كان حمود يسأل نفسه يومياً – بعد عناء العمل في مزرعته الخضراء على سفوح قريته الجميلة – متى سترتاح يا حمود ؟؟؟!!! وكان هذا الشعور لا يفارقه أبداً فيكرر متى سترتاح يا حمود ؟؟؟!!! ويزيد هماً وغماً عندما تصعب الإجابة ... وذات يوم سمع حمود أن تاجر القرية قد جلب جهازاً غريباً عجيباً أسمه " تلفزيون " فقرر الذهاب مع الذاهبين إلى بيت التاجر ليرى التلفزيون وتكررت هذه الزيارة وكان دائماً يسأل نفسه وهو في طريقه إلى بيت التاجر متى سترتاح يا حمود؟؟ وفي إحدى الليالي لفت نظر حمود شخص في التلفزيون يضحك ويلعب وتبدو عليه علامات سعادة لا متناهية فتمنى حمود أن يكون مثله ، وسأل نفسه بماذا يتميز عني هذا الرجل ؟ وبماذا يفضلني ؟ ولمّا أدرك بماذا، تمتم قائلاً لا بد أن أعمل مثله ... نعم سأعمل مثله ... وفي الليلة التالية حضر حمود إلى بيت التاجر وقد حلق الشنب " الشوارب " واللحية ولبس سروالاً ضيقاً وصفف شعره بطريقة غريبة . فلم يستمتع الحاضرون بليلتهم مع التلفاز حيث كان منظر حمود أكثر متعة وتسابق السمار في مرثون ضحك جعل حمود يغادر المكان ويرحل إلى المدينة قبل أن يرحل الظلام عن قريته. وفي المدينة كان أكثر ما يتعب حمود ويجهده تعهد شعره بالحلاقة المستمرة والترتيب فتمنى لو كان حلاقاً وبعد محاولات عديدة أصبح حمود أشهر حلاق في المدينة مما جعل سائق الوزير زبوناً دائماً لديه ... فتمنى حمود أن يعمل لدى الوزير ليكون سعيداً مثل السائق فوثق علاقته بالسائق وبالفعل أثمرت العلاقة وحصل حمود على عمل في بيت الوزير لكنه لم يجد السعادة وعرف أيضاً أن السائق ليس سعيداً كما كان يبدو ولا يوجد في بيت الوزير أي سعيد غير الوزير – الوزير سعيد فقط. وبعد سنوات تقرّب حمود من الوزير وأطلع على كثير من أحواله ليكتشف أن الوزير ليس إلا أداة في يد زوجته المسيطرة وهو عامل تعيس مثله مثل حمود والسائق لدى الوزير الحقيقي " الزوجة " بعد تلك السنوات أدرك حمود أن سر تعاسته أنه خلق رجلاً ولو كان امرأة لتزوج بأحد الأثرياء وعاش سعيداً كزوجة الوزير . لم يدم هذا الاعتقاد طويلاً ففي أحد الأيام سمع حمود زوجة الوزير تبكي وتندب حظها السيئ العاثر لأنها تزوجت هذا الذي جعلها حبيسة الجدران مقيدة الحرية ، تتمنى أن يعود الزمان بها إلى أيام حياتها في بيت أبيها وفي قريتها الخضراء تقضي جلّ يومها بين الزرع الأخضر والماء الجاري والهواء النقي تستمتع بصوت العصافير وأغاني الرعاة. فتنهد حمود وتغير لونه وعادت به الذكريات إلى مرزعته الخضراء وقريته الجميلة ، فقرر العودة إلى قريته في اليوم التالي ولما وصل إلى مشارف القرية سمع راعياً يغني سافر حمود من البلاد هارب خوفي عليه يرجع بلا حواجب لما يذوق الويل و المتاعب شايبكي على اللحية على الشوارب والعز بدين الله كريم واهب من يدي حق الله يعيش كاسب