور ": ويقول " لم تكن تبيعات هذه الجريمة فقط علي عائلتنا بل كذلك طالت عائلة المرأة حيث تم تطليقها وتطليق خالتها التي تكون زوجت سلفها وبذلك شردت عائلتها وعائلة خالتها ". ويتساءل في الخاتم إلي متى سيبقي المجتمع والعائلية تحاسب علي جرم لم يرتكبه إلي شخص واحد في العائلة ,وحاليا أخي مهدد بالقتل بعد خروجه من السجن وكأنه هو فقط من ارتكب الجريمة والمرأة لم ترتكب أي شيء. لم اسرق أنا "إذا كان أخي سرق ما ذنبي حتى لا استطيع أن اشتري شقة في برج؟ "هذا ما بدا به سامي 32 سنة حيث توجه إلي احد الأبراج السكنية في غزة لشراء شقة له حتى يعيش فيها هو وزوجته وأولاده . فوجئ برفض مالك البرج أن يبيعه الشقة أو حتى أن يستأجر احد الشقق وعن السؤال عن السبب رد علية بسبب أخيك . ويقول سامي " صحيح أن أخي محبوس بتهمة السرقة لكني ليس لي أي ذنب فأخي بقي علي انتهاء فترة حبسه شهر,حيث تلقي جزاء ما اقترفت يداه من جرم ". ويكمل سامي " ليس لي ذنب بأنه سرق ,لقد تم طردي بعد حبس أخي مباشرة من الشقة التي كنت استأجرها ,ومن ثم حاولت أن استأجر شقة أخري بدون فائدة, الجميع يرفض أن استأجر عندهم , فقررت أن اشتري شقة فأخذت قرض علي راتبي وكذلك راتب زوجتي وبدأت ابحث عن شقة حتى امتلكها ,إلا أن العديد من مالكي الشقق رفضوا أن يبيعوني بسبب قضية أخي ". يقول بمرارة " أحيانا اعذر المجتمع وأحينا لا أجد سببا لهذا الأمر, إذا كان الله لا يحاسبني علي فعلة أخي فلماذا المجتمع يحاسبني , استطعت في الختام أن اشتري شقة عند احد أقارب زوجتي واشترط علينا أن لا يزورنا أخي بعد أن يخرج من السجن " ويتساءل في الختام إذا كان هو قد حدث له كل هذا بسبب أخيه فكيف حال أخيه عند خروجه من السجن؟ وهل أن المجتمع سينسي له فعلته؟ أم ستبقي تلاحقه هذا الفعلة بقية حياته.؟ سلمنا أخي ولم نسلم نحن "بعد أن ارتكب أخي جريمة القتل انقلبت كل حياتي وحياة عائلتي " هذا ما يقوله حاتم.ح, حيث أن له أخ ارتكب جريمة قتل بسبب خلاف بينه وبين احد الأشخاص حول مبلغ من المال. يتابع حاتم " بعد أن قتل أخي ذلك الشخص انقلبت حياتنا رأسا علي عقب ومع إقراري بجسامة الجريمة التي اقترفها أخي ولكن ليس هكذا يحاسبنا المجتمع, ما ذنب العائلة كلها؟ " ثم يذكر حاتم ما حصل لهم "تم تشريد عائلتنا وإيقافي عن العمل, واخذ زوجتي مني بعد مرور اقل من شهر علي زواجي منها". ويكمل " فأهلها اعتبروني أخا لقاتل و ولهذا بنظرهم لا يجب أن تبقي زوجتي معي خوفا علي سمعة إخوتها وخواتها وطلبوا مني أن أطلقها وحتى ألان لم افعل ذلك " يقول "خواتي لم يسلموا حيث تم تحريد اثنتين وتطليق الثالثة, وكأنهم هم الذين أجرموا وليس أخي ,والحمد الله أن إخوتي متزوجون من قريبات لنا لم يطالب بهم احد " وينهي حديثه بالقول "يجب أن يتم تغيير هذه العادات والتقاليد الباليه وان تتغير عقلية المجتمع لان من قتل هو من يجب أن يعاقب وليس أفراد عائلته , نحن سلمنا أخي للشرطة فلماذا يحدث لنا كل ذلك؟ ". هذه بعض النماذج التي تعاني في مجتمعنا من ذنب لم تقترفه أيدهم بل اقترفه احد أقاربهم, ويوجد الكثير منهم ممن لم نستطع أن نتواصل معهم وغيرهم تشابهت قصصهم مع ما ذكرناه. لنترك لكم انتم قرائنا الكرام فرصة تغيير المجتمع, لأنه احد معصوم من الخطأ فلو وضع كل إنسان نفسه مكان احد هؤلاء الأشخاص لتغير الحال.