لن نشكركم..!!    مأرب تفشل مساعي عدن لتضييق الخناق على الحوثيين    سقوط الأقنعة: إسرائيل وأمريكا قتلوا رفيق الحرير وحملوا سوريا وحزب الله الجريمة    مليشيا الحوثي تعلن عن ''حج سياسي'' وتوجيه رسالة للسعودية    البعداني يختار منتخب اليمن للمشاركة في غرب آسيا للشباب ( الأسماء)    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    اليمن يفرط بالفوز على البحرين    تأهل تاريخي لفلسطين في تصفيات المونديال    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    الإطاحة ب''سارق خطير'' بعد هروبه بها إلى مدينة أخرى شرقي اليمن    إلى سلطان عمان.. ''خنجرُ ابنِ العمِّ لابنِ العمِّ أذبح''!    القاص العمراني يروي ''مفاجآت ليلة ممطرة''    مواطن يقدم على ارتكاب جريمة قتل بحق ابنه الوحيد وزوجته بسبب إصرارهما على شراء سيارة    قيادي حوثي منشق يفجر مفاجأة صادمة ويكشف ما وراء حكم الإعدام لرجل اعمال بصنعاء !    الحوثي يضيق الخناق على البنوك الخاصة بصنعاء ويتوعدها بهذا العقاب!    عامان ونصف مرا على الحرب في أوكرانيا.    تصريحات أمريكية مثيرة للجدل بشأن قرارات البنك المركزي اليمني في عدن بشأن العملة القديمة ووقف بنوك صنعاء!    حرب حوثية إخوانية على الجنوب.. دحرها أولوية المرحلة    ضغط أوروبي على المجلس الانتقالي لتوريد إيرادات الدولة في عدن إلى البنك المركزي    باحث سياسي فرنسي يبدي إهتماما بقضية شعب الجنوب في المحافل الدولية    جنوبيون فاشلون يركبون موجة: "كل الشعب قومية"... ومالها إلآ علي    قيادي إصلاحي كبير مسؤول بالشرعية يثير غضب اليمنيين.. هل يعتزم العودة لحضن السلالة الحوثية بصنعاء؟؟    ناشطون يطلقون حملة إنسانية لدعم بائعة البلس في الضالع    منتخب مصر يواصل انتصاراته بتصفيات كأس العالم    إلى سلطان عمان.. "خنجرُ ابنِ العمِّ لابنِ العمِّ أذبح"!    كيف نجحت المليشيات الحوثية في جذب العملة القديمة إليها؟ خبير اقتصادي يوضح التفاصيل!    مقاطع فيديو لجريمة بصنعاء هزت اليمن .. والحكومة تطالب المجتمع الدولي بالتدخل "شاهد"    اليونيسف: أطفال غزة يعيشون كابوسا من هجمات متواصلة على مدى 8 أشهر    الإفراج عن العراسي ونجل القاضي قطران يوضح    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    رئيس اتحاد كرة القدم بمحافظة إب الأستاذ عبدالرحيم الخشعي يتحدث عن دوري الدرجة الثالثة    تصفيات اسيا للمونديال .. الاردن تتأهل للدور الحاسم    زيدان ... أفتقد التدريب    السعودية: غدا الجمعة غرة ذي الحجة والوقوف بعرفة في 15 يونيو    المنتخب الوطني الأول يتعادل مع البحرين في تصفيات آسيا وكأس العالم    الزكري ينال الماجستير بامتياز عن رسالته حول الاستدامة المالية وتأثيرها على أداء المنظمات    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    وزارة النقل توجه بنقل إيرادات الخطوط الجوية اليمنية إلى حساباتها المعتمدة في عدن والخارج مميز    الحكومة اليمنية تدين تعذيب 7يمنيين بعد دخولهم الأراضي العُمانية مميز    الشرعية تؤكد تعذيب الجيش العماني لسبعة يمنيين!!    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    الوزير الزعوري يدعو المنظمات الدولية لدعم الحكومة في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لكبار السن    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    خراب    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنطباعات من أرض الواقع 2- 3 .. مصر سيدة الثورات العربية
نشر في شهارة نت يوم 22 - 10 - 2011

يقال بأن الانطباع الأول هو الإنطباع الأخير وبما أن الإنطباعات تختلف من إنسان إلى آخر بحسب تجاربه وخبراته السابقة وظروفه الراهنة وأيضاً تطلعاته المستقبلية فإن الإنطباع الأول بالنسبة لي عند وصولي مطار القاهرة كان عبارة عن ترقب لما سيحدث لي شخصياً مع ضابط الجوازات المصري الذي خضت معه تجارب سابقة في هذا المضمار والذي من خلاله أستطيع أن أضع قياسات أولية لإنطباعاتي الشخصية عن إنجازات الثورة المصرية.
كنت من رواد بلاد الكنانة العزيزة إلى قلبي إنسانياً وعروبياً وثقافياً وفنياً دون انقطاع لما يحظى به هذا البلد العظيم من مكانة عظيمة في نفسي ماحييت رغم ماكنت أواجهه في كل مرة أصل فيها إلى مطار القاهرة بإستثناء الزيارات الرسمية من إهانة وقلة قيمة. كان يتم التعامل معي كإنسان غير مرغوب به ، على الأقل هكذا كان إحساسي خلال المدة التي يتم إهمالي فيها لأكثر من ساعة في صالة ليست للإنتظار بعد مصادرة جوازي من قبل ضابط الجوازات الذي كان يعاملني بطريقة فجة وغليظة بينما يسمح لبقية خلق الله أمام ناظري من الأروبيين والأمريكان والإسرائليين وغيرهم من قاطني الجزيرة العربية المرور البالمرور بكل إحترام وتقدير.
دام الحال كذلك حتى بدأت حالات الإختطاف للعديد من السياسيين اليمنيين المعارضين للنظام اليمني من القاهرة الذين كان ينتهي ببعضهم الحال إلى يدي علي عبدالله صالح أو في زنازين الأمن السياسي اليمني أوغيرها من سجون العالم. فتوقفت عن السفر إلى مصر بل وبقية الدول العربية منذ عام 2003 إلى أن أتت هذه الرحلة التي قمت بها في نهاية شهر سبتمبر الماضي بعد دعوتي رسمياً لحضور مؤتمر الصحوة الإسلامية في طهران وهذا ما جعلني أمر بكل من سوريا ومصر بعد الإطمئنان إلى الإنتصار المبدئي للثورة العربية.
دائماً يشكل مطار أي بلد بالنسبة لي على الأقل العنوان الرئيسي لما بعد المطار والحقيقة أني تفاجأت بضخامة العمران في مطار القاهرة الذي لم يكن موجوداً في بدايات العقد الأول من هذا القرن حيث رأيت صالات ضخمة جديدة ومبان مختلفة واسعة وحتى مساحة المطار أصبحت كبيرة جداً بما لا يقارن بما كانت عليه. بيد أن المعيار بالنسبة لي ليست في المباني أو في الشكل كما هو الحال بالنسبة لكثير من خلق الله بل في طبيعة الإستقبال وتعامل أول موظف رسمي تواجهه ومن ثم التغير في عقليات البشر وليس بالمكعبات الإسمنتية أو الحجرية ، لأن تغير الشكل او الواجهات مسألة حتمية بفعل التطور والتوسع العمراني لاسيما بهدف التمدد الرأسمالي لطبقة الأغنياء على حساب الطبقات الشعبية الفقيرة التي صار حالها أسوأ خلال الحقبة السابقة على مستوى العالم أما على مستوى مصر فيكفي النظر إلى مساكن وأهالي العشوائيات في وسط القاهرة.
وصلت إلى ضابط الجوازات وقلبي يرجف خوفاً وقلقاً من مواجهة أي صدمة قد تطيح بكل أحلامي وآمالي في إنتصار ثورتي المصرية التي أعتبرها سيدة الثورات العربية لاسيما وقد قمت بربط المواجهة بيني وبين ضابط الجوازات على بساطة وربما سذاجة هذا الربط بإنتصار الثورة المصرية كأساس للثورات العربية كلها. إلا أن هذا الربط البسيط والساذج بالنسبة لي يقع في أعلى رتبه من مراتب التعبير عن حقائق التغيير لاسيما من ناحية سبر أغوار إنتصار الثورة المصرية الرائدة.
عندما أتى دوري سلمت جوازي إلى ضابط الجوازات وأنا مسكون بالقلق والترقب ، وماهي إلا ثوان بعد تقليب صفحات الجواز حتى طبع الجواز بأختامه الكبيرة وبصوت مسموع - طبق طبق .. طباق - وناولني إياه مشيراً إلي بكل أدب بالمرور ، في هذه اللحظة لم تتمالك عيني حتى أغرورقت بالدموع ووسط ذهول شديد غير آبه بمن حولي ، وكأني فقت لتوي من كابوس مرعب وبأعلى صوتي هتفت - تحيا مصر ... تحيا مصر – فالتفت إلي الضابط مبتسماً وكأنه كان على موعد سابق لهذا الإمتحان ليوافقني على إنتصارنا جميعاً بإنتصار سيدة الثورات العربية.
لم تكن مصر كما عهدتها في السابق ، لقد تغيرت كما تغير (أشرف) أحد أصدقائي المصريين ، الذي أعرفه منذ أن كان والده مدرساً في اليمن في السبعينيات ، حيث أتى لزيارتي عندما هاتفته بالتلفون. عرفت أشرف كالصديق الذي ليس له في السياسة كما يقولون بل كأنه لا يعرف حتى أبجدياتها ولو أني سألته في السابق عن إسم الرئيس المصري ربما لأجابني بأنه لا يعرف. بيد أنه قد فاجأني هذه المرة بحضور لم أتوقعه أو أتصوره على الإطلاق فقد أصبح بليغاً ومخضرماً وخبيراً سياسياً من الطراز الأول ، حدثني عن كل ما يتعلق بالثورة المصرية والعربية والقضايا الإقتصادية والسياسية والإجتماعية وغيرها لكأني أعرفه لأول مرة ، مما أضطرني إلى سؤاله عمّا جرى له وما هي الأسباب وراء هذا التغير في شخصيته. فاجاب: "في السابق لم أكن أجد أي فائدة من الكلام لأني لم أكن أرى بصيص أمل في نهاية النفق ، أما الآن ورغم كل الإحباطات التي ما تزال تؤثر في الناس إلا أننا نرى الضوء في نهاية النفق". وأضاف "صحيح أن المشوار مايزال طويلاً ولكن جدار الخوف العازل قد تهدم ولم يتبق إلا السير بثبات على طريق التغيير".
وهذا يعني أن الثورات العربية قد تجاوزت الخطوة الأولى بيد أنها ما تزال تزحف في النفق ، وهو نفق طويل أيضاً ، وأن الغرب وعلى رأسه قوى الإستكبار والتسلط جادون في إستعادة مقاليد الأمور إليهم التي فقدوا بعضها بفعل الثورات العربية ولو إستخدموا في سبيل ذلك طرق الغزو على أحصنة نوبل بن طروادة للسلام ، بل أننا نراهم قد حققوا الكثير من خلال الركوب على موجة الثورات العربية كما نرى في ليبيا واليمن والبحرين ومصر بالذات التي يعول عليها قيادة الأمة العربية والتي ما تزال تدار بعقلية نظام مبارك رغم ثورة شعبها العظيم ، العقلية التي قد تختزلها من فرط هشاشتها يافطات مكدونالد والبورصة وغيرها من العناوين اللاتينية المقلدة المكتوبة باللغة العربية وهي تعتلي واجهات المباني وأرصفة الشوارع المصرية وما فاجعة ماسبيرو الدموية الأخيرة إلا أكبر دليل على أن النفق ما يزال طويلاً ومملاً ودموياً وأن أعداء الثورة مايزالون يسرحون ويمرحون ويعبثون رغم أن بعض قاداتهم في السجون. كما لا ينبغي لنا أن لا نتجاوز بديهة أن المجلس العسكري الأعلى الحاكم في مصر اليوم مايزال تحت وطأة الضغوط الخارجية ولم يتحرر كليةً من تأثير نفوذ النظام السابق ، وكذلك هي الحال في تونس.
من نافل القول أن من سيطروا على عالمنا العربي لقرون طويلة ونهبوا بشره وأرضه وثراوته وثقافته لا يمكن أن يتنازلوا ويسلموا لنا بمجرد أننا قمنا بثورة خاطفه هنا أو هناك. علينا أن ندرك بأن الإنتصار لإستعادة السيادة والريادة ليس بهذه البساطة لأن الإنتصار الكامل لن يتأتى إلا وقد حررنا العقول والقلوب المتكلسة بركام الأصفاد الثقافية المستوردة الصدئة التي غزت ثقافتنا بأسماء وقوالب ومصطلحات جوفاء كمنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية التي لم تنجز استحقاقاتها في الغرب نفسه علاوة على أنها أوصلت مجتمعاته إلى طريق مسدود.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.