حسين حسن ابن عبيدالله السقاف كنت أرغب في نقل نصيحتي إلى المعنيين بالأمر مباشرة بدلا عن الكتابة ؛ غير أنهم كما بدا لي كانوا يُخضعون أنفسهم لبرنامج حجرٍ ذاتي ؛ فقد بحت أجراس هواتفهم دون مجيب لرنات هاتفي ؛ لذلك جاء موضوعي متأخراً بعض الشيء . لعليَ مثل الكثير ممن يعتبر شباب الحراك الجنوبي شوكة الأمة التي تدافع بها عن ذاتها؛ غير أن البعض أصبح اليوم يتخوف من أن تنغرس هذه شوكة في خاصرة الأمة, بسبب تصرفات بعض قيادات الحراك التي تحاول شخصنة وتسخير هذه الطاقات الشابة لمصلحتها طمعا في الوجاهة والمضاربة بهذه الحماسة الوطنية. هذه الطاقة هي ما يتميز بها الحراكيون عن بقية التيارات السياسية التي تلوث غالبيتها في رحلتها اللاهثة خلف المشاريع الصغيرة وخلف حالات الاقتران والطلاق مع السلطة . ما يحز في النفس إننا نرى بعض هذه الزعامات –تسعى إلى الزج بشبابنا في متاهات وأعمال لا تتفق مع ارثنا الحضاري والأخلاقي ؛ حتى إن البعض يرى ان إحراق بسطة لبائع شمالي بسيط تتبلغ بها أسرته يعد نضالاً. تعيد هذه الزعامات إلى أذهاننا صورة مشايخ الحرب في أفغانستان. فهم يتصارعون فيما بينهم بشكل مستمر.لذلك فإننا نجد الشباب يتشكلون ويتفرقون بشكل مستمر كما تُفرق خلايا النحل ليقال لهم بعد ذلك حراك زيد وحراك عمر ، وتسود بعض هذه القيادات روح الاقصائية للآخرين ناهيك عن أنهم يقومون بتزييف الحقائق للشباب ، لقد كذبوا عليهم عند ما قالوا لهم: بأن الاجتماع الذي سيعقد في منتجعالماهر سيحضره أنيس حسن يحي! ما هي علاقة المجتمعين بذلك الشخص؟ وقالوا لهم أيضاً بان صلاح با تيس وجمعيته هي من تمول ذلك الاجتماع وانه – أي صلاح- موجود بين المجتمعين. وان أحد كبار المسئولين جاء لرعاية الاجتماع ما هي دوافع كل ذلك؟ فليعلم هؤلا بأن البلد للجميع ومن حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه شريطة عدم الإضرار بالآخرين وليعلموا بأن الصدق يهدي إلى البر وان الكذب يهدي إلى الفجور و لا يهدي إلى تحرر الأوطان وان الأهداف النبيلة لا يتم الوصول إليها إلا بمسالك نبيلة أما الكذب فهو مطية الشيطان الذي لا يقدم خيراً. عند ما اندلعت ثورة التغيير في اليمن عموما وفي حضرموت خصوصا تولد لدى الناس أملٌ في إصلاح مسار الوحدة وكبت الجنوبيون رغبتهم في الانفصال وكان الناس يهتفون بإسقاط النظام غير أن عناصر حزب الإصلاح سيطروا بامكنياتهم على ساحات التغيير ليقودوها بأنفسهم وليقصوا من جاء قبلهم إلى تلك الساحات؛ فدفع الاصطلاحيون بصبيانهم إلى الساحات لمضايقة التغييرين ممن لا ينتمون إليهم فتركت لهم الساحات. وماذا كانت النتيجة ؟ لقد عمل الاصطلاحيون بدلا عن إسقاط النظام إلى الإسقاط الجزئي للرئيس وإبقاء عصابة الأحمر فكان من نتيجة ذلك إجهاض الثورة لتترسخ بعد ذلك كل المفاسد التي كانت ويضاف إليها تدهور الحالة التموينية والأمنية. كل ذلك جعل الجنوبيين في الحادي والعشرين من فبراير الماضي يعبرون عن رغبتهم بفك الارتباط في تلك الانتخابات الرئاسية المبكرة التي حولوها إلى استفتاء أعلنوا فيه بشكل شبه جماعي عن هذه الإرادة. أعلمُ جيدا ان المشكلة التي منعت الاجتماع المقررعقده لمناقشة قرارات المؤتمر الجنوبي الأول المنعقد في القاهرة في منتجع الماهر بوادي حضرموت لا تكمن في الفيدرالية التي يدَّعونها باطلاً ولكن المشكلة تكمن في ان أحد رفاق الأخ المناضل عبد المجيد وحدين في مجلس الحراك في المكلا قد طلب من أتباعه في وادي حضرموت اصطناع تلك الفوضى ليتسوروا جدران المنتجعلإفشال ذلك الاجتماع ..ليس ثمة دافع غير الحسد والغيرة وكراهية الاعتدال ؛ وقد توقعت ذلك قبل حدوثه بليلة وأخبرت به الأخ وحدين ؛ لقد قاموا يومها حتى بانتزاع علم الجنوب من المنصة ومزقوه وألقوا به أرضاً لتنسيهم حماقتهم انه رمز نضالهم . ولعل هذه الحادثة تذكرنا بحادثة مشابهة أتت لتجهض محاولة أيضاً بدت جادة كانت هذه في السنة الماضية لو قدر لهذه المحاولة النجاح لما كنا في ما نحن فيه من التشرذم ؛ كانت هذه عند ما أوعز بعض قيادة مجلس حضرموت الأهلي في المكلا لشخصين في قيادة حزب الإصلاح بالوادي بإفشال ذلك اللقاء الموسع الذي دعاء إليه وحضره رئيس المجلس للم شمل المحافظة وقد نجحا المذكوران في إفشال ذلك اللقاء بمساعدة المتطرفين من حزبهما. وقد انفض المجتمعون وهم يعضون على بنان الندم لضياع فرصتهم في توحيد كلمتهم. لذلك فإنني أنصح الجميع بالبعد عن السذاجة والتبصر في من يختلطون بهم حتى لا يقعون مجدداً في شراك الفت في عضد الأمة وتفريق كلمتها. إنني أتساءل هنا: أي وطن ستحرره الأحقاد والأكاذيب والعصبيات. ولا أظن أهل حضرموت والجنوب عامة سيسمحون بعودة الإرهاب الفكري الذي عانوا من ويلاته طويلا . إن ثمة انقسامات بين الفرقا فليس من الحكمة استغلال الشباب البريء في تسوية هذه النزاعات ؛ كما ان تخوين زملاء درب النضال أمرٌ عظيم وبالغ الخطورة على مستقبل ونتائج ذلك النضال؛ لذلك فأنني أنصح من يتلفظ بذلك أن ينظر – في ساعة صدق- إلى نفسه قبل أن يتهم غيره؛ لعله يكون الأولى بهذه النعوت التي تذكرنا بتلك الفتوى المشؤمة التي أطلقها علماء السوء والفتنة في عام 1994م. يلزمني بهذا الصدد أن أقول بأنه كانت في قيادة الحراك بالوادي شخصية حكيمة متميزة لها ثقل اجتماعي و لها دور في إرساء الاعتدال غير أنه تم سحبها مؤخرا للعمل في قناة (عدن لايف) ! إزاء كل ما تقدم لا اخفي تساءلي: لماذا الحجر الفكري على الشباب ؟.لماذا تتم الحيلولة دون تثقيفهم وتوعيتهم؟ لماذا لا تلقى عليهم المحاضرات الوطنية والفكرية. بلا شك يبحث شباب الحراك لنفسه عن دور فاعل في بناء المجتمع وهذه طاقة جبارة ونافعة يجب توظيفها في مسارها الصحيح لحماية المجتمع مما يهدد أمنه وطمأنينته ليقدم الشباب تضحياتهم وليصنعوا نماذجاً رائعة في التضحية والفداء للوطن. فقبل شهرين من اليوم كانت فنادق مدن حضرموت تكتظ بنزلائها من قطاع الطرق واللصوص .كانوا أشبه بتلك النسور التي ترقب احتضار فريستها لتنقض عليها إنني أقدِر ما أسهم به حينها أبناؤنا في الحراك في الحراسات الليلية التي يحسب اللصوص والإرهابيون لها حساباً أكثر مما يحسبون للأجهزة الأمنية والعسكرية ؛ لذلك فقد عاد المتربصون بمدننا نتيجة تلك الحراسات إلى مناطقهم بخُفي حُنين. يقول المختصون في علم الاجتماع : (لا يوحد الجماعات والأمم إلا مكاسب كبيرة أو أخطار كبيرة). لا ينكر أحدٌ انه كان لتلك الحراسات أثرٌ كبير في ربط النسيج الاجتماعي لإبطال السياسة السابقة واللاحقة التي هدفت إلى تمزيق المجتمع باسم الصراع الطبقي أولاً والطائفية ثانياً. فعند ما تأتي علبة الشاي من ذلك المنزل ويفد العَشاءُ من المنزل الآخر وتأتي علبة الماء البارد من منزل ثالث قاصدة الشباب في نقطة حراستهم فان القلوب تختلط بالمحبة والرحمة. فأصبح سكان الحي يعرفون ويحبون بعضهم أكثر من ذي قبل. لقد بينت لنا الأيام وللأسف الشديد بأن جيشنا الذي يستأثر بجل مواردنا هو في الأساس يعمل لأفراد ولاتصل الوطن إلا أضراره بسبب انحراف ولاءاته ؛ وأن الأمن العام وغيره من الأجهزة التي كثرت أسماؤها وقلت بركتها هي أولى بحماية أفرادها الذين يذبحون يوميا في وضح النهار ولم يُحرك لهم ساكن وأن الدولة مشغولة بإرساء المناقصات وتوزيع الوظائف بدلا عن إرساء الأمن وعوضا عن تنظيف البلد أصبحت تقوم بتنظيف صندوق نظافة البلد. لذلك كله فانه يلزم شباب الحراك الطامحين والثائرين أن يثبتوا ذاتهم وحبهم لوطنهم من خلال تلك الحراسات في داخل المدن وفي خارجها على الطرق والمنافذ الرئيسية حتى لا يدخل حضرموت إلا من أراد بها خيراً . لتكون لشبابنا بذلك عينٌ لا تمسها النار لمبيتها حارسة في سبيل الله..ولما يحقق فيهم قوله صلى الله عليه وسلم خير الناس أنفعهم للناس. ربما حمل موضوعي بعض القسوة ولكنه في نهاية المطاف صادر عن مواطن يعول على دور الحراك السلمي في هذه المرحلة ويخشى أن تخرجه العصبيات عن سلميته وأب غيور يملؤه الود والتقدير ليشمل كل من تناولهم موضوعه. _______________